تأمل أوديل رينو-باسو رئيسة البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية إعادة تطبيق أهدافه بشأن الاستثمار المراعي للبيئة، والتعامل مع ملف المساواة في أماكن العمل في وقت تتعافى فيه الاقتصادات المتضررة جراء كوفيد. وفي مقابلة أجرتها معها "الفرنسية"، قبيل ترؤسها أول اجتماع سنوي للمصرف الأسبوع الجاري، سلطت رينو- باسو الضوء على الرقمنة السريعة لأماكن العمل التي تؤثر في مجالات استثمار المصرف. وتولت مديرة الخزانة الفرنسية سابقا رئاسة البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية في تشرين الثاني (نوفمبر) لتكون أول امرأة على رأس المصرف الذي تأسس 2001 لمساعدة دول الاتحاد السوفياتي السابق على التحول إلى اقتصادات السوق الحرة. وتوسع المصرف الذي يضم 70 دولة مساهمة ليستثمر في 38 اقتصادا ناشئا في وسط وشرق أوروبا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وقالت رينو-باسو "في المعدل، كانت 2020 أقل سلبية مما كان متوقعا بالنسبة إلى الدول، حيث يستثمر المصرف"، مشيرة إلى أن المصرف يرى نموا اقتصاديا "أفضل بكثير من المتوقع" في العام الجاري في الدول التي يستثمر فيها، بعدما انكمشت معظم الاقتصادات العام الماضي جراء أزمة كوفيد - 19. ومن المقرر أن ينشر المصرف آخر توقعاته الثلاثاء. ولفتت رينو-باسو إلى تعافي الإنتاج الصناعي والتأثير الإيجابي لارتفاع أسعار السلع الأساسية في التوقعات التي تعد أفضل مما كان منتظرا، مضيفة "لا تزال هناك ضبابية كبيرة إذ تضررت الدول التي تعتمد على السياحة، بشكل كبير جراء القيود على السفر التي فرضها كوفيد". كما أن "لبنان لا يزال في وضع صعب للغاية مع تراجع إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 25 في المائة في 2020، وهذا له تأثير هائل في المعدل". ويشهد لبنان أزمة سياسية في ظل غياب حكومة قادرة على إدارة البلاد بعد استقالة آخر حكومة في أعقاب انفجار مرفأ بيروت الذي قتل عشرات ودمر مساحات كبيرة من العاصمة في آب (أغسطس) 2020. واستثمر المصرف الأوروبي العام الماضي مبلغا قياسيا قدره 11 مليار يورو "13.4 مليار دولار" في اقتصادات ناشئة، لمساعدتها على مواجهة تداعيات أزمة كوفيد، وهي زيادة بنسبة 10 في المائة عن 2019. ويهدف البنك الأوروبي إلى إعادة البناء والتنمية، الذي غالبا ما ينخرط في مشاريع انتقالية، إلى أن تكون أكثر من نصف استثماراته في المشاريع الصديقة للبيئة بحلول 2025. وقالت رئيسة المصرف "اقتربنا كثيرا من هذا الهدف في 2019 لكن الرقم تراجع مع الأزمة إلى أقل من 30 في المائة العام الماضي، الهدف هو زيادته مجددا إلى 40 في المائة في 2021". وأشارت رينو-باسو إلى أن "توافر هذا المستوى من استثمار القطاع الخاص في المشاريع الصديقة للبيئة أمر صعب للغاية" مقارنة بخطط البنى التحتية العامة الكبيرة التي تدعمها الحكومات. لكن المصرف يمضي قدما في خططه ويتطلع إلى التوافق بشكل كامل مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ بحلول نهاية العام المقبل. وقالت "يعني ذلك الحرص على أن تكون جميع مشاريعنا وأنشطتنا بما في ذلك استثماراتنا متوائمة مع اتفاقية باريس، إنها خطوة كبيرة إلى الأمام، ستكون لها انعكاسات كبيرة على أنشطتنا وطريقة تفاعلنا مع الدول". ونص اتفاق باريس للمناخ المبرم 2015 على حصر الاحترار في درجتين مئويتين مقارنة بالمستوى المسجل قبل الثورة الصناعية، والسعي إلى احتوائه إذا أمكن بحدود 1.5 درجة مئوية. ويعتقد الخبراء أن تحقيق ذلك لن يكون ممكنا إلا إذا توقفت الانبعاثات الكربونية تماما في العالم بحلول 2050. وتسعى رينو-باسو كذلك إلى التعامل مع تداعيات كوفيد - 19 على الفئة العاملة من النساء والشباب، مؤكدة أن من بين أهم المواضيع التي طرحتها الأزمة تساوي الفرص والمساواة بين الجنسين". ولفتت إلى الطريقة التي أثرت تدابير الإغلاق من خلالها في النساء على وجه الخصوص نظرا إلى دورهن الأكبر في قطاعي الخدمات والضيافة. وأكدت أن أحد أهداف مؤسسة مثل البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية هو مساعدة الدول التي تتعامل مع هذا التحدي، لافتة إلى أنه لدى تقديم قروض لمصارف أخرى، سيتبنى البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية استراتيجية تركز التمويل على أصحاب المشاريع من النساء والشباب". وأضافت أن "تداعيات الوباء على فئة الشباب كانت كبيرة للغاية، إنه أمر يجب أخذه في الحسبان". وترغب رينو-باسو أيضا في أن يدعم مصرفها بشكل أفضل التحول الرقمي للدول، الذي ترافق مع الوباء. وقالت "سرعت أزمة كوفيد بشكل هائل رقمنة الاقتصادات، ونرى ذلك في كل مكان". وأما بالنسبة إلى المصرف نفسه، فتدرس رينو-باسو ترتيبات عمل هجينة تتيح للموظفين العمل من المكتب لثلاثة أيام في الأسبوع ومن المنازل ليومين. لكن بينما "للعمل عن بعد، كثير من الميزات، إلا أنه ليس حلا سحريا، فهناك أيضا بعض السلبيات فيما يتعلق بالعمل الجماعي وإمكانية العصف الذهني".
مشاركة :