«بين الخمسين والخمسين» الإمارات تسير بخطى ثابتة وواثقة

  • 6/29/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حينما حطت طائرة طيران الخليج في مطار أبوظبي، كانت دولة الإمارات تستعد لاحتفال مرور 15 عاماً على الاتحاد، كانت صور المغفور لهم حكام الإمارات والأحياء منهم تملأ الطرقات بين المطار ومدينة العين. استقبلني حينها مسؤول من الموارد البشرية ثم انطلقنا ليلاً عبر طريق مليء بالأشجار على كلا الجانبين وتذكرت حينها قول صديق لي «إنك ذاهب إلى حافة الربع الخالي» مشاهدة النخيل كانت أكثر ما مسّ شغاف قلبي، فأنا عراقي وكل عراقي يعتبر النخلة أمّه، ففي كل منا روح تنبت داخلها فسيلة. كانت زيارة عمل لمدة شهر في مستشفى توام لمعاينة معدات قسم الطب النووي وعمل بعض الفحوص وبعض التوصيات. خلال هذه الفترة، أيقنت أن الدولة تسير على خطى ثابتة، وواثقة، وجدت كل ما يدل على الاهتمام والرعاية. في محل إقامتي كنتُ أجد وجبتي العشاء والفطور وقد تم تحضيرهما مسبقاً في الثلاجة وزجاجات الماء العذب بجانب السرير، إضافة إلى قائمة بأرقام جميع من يمكنني الاتصال بهم. ثم كان هنا منشور لتعريفي بعادات المجتمع وثقافته، وخريطة كاملة لمدينة العين ومعالمها المميزة، لم تكن مدينة كبيرة ولكنها أنيقة وفوق المستوى. أتممت مهمتي وقابلت شخصيات عدة من المجتمع ومن الحكام، وشيوخ القبائل وكعربي من خلفية قبلية.. غمرني شعور بانتمائي وعودتي إلى أصولي القبلية والتي خشيت فقدها خلال إقامتي في أوروبا وأميركا، هنا، في الإمارات تبقى الجذور، لا يتوقف ريها ورعايتها فتتأصل. كانت العين شديدة الخضرة، تسكنها الطيور من طيور الحب إلى الببغاوات إلى الصقور والشاهين. ولكنها مدينة تنام بعد الـ 9 مساءً ... ذهبت لدبي في عطلة نهاية الأسبوع فوجدتها مدينة لا تنام، أحببتها. كانت هناك بطولة عالمية للشطرنج، والمدينة مضاءة استعداداً للعيد الـ 15 للاتحاد، وكان يوم 2-12-1986 يوماً مشهوداً، وفي اليوم نفسه اتصلت بعائلتي لأهنئ ولدي زيد بعيد ميلاده لأنه من مواليد ذلك اليوم السعيد. كان لكل شجرة راعٍ يقوم بسقيها وتقليمها وجني ثمارها. كانت الأشجار تملأ كل الطرق والمساحات والمزارع، كانت هناك مختبرات مخصصة لزراعة خلايا النخيل في المختبرات مثل زراعة البكتيريا. وفي تقدم علمي نادر الوجود، كان تطوير Tissue Culturing بمثابة تقدم يميز الدولة عن بقية البلدان في الشرق الأوسط. قابلت عميد الكلية الطبية البروفيسور بشير حمد، ورأيته يقوم بترتيب كتبه فظننته سكرتير العميد، ولما خرج وسألته قال أهلاً وسهلاً، أنا العميد! كان عالماً متواضعاً ورائعاً. إنه العميد المؤسس. قبل أن ينتهي الشهر عرض عليَّ البقاء والعمل كرئيس للطب النووي واستشاري، فأبديت موافقتي على الفور، لكن في الوقت ذاته ارتأيت مناقشة عائلتي. في 29-7-1987 كنت في موقعي في مستشفى توام وأستاذاً بكلية الطب في جامعة الإمارات، يملأني حب وشغف للعين لا يوصف، أقضي بعض الوقت وأصدقائي كل يوم خميس في مجالسهم، نصلي الجمعة معاً ونسهر في العزب بعد حملة تدريب الصقور، والسياقة في الكثبان الرملية وأخيراً السهر أمام موقد النار حتى الثالثة بعد منتصف الليل. ومنذ غادرت مدينة العين إلى دبي في 2004 غمرني الأصدقاء بلطفهم ووعودهم بأن الأبواب ستبقى دائماً مفتوحة أينما شئت وكلما زرت العين. حتى بدأت جائحة «كورونا». 800 كلمة لا تكفي، و80.000 كلمة لا تكفي حتى أتمكن من التعبير عن ما أحمله بداخلي عن تلك الرحلة، أهم ما يميزها مقابلتي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، حفظه الله ورعاه، الذي كان راعياً باراً بأبيه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. إن الشيخ زايد طيب الله ثراه، لم يكن قط أباً للشيوخ الكرام فحسب، لقد كان أباً لنا جميعاً، آلمنا فقده ولا يزال، رحمه الله. مقالات سلسلة مقالات «بين الخمسين والخمسين» تروي قصصاً وحكايات لأشخاص عاشوا حاضرهم وماضيهم في دولة الإمارات العربية المتحدة. شارك قصتك في دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال زيارة الرابط www.uaeyearof.ae مدير واستشاري الطب النووي - مدينة برجيل الطبية

مشاركة :