سمح الهدف الذي أحرزه النجم الويلزي هال روبسون كانو على طريقة الهولندي يوهان كرويف في وصول منتخب ويلز للدور نصف النهائي لـ«كأس الأمم الأوروبية 2016»، لكن آمال المنتخب الويلزي في تحقيق إنجاز مماثل في «يورو 2020» تبخرت تماماً بعد الخسارة الثقيلة أمام الدنمارك برباعية نظيفة في مباراة دور الستة عشر التي أقيمت على ملعب «يوهان كرويف آرينا». وبعد «يورو 2016»، أكد لاعبو المنتخب الويلزي أن الهدف الأساسي بالنسبة لهم سيكون المشاركة في البطولات الكبرى بشكل منتظم، وبالتالي فإن وصول ويلز إلى دور الستة عشر لـ«يورو 2020» يعد إنجازاً رائعاً في حد ذاته. ومن المؤكد أن ويلز ستندم على الطريقة التي خسرت بها أمام الدنمارك بعد الهدف الأول الذي دخل مرماها، والذي كان من توقيع كاسبر دولبرغ، حيث ظهر دفاع المنتخب الويلزي بشكل متواضع للغاية، بالشكل نفسه الذي ظهر عليه في المباراة الافتتاحية في دور المجموعات أمام سويسرا. وتصدى حارس مرمى المنتخب الويلزي، داني وارد، الذي كان أداؤه في البطولة لا تشوبه شائبة للعبة خطيرة بكل ذكاء، ليمنع دولبيرغ من إحراز هدفٍ ثانٍ قبل نهاية الشوط الأول، لكن كان من الواضح للجميع أنه يلعب خلف خط دفاع مهزوز للغاية. لقد سمح منتخب ويلز الذي يعد ثالث أصغر فرق المسابقة من حيث معدل أعمار اللاعبين لمنتخب الدنمارك بالتحكم في زمام المباراة تماماً واستسلم بشكل غريب. وقال لاعب خط وسط المنتخب الويلزي، جو ألين: «لم نكن قادرين على خلق هذه اللحظة من السحر. ومن الواضح أن الهدف الثاني الذي دخل مرمانا في بداية الشوط الثاني قد جعل المهمة أصعب كثيراً، لكن النتيجة الثقيلة التي انتهت بها المباراة لا تعكس سير اللقاء. نحن فخورون بقدرتنا على تجاوز دور المجموعات للمرة الثانية على التوالي، والرسالة التي يبعث بها الفريق واضحة، وهي أننا بحاجة للتفكير الآن في التأهل لكأس العالم؛ لدينا مجموعة جيدة من اللاعبين الشباب الذين لديهم الكثير ليقدموه». وظهر المنتخب الويلزي تائهاً في ذلك اللقاء، خاصة بعد قيام الظهير الأيمن الشاب نيكو ويليامز بتشتيت الكرة بشكل غريب تسبب في استقبال الهدف الثاني عن طريق دولبرغ، حيث انهار الفريق تماماً، وتراجع أداء معظم لاعبيه، بما في ذلك اللاعبون الذين يقدمون مستويات ثابتة منذ فترة. وقدم المدافع الويلزي جو رودون أداءً جيداً خلال البطولة، لكنه لم يكن في مستواه المعروف أمام الدنمارك، وهو الأمر الذي سمح للمهاجم الدنماركي مارتن بريثويت بالمرور منه في الكرة التي جاء منها الهدف الثاني الحاسم. وما زاد الأمور سوءاً بالنسبة لمنتخب ويلز أن المهاجم كيفر مور كان معزولاً تماماً في الخط الأمامي، وبالتالي لم تكن هناك خطورة تذكر على مرمى الدنمارك. ولا شك أن اعتماد ويلز بشكل أساسي على مور في النواحي الهجومية هو أمر محبط للغاية، في ظل عدم وجود بدائل قوية في هذا المركز. وبعدما قطع منتخب ويلز 5.382 ميلاً جوياً، في مغامرة بدأها قبل 5 أسابيع، بإقامة معسكر تدريبي في منتجع فيل الويلزي في غلامورغان، انتهت هذه المغامرة في أمستردام، بعد رحلات إلى باكو وروما. ووصف لاعب المنتخب الويلزي، كريس غونتر، فترة الإعداد للبطولة بأنها «مزحة». وبعد نهاية مباراة الدنمارك، كان المدير الفني المؤقت لمنتخب ويلز، روبرت بايج، متردداً في الشكوى بشأن السفر، ولكنه في نهاية الأمر أكد أن الإرهاق والرحلات الطويلة أثرت على أداء الفريق أمام الدنمارك. ويبدو بالفعل أن الجهد الذهني والبدني المبذول خلال تلك الرحلات قد أثر بشكل كبير على أداء الفريق أمام الدنمارك، وهو ما ظهر في الدقائق الأخيرة من المباراة، عندما فشل آرون رامزي في السيطرة على تمريرة سهلة، وظهر أيضاً في إحدى التسديدات الضعيفة للغاية من قبل غاريث بيل على مرمى كاسبر شمايكل. وسواء كان بعضهم ينظر إلى نصف الكوب الممتلئ أو إلى نصف الكوب الفارغ في مسيرة المنتخب الويلزي في تلك البطولة، فإنه يجب الإشارة إلى أن ويلز لم تخسر سوى 3 مباريات فقط في آخر 17 مباراة رسمية، من بينها خسارتان أمام بلجيكا وإيطاليا. وبالتالي، فإن السؤال المطروح الآن هو: إلى أين ستتجه ويلز بعد هذه البطولة؟ لقد تعهد غاريث بيل بمواصلة اللعب مع منتخب بلاده، ويعد نجم ريال مدريد أحد الركائز الأساسية في ويلز، بما في ذلك ألين ورامسي وكريس غونتر، الذين يؤمنون بأن «كأس العالم 2022» في قطر قد يمثل فرصتهم الأخيرة للعب مع منتخب بلادهم في البطولات الكبرى. وأكد بيل أنه لا يفكر في الاعتزال الدولي أو المطلق. وكان قائد ويلز قد انسحب من مقابلة صحافية بعد المباراة لدى سؤاله عما إذا كان اللقاء الأخير له مدافعاً عن ألوان بلاده. وأثار هذا التصرف الفضول، لا سيما أن بيل كان قد صرح في نهاية الموسم الماضي الذي لعب فيه ضمن صفوف توتنهام على سبيل الإعارة من ريال مدريد بأنه يدرك ما يخبئه له المستقبل، لكنه أشار إلى أنه «سيخلق فوضى»، في حال كشف عن ذلك قبل انطلاق البطولة القارية. بيد أن بيل قال لشبكة «إس 4 سي» الويلزية، بعد وقت قصير من انسحابه من المقابلة: «أريد مواصلة اللعب؛ الناس يطرحون أسئلة تافهة دائماً، لكني أعشق اللعب لويلز». وأضاف: «سأستمر في اللعب لويلز إلى أن أتوقف عن ممارسة كرة القدم». وتابع: «لقد بدأنا من فترة التصفيات المؤهلة إلى المونديال، ويتعين علينا أن نلعب بثقة عالية، كما نفعل الآن. وأعتقد أننا قادرون على التأهل إلى المونديال المقبل». ويسير المنتخب الويلزي بشكل جيد في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم، حيث حقق الفوز على جمهورية التشيك في مارس (آذار) الماضي، كما أنه الأوفر حظاً لتحقيق الفوز على كل من بيلاروسيا وإستونيا في سبتمبر (أيلول) المقبل، وهما المباراتان اللتان من المقرر أن يشرف المدير الفني المؤقت، روبرت بايج، على قيادة ويلز خلالهما. وقد قال بايج إن أداء ويلز في «يورو 2020» سيحقق حلم التأهل لنهايات كأس العالم. وتضم مجموعة ويلز منتخبات: بلجيكا وتشيكيا وبيلاروسيا وإستونيا، وتبدو المنافسة على البطاقة الثانية محصورة بين تشيكيا وويلز، كون بلجيكا مرشحة فوق العادة لحسم الصدارة. ولا يزال بعض اللاعبين، مثل كونور روبرتس وجو موريل، يقدمون مستويات مميزة للغاية، ويتطور مستواهم بشكل ملحوظ بمرور الوقت. وعلاوة على ذلك، فإن 15 لاعباً من أصل 26 لاعباً في قائمة المنتخب الويلزي لا تتجاوز أعمارهم 25 عاماً، ويأمل لاعبون صغار في السن، مثل جناح نوتنغهام فورست برينان جونسون، ومدافع سوانزي سيتي براندون كوبر، في أن يحجزوا لأنفسهم مكاناً في التشكيلة الأساسية مع بداية الموسم في أغسطس (آب) المقبل. وعلاوة على ذلك، يتوقع كثيرون مستقبلاً باهراً للاعب خط وسط كارديف سيتي البالغ من العمر 19 عاماً، روبن كولويل، وإيثان أمبادو الذي شارك بديلاً أمام سويسرا وتركيا، قبل أن يحصل على بطاقة حمراء قاسية أمام إيطاليا. وقال بايج عن ذلك: «إن الوصول إلى ما وصلنا إليه يعد إنجازاً كبيراً مع اللاعبين الذين لدينا، والذين لا يلعبون بانتظام على الساحة المحلية». وعشية انطلاق البطولة، تلقى لاعبو المنتخب الويلزي تمنيات قلبية رقيقة من النجوم البارزين في كرة القدم الويلزية، مثل بوني تايلر وغيريانت توماس وغيروين برايس وسام واربورتون وريس إيفانز. وقبل انطلاق المباراة المهمة أمام الدنمارك، عُرض على لاعبي المنتخب الويلزي مقطع فيديو لبعض تلاميذ المدارس من بورت تالبوت إلى بونتيبريد، وغيرها من المناطق الويلزية، وهم يغنون النشيد الوطني الويلزي في الملاعب والفصول الدراسية بهدف تحفيز اللاعبين. ومن الملاحظ أن هذه الخسارة المؤلمة أمام الدنمارك في دور الستة عشر لن تؤدي إلا إلى تعزيز الروابط القوية الرائعة بين اللاعبين والجمهور الويلزي. وقال غونتر، في منشور له على «إنستغرام»: «أبكي الآن على الخسارة، لكن أبتسم بعد ذلك لأننا كنا ننافس في أقوى البطولات مرة أخرى. وأبتسم أكثر لأننا سنعود مرة أخرى، وسنلعب وسط جمهور يملأ الملعب بالكامل، ويردد النشيد الوطني الذي نستحقه جميعاً».
مشاركة :