أدان الفلسطينيون اليوم (الثلاثاء)، بشدة هدم إسرائيل منشآت سكنية وتجارية في شرق مدينة القدس، متهمين إياها بالسعي لتهويد المدينة وطمس الهوية الفلسطينية فيها. وهدمت طواقم بلدية القدس الإسرائيلية ظهر اليوم، شقة سكنية في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى شرق المدينة وشردت قاطنيها، بحسب ما أفادت مصادر فلسطينية. وقالت المصادر لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن طواقم البلدية هدمت شقة في بناية سكنية في البلدة تبلغ مساحتها 60 مترا مربعا، بعد أن أخلت المتواجدين فيها بالقوة، وهم 4 أفراد بينهم طفلان. وأضافت، أن البلدية داهمت الشقة وقامت بهدمها دون سابق إنذار، رغم أن المحكمة الإسرائيلية حددت جلسة للنظر في اعتراض العائلة على إخطار هدم منزلها خلال الفترة القادمة. وقبل ذلك، اندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية صباح اليوم، في سلوان تزامنا مع انتهاء مهلة لهدم 17 منزلا فلسطينيا فيها. وقال الشاب قتيبة عودة لـ((شينخوا))، إن قوة إسرائيلية كبيرة اقتحمت حي البستان في البلدة وهدمت محلا تجاريا بحجة البناء دون ترخيص بعد رفض صاحبه تنفيذ إخطار مسبق بهدمه ذاتيا ما أدى لاندلاع مواجهات عنيفة. وأفاد عودة، بأن قوات الشرطة الإسرائيلية أطلقت الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه المنازل في الحي لتفريق الشبان، وسط دعوات عبر مكبرات المساجد للتصدي إلى المخطط الإسرائيلي. وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في القدس في بيان مقتضب تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، عن إصابة 13 فلسطينيا خلال مواجهات مع قوات الشرطة الإسرائيلية في سلوان. وأوضح البيان، أن 6 إصابات بالرصاص المطاطي أحدها بالصدر، تم نقلها إلى المستشفى لتلقي العلاج، بالإضافة إلى 5 إصابات بالغاز تم علاجهم ميدانيا. وأفادت الإذاعة الإسرائيلية، بإصابة شرطيين اثنين بجروح طفيفة جراء تعرضهما للرشق بالحجارة، خلال هدم مبنى شيد بخلاف القانون في حي سلوان. وحسب الإذاعة، فإنه تم اعتقال ثلاثة أشخاص بشبهة الإخلال بالنظام العام، كما لحقت أضرار بثلاث سيارات في المكان. واعتبر الناشط فخري أبو دياب، عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان، أن هدم المحل يمهد الطريق للوصول إلى المنازل المهددة بالهدم، لافتا إلى أن 20 عائلة في الحي انقضت المدة التي حددتها السلطات الإسرائيلية لهدم منازلهم ذاتيا. وقال أبو دياب لـ((شينخوا))، إن السلطات الإسرائيلية قد تتذرع في أي لحظة بهدم 17 منزلا دون الرجوع إلى محاكمها الصورية التي تدعم الاستيطان. وسبق أن سلمت طواقم بلدية القدس الإسرائيلية مطلع يونيو الجاري 17 عائلة من الحي أوامر هدم وأمهلت أصحابها 21 يوما انتهت أمس الاثنين لهدمها ذاتيا أو تتحمل تكاليف ذلك حال قامت البلدية بإرسال طواقمها لتنفيذ الأوامر. وتعيش العائلات حالة من القلق والخوف الشديدين، مع انتهاء المهلة، وإمكانية تنفيذ قرار هدم منازلهم وتهجيرهم قسريا، علما أن حي البستان يمتد على 70 دونما ويسكنه 1550 نسمة ومنذ عام 2005 تسعى السلطات الإسرائيلية لهدمه بحجة بناء حديقة قومية مكانه. وقال وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية فادي الهدمي، إن 1550 فلسطينيا مهددين بـ"التهجير القسري والتشريد" من منازلهم في حي الشيخ جراح والبستان في مدينة القدس، إلى جانب 86 منزلا مهددا بالاستيلاء عليه في حي "بطن الهوى" تحت مزاعم واهية. وطالب الهدمي في بيان صحفي مقتضب تلقت ((شينخوا)) نسخة منه، المجتمع الدولي بـ"ضرورة ترجمة مواقفه الرافضة لممارسات الاحتلال من خلال إجراءات عملية للجمها عن انتهاكاتها المتواصلة". بدوره اتهم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صالح رأفت، إسرائيل بتطبيق سياسة "التطهير العرقي والتهجير القسري لاستكمال مخططاتها التهديدية للمدينة المقدسة ضاربة بعرض الحائط جميع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي". ودعا رأفت في بيان وزع على الصحفيين، المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف "جرائمها في المدينة المقدسة وتوفير الحماية العاجلة لشعبنا وفرض عقوبات عليها وإلزامها بتطبيق قرارات الشرعية الدولية". من جهته اعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) المفوض العام للعلاقات الدولية روحي فتوح، أن عمليات هدم المنازل وتشريد أصحابها "جريمة حرب ضد الإنسانية، تهدف لتهويد المدينة، وطمس الهوية الفلسطينية". وأكد فتوح في بيان، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتابع "جرائم الاحتلال، ويواصل اتصالاته مع مختلف الأطراف ذات العلاقة لوقف المجازر والجرائم" الإسرائيلية اليومية ضد الشعب الفلسطيني. وفي السياق اعتبر قاضي قضاة فلسطين مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش في بيان، أن ما تقوم إسرائيل في سلوان والمدينة المقدسة "نكبة" جديدة يواجهها الشعب الفلسطيني. فيما اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، أن "جريمة هدم المنازل والمنشآت في سلوان امتداد لعملية التطهير العرقي واسعة النطاق ضد المقدسيين التي مارستها الحكومات الإسرائيلية السابقة، وتستكملها الحكومة الحالية". وقالت الوزارة في بيان لها، إن الهدم "إمعان إسرائيلي في تهويد المدينة المقدسة وأسرلتها، وتغيير هويتها ومعالمها وفقا لرواية الاحتلال وأطماعه الاستعمارية، ودليل على الوجه الحقيقي للحكومة الإسرائيلية الجديدة باعتبارها حكومة استيطان ومستوطنين". وتأتي حادثة الهدم في ظل تواصل احتجاجات وصدامات بين المتظاهرين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية منذ أسابيع احتجاجا على خطط إخلاء أربع عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح الجمعيات اليهودية. وأدى التوتر في شرق القدس الشهر الماضي إلى موجة تصعيد عسكري بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في قطاع غزة استمرت 11 يوما فضلا عن مواجهات غير مسبوقة منذ سنوات في الضفة الغربية. وفي السياق حذرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، من أن ما تقوم به إسرائيل "من تعد سافر واقتحام لبلدة سلوان تجاوز جديد للخطوط الحمراء، وعبث في صواعق تفجير لا يعرف عقباها". وقال المتحدث باسم الحركة عن المدينة محمد حمادة في بيان، إن فصائل المقاومة الفلسطينية "منتبهة ومتيقظة لما يقوم به الاحتلال في القدس"، مؤكدا أنها "لن تسمح باستمرار سياسية قضم القدس من أجل تزوير واقعها واستكمال تهويدها". وشدد حمادة، على أن خيارات فصائل المقاومة الفلسطينية في الرد على الاحتلال "مفتوحة ومتعددة، وكلها قابلة للدراسة والتنفيذ، مطالبا الوسطاء بالتحرك "للجم المحتل عن مواصلة تغوله واعتداءاته على القدس وأهلها والمسجد الأقصى". كما اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي، أن "عدوان إسرائيل ضد الفلسطينيين في سلوان جريمة منظمة، وحلقة في سلسلة من الإجراءات العنصرية التي تنتهجها، بهدف تهجيرهم قسرا من أرضهم والاستيلاء عليها لأغراض استعمارية بغيضة". ويريد الفلسطينيون إعلان القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى عاصمة لدولتهم المستقبلية، فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها.
مشاركة :