لا تزال الأزمة الاقتصادية تخيم على الأوضاع في كامل لبنان، بالتزامن مع خروج تظاهرات احتجاجاية في العديد من المناطق اللبنانية، اعتراضًا على تردي الأوضاع الاقتصادية للمواطنين، وانخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية أمام العملات الأجنبية، بالإضافة إلى حجز البنوك على أموال المودعين تجنبًا لكارثة اقتصادية تتمثل في إعلان الإفلاس الكامل. وفي محاولة لاستدراك الوضع الاقتصادي المتأزم في لبنان، أقر مجلس النواب اللبناني خلال جلسة عامة اليوم مشروع قانون البطاقة التموينية وفتح اعتماد إضافي استثنائي لتمويلها، والتي تستهدف دعم الأسر الفقيرة والأكثر احتياجا في لبنان ضمن سلسلة إجراءات تتخذها الحكومة لترشيد الدعم في ظل الظروف التي تمر بها البلاد. وخلال جلسة مناقشة المشروع اليوم، قال نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني إن المجلس النيابي ملزم بمناقشة وإقرار مشروع البطاقة التموينية، مؤكدا أن كيفية توزيع البطاقة وآلياتها تبقى على عاتق الحكومة. ودار نقاش بالجلسة حول تمويل البطاقة التموينية وسط مخاوف من عدم القدرة على تأمين التكلفة داخليا، وبالتالي قد تضطر الحكومة للجوء إلى قروض. وشرح وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال اللبناني غازي وزني موضوع تمويل البطاقة التمويلية، مؤكدًا أن تكلفة الدعم في عام 2020 كانت 6 مليارات دولار، وفي العام الجاري تقدر بـ 7 مليارات دولار، مشيرا إلى أن آلية الموافقة على تمويل البطاقة هي من صندوق النقد. ودعا عدد من النواب أن يتم توسيع دائرة الاستفادة من البطاقة التموينية لتصل أكبر فئة واسعة من الشعب، بمن فيهم أصحاب الدخل المحدود، معتبرين أن أغلب الشعب أصبح فقيرا. وخلال الجلسة، طالب رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان الحكومة ببدء المسار الرسمي لاستبدال عدد من قروض البنك الدولي التي أقرها المجلس النيابي ولم تنفذ لتمويل ترشيد الدعم والبطاقة التمويلية بدل استعمال الاحتياطي الإلزامي. وأجرى النواب بعض التعديلات عن نصوص مواد مشروع قانون البطاقة التموينية حتى تم إقرار المشروع. وأعدت الحكومة اللبنانية برئاسة رئيس الوزراء حسان دياب، مشروع قانون لاعتماد البطاقة التمويلية (التموينية) لمساندة الأسر الأكثر فقرا واحتياجا، تعويضا عن الخفض الكبير المرتقب في سياسة الدعم التي تنتهجها الدولة اللبنانية لأسعار السلع الأساسية والإستراتيجية، والذي سيسفر عن ارتفاعات في الأسعار. وأثير جدل واسع في الآونة الأخيرة حول مصادر تمويل البطاقة التموينية في ظل النقص الحاد في احتياطات مصرف لبنان المركزي بالدولار الأمريكي التي يُمكن استعمالها لهذا الغرض، مع وجود تقديرات لتمويل البطاقة تتحدث عن حد أدنى مليار دولار لتقديم دعم لنحو 750 ألف عائلة تستحق الحصول على الدعم لمواجهة الغلاء المعيشي الكبير الذي يضرب لبنان تحت وطأة الأزمات الاقتصادية. ويتجه لبنان إلى تقليص الدعم الذي يبلغ نحو 500 مليون دولار شهريا، في غضون الفترة المقبلة، في ضوء تناقص الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان المركزي، وقرب نفاد الأموال المخصصة بالدولار الأمريكي لدعم أسعار السلع الأساسية والإستراتيجية، حيث لم يتبق لدى البنك المركزي سوى الاحتياطي الإلزامي (ما تبقى من أموال المودعين في القطاع المصرفي بنسبة 15% من إجمالي إيداعاتهم) والتي لا يُمكن استخدامها في دعم أسعار السلع والمنتجات والاستيراد.
مشاركة :