يعود تاريخ سور جدة الطيني القديم في منطقة جدة التاريخية، المبني من الحجر المنقبي، إلى عام «917هـ - 1509م»، وبناه حسين الكردي أحد أمراء المماليك في حملته عندما اتجه ليُحصِّن البحر الأحمر من هجمات البرتغاليين، فشرع في تحصينه وتزويده بالقلاع والأبراج والمدافع لصد السفن الحربية التي تغير على المدينة، وإحاطة السور من الخارج بخندق زيادة في تحصين المدينة من هجمات الأعداء.حكايات الحاراتويروي السور خلف جداره حكايات حاراته القديمة: الشام واليمن والمظلوم والبحر، التي اكتسبت أسماءها حسب موقعها الجغرافي داخل المدينة، أو شهرتها من الأحداث التي مرت بها؛ ليعود بالذاكرة إلى الزمن الجميل، ولا ينسى في سرده للحكايات الشخصية الأهم والأبرز وهي «شيخ الحارة» أو «العمدة» كما يُطلق عليه، وهو المسؤول عن الشأن العام في كل حارة، والمنوطة به خدمة أهلها.بوابات أمنيةوكان للسور الذي بُني بمساعدة أهالي جدة، بابان أحدهما من جهة مكة المكرمة والآخر من جهة البحر، كما يشتمل على ستة أبراج، كل برج منها محيطه 16 ذراعًا، ثم فتحت له ستة أبواب أخرى، وكانت تلك الأبواب الثمانية تعمل كبوابات أمنية وحصون لمداخل المدينة، تُقفل بعد صلاة العشاء مباشرةً، وتُفتح مع أذان صلاة فجر اليوم التالي، وتمت إزالة السور لدخوله في منطقة العمران عام «1366هـ - 1947م»، ولا تزال ذاكرته تحتفظ بذكريات الماضي الجميل عن الحارات وأهلها.أضلاع خماسيةواشتهر السور الذي يبلغ طوله نحو 2.5 كيلو متر، وارتفاعه زهاء أربعة أمتار، بأضلاعه الخماسية، كما يروي د. مبارك المعبدي في كتابه «النشاط التجاري لميناء جدة»، مبينًا أن الضلع الغربي للسور من جهة ساحل البحر يبلغ طوله 579 مترًا، والشمالي 175 مترًا، والشرقي 604 أمتار، والجنوبي الشرقي 315 مترًا، والجنوبي 810 أمتار.منفذ للمسافرينومن أبواب السور «باب المدينة» الذي يحتضن حارة الشام، وأصبح الآن جزءًا من شارع الملك عبدالعزيز الدائري، في حين كان يُستخدم للوصول إلى الثكنة العسكرية القائمة حتى يومنا الحاضر، والمسماة «القشلة»، كما يُعد منفذًا للمسافرين إلى المدينة المنورة والقادمين منها، ومن الشرق لبوابة المدينة يقع «باب جديد» الذي بُني في مطلع العهد السعودي أواخر الثلاثينيات وبداية الأربعينيات الميلادية بعد دخول السيارات، وهو آخر البوابات التي بُنيت على السور.باب مكةويُعد «باب مكة» الواقع أمام سوق البدو، بوابة جدة الشرقية، وينفذ إلى أسواق الحراج والحلقات الواقعة خارج السور، ومعبرًا للجنائز المتجهة إلى مقبرة الأسد الواقعة في تلك الناحية خارج السور، وكذلك «باب شريف» بوابة جدة الجنوبية، يخرج منها الأهالي للتبضع من حراج العصر خارجه، فيما يُعد «باب النافعة» أولى البوابات من الجانب الغربي الجنوبي للسور، وهو معبر للعاملين في البحر، إضافة إلى «باب الصبّة» ثاني بوابات السور الغربية، ويسمى أيضًا «باب البنط» كونه منفذًا لسوق البنط.مخرج الحجاجأما «باب المغاربة» فهو المخرج الوحيد للحجاج القادمين عن طريق البحر للتوجه إلى كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر باب المدينة، و«باب صُريف» هو الباب الفرعي الواقع بجانب البحر إلى الشمال الغربي.
مشاركة :