التخطيط الإعلامي في أوقات الكوارث والأزمات د. باهرة الشيخلي أصبح معروفاً أن “التخطيط الإعلامي” لمواجهة الأزمات والكوارث يسهم بمساعدة الأجهزة التي تطبقه على التعامل الأمثل مع الأزمات والكوارث والحد من آثارها السلبية، من خلال توجيه الجماهير في جميع مراحل الأزمة أو الكارثة، باتباع المنهج العلمي وأدواته والبيانات والإحصاءات الدقيقة لتحليل الموقف بموضوعية، والتعرف على الأوضاع السائدة والاتجاهات المؤثرة وتوظيفها في مقاومة الأزمة أو الكارثة والحد من آثارها السلبية. هذا هو موضوع كتاب جديد صدر عن دار “الأمل الجديدة” بدمشق للكاتب العراقي سعد الدغمان بعنوان (دور التخطيط الإعلامي في الأزمات والكوارث). سلط الكاتب، في كتابه، الضوء على أهمية إدارة الأزمة إعلامياً، وأهمية دور الإعلام في تناول الأزمات والكوارث بمختلف أشكالها، مبينا التعريف بالإعلام ووسائله وأدواته، وكيفية استخدام الوسيلة الإعلامية المناسبة خلال الأزمة لإيصال الرسالة للمتلقي الذي يمثله (الجمهور)، وحاجته للاطلاع على التفاصيل التي تتعلق بالأزمة أو الكارثة ومدى تأثيرها عليه. تضمن الكتاب بالشرح والتعريف بالأزمات والكوارث وانواعها، متطرقاً، في فصل من فصوله الخمسة، إلى طرق معالجة تلك الازمات إعلامياً والتعامل مع وسائل الإعلام خلال الأزمة. يقول الدغمان إن الاهتمام النظري والعلمي ازداد بإدارة الأزمات والكوارث، وأصبح مجاله مساحة لتلاقي علوم وتخصصات عديدة وتفاعلها، وخبرات متنوعة يسعى كل منها إلى تقديم معرفته وخبراته وعلومه لمواجهة الأزمات والكوارث واحتواء آثارها المدمرة، والتعلم من نتائجها الإيجابية والسلبية من دون أن يدعي أي تخصص علمي بمفرده المقدرة على مواجهة موقف الأزمة اعتماداً على أدواته النظرية والعلمية فقط. الأزمة بحكم طبيعتها وسماتها تخلق ضغوطاً كثيرة ومختلفة منها المادية ومنها المعنوية، أو الرمزية وتتجاوز هذه الضغوط قدرات وإمكانيات أي تخصص علمي منعزل عن بقية العلوم والتخصصات الأخرى، وهنا يشير الكتاب إلى حقيقة التكامل، والرؤية الشمولية في معالجة الأزمات والكوارث، التي تتأسس على تعاون كل العلوم والتخصصات ذات العلاقة بالأزمة وتكاملها وتفاعلها وما تخلفه من تحديات اجتماعية، سياسية، اقتصادية، نفسية، معنوية، رمزية، وإعلامية أو ثقافية. يشدد الكتاب على أن أي أزمة تحدث لابد من مواجهتها عبر رسم استراتيجيات المواجهة الدقيقة وفق الخطط التي ترسمها إدارة فريق الأزمة أو الجهات المعنية التي تخولها الحكومة أو المؤسسة، ذلك أن أي أزمة تحدث تعدّ نقطة تحول في موقف مفاجئ يؤدي إلى أوضاع غير مستقرة ما يهدّد المصالح والبنية الأساس وتفرز نتائج غير مرغوب بها. مواجهة ازمات من هنا يبرز دور الإعلام في عملية مواجهة الأزمات، والحد من مخاطرها، وتوضيح أبعادها للجمهور بكل شفافية ووضوح، للحيلولة دون حدوث تطورات في مجريات الأحداث، أو استفحال أزمات أخرى والتغلب عليها حال حدوثها، وهذا ما يسمى بـ”إدارة الأزمات”، ومن هنا سعى الباحثون إلى الاهتمام بالأزمات وتحليلها، كما أن (علم إدارة الأزمات) بدأ يظهر نتيجة التطور العلمي، والتكنولوجي الذي قدم وسائل وأدوات للتعامل مع الأزمات وإدارتها وتحليلها. يقول الكاتب الدغمان: إن دور الإعلام في إدارة الأزمات قائم على مخاطبة فكر الناس، ولذلك فهو من أهم الطرق والأساليب الحديثة لنشر الوعي والثقافة وتنمية المدارك، كما أن للإعلام دوراً كبيراً في إيصال الخبر والمعلومة بهدف زيادة الوعي والمعرفة، وهو يهدف إلى توعية مختلف فئات الجماهير وتنميها وتثقيفها وإقناعها، على اختلاف ثقافاتهم ودرجة وعيهم من خلال رؤية محددة تدور حول معنى محدد يعمل على تزويد الجماهير بأكبر قدر من المعلومات الصحيحة. يؤدي الإعلام دوراَ مهماً وبارزاً في التخفيف من حدة الأزمات والكوارث، ومن أهم عناصر الإعلام وأبرزها في التخفيف من حدة الأزمات والكوارث هو تزويده الجماهير بالحقائق للحد من انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة حول الأزمة، والحقائق الواضحة تعمل على تنوير أفراد المجتمع مما يساعدهم على تكوين رأي عام صحيح وذلك عن طريق الإقناع بالمعلومات والحقائق القائمة على الدقة والوضوح، مما يجعل التخطيط الإعلامي في الأزمات مطلبا لأن الأزمات والكوارث لها طابع خاص يتسم بالسرعة في التغير والتحول. لا يغفل الكتاب عامل الوقت في التخطيط الإعلامي في المراحل المبكرة، فهذا العامل، كما درس الإعلاميون، مهم جدا في مواجهة الأزمات، لذلك يوصي المؤلف أن يستثمر استثماراً جيداً، لأنه يمثل أحد العوامل المهمة في نجاح الجهود المبذولة لمواجهة الأزمات والكوارث، وهذا يتطلب الاستفادة من عامل الزمن عند بذل الجهود الإعلامية قبل مواجهة أي أزمة وخلالها وبعدها، لغرض توجيه الجماهير عن طريق وسائل الإعلام وحثها على التعاون وتقديم يد العون لفريق إدارة الأزمة والمشاركة في عمليات معالجة آثار الأزمة ومخلفاتها. تخطيط اعلامي يتمثل التخطيط الإعلامي في مواجهة الأزمات والكوارث بالجهود والنشاطات التي تمكن من صياغة الخطط الإعلامية اللازمة علمياً، وعلى أساس الخبرة المستمدة من التجارب السابقة للعمل على توعية أفراد المجتمع بالطريقة الصحيحة والملائمة للتعامل مع الأزمات والكوارث وذلك بالحد من آثارها السلبية والعمل على احتوائها قبل استفحالها، وتقليل نسبة الخسائر الناتجة عنها، فضلاً عما لهذا التخطيط من أهمية كبرى فهو ليس خيارا يمكن أن نأخذ به أو نتركه، فهو أمر مطلوب وضروري لأي مجتمع لأنه يعمل على حل المشكلات كتلافي خطر الأزمات وهو أسلوب العصر الحديث. فالمجتمع ينفذ أعماله وفقاً لخطط وبرامج محددة آخذة في الحسبان المستقبل واحتمالاته ووضع الإمكانات الضرورية لمواجهة هذه الاحتمالات بحيث لم يعد مجديا أن تترك الأمور إلى أسلوب التجربة والخطأ أو الارتجال. ويتمثل التخطيط في وضع مجموعة من الافتراضات حول أي وضع في المستقبل، وتالياً يتطلب الأمر خطة توضح الأهداف المطلوب الوصول إلى تحقيقها خلال مدة زمنية محددة، كما تتضمن عملية التخطيط وضع الاستراتيجية المطلوبة وتعيين الأهداف وتحديد الخطط المرجوة للعمل على تحقيقها بالطريقة التي تسمح بتنفيذ القرارات. الكتاب لا يستغني عنه المختصون في الاعلام ولا الدارسون والباحثون والمشتغلون في مجاله فهو ألقى أضوائك لشفة على مجال مهم من مجالات الاعلام بالشرح والتفصيل والوقائع المعاشة.
مشاركة :