أديس أبابا – قبل المتمردون في تيغراي الأحد بـ"وقف إطلاق نار مبدئي" في الإقليم الذي استعادوا السيطرة على أجزاء كبيرة منه وسط تراجع الجيش الإثيوبي، ولكنهم طالبوا بشروط قد تصعّب التوصل إلى اتفاق نهائي مع الحكومة المركزية في أديس أبابا. وبرزت من بين الشروط انسحاب القوات الإريترية من الإقليم الإثيوبي الشمالي وكذلك القوات الآتية من إقليم أمهرة المجاور، بعد انتشارهما فيه دعما للجيش الإثيوبي في عمليته العسكرية على السلطات المحلية. كما طالبوا بإعادة تلك السلطات إلى عملها. وقال بيان موقّع من "حكومة تيغراي" الأحد "نوافق على وقف إطلاق نار مبدئي شرط حصولنا على ضمان موثوق بعدم المساس بأمن شعبنا" لاحقا. لكن المتمردين فرضوا جملة من الشروط وقالوا إنه "قبل إضفاء طابع رسمي على اتفاق لوقف إطلاق النار، يتوجب حل المسائل الشائكة". ويتمثل الشرط الأول في عودة قوات أمهرة والقوات الإريترية إلى "مواقعها حيث كانت قبل الحرب". وتدخلت أريتريا المحاذية لتيغراي من جهة الشمال منذ الأشهر الأولى في النزاع. ويعدّ النظام في أسمرة من ألدّ أعداء "الجبهة" منذ اندلاع نزاع حدودي دموي مع إثيوبيا بين 1998 و2000، إبّان إمساك جبهة تحرير شعب تيغراي بزمام السلطة المركزية. وتواجه قواتها اتهامات بارتكاب فظائع في حق المدنيين (إعدامات تعسفية، جرائم اغتصاب، إلخ)، فيما كررت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دعواتهما إلى سحب تلك القوات. وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوشا" في الأسبوع الجاري، أن الإريتريين "انسحبوا" إلى حد كبير نحو حدودهم. وكانت قوات إقليم أمهرة المحاذي لتيغراي جنوبا، قد اغتنمت النزاع للسيطرة على أراض خصبة. ويزعم قادة ذاك الإقليم أنّهم يستعيدون أراضي كانت جبهة تحرير شعب تيغراي استولت عليها في بداية التسعينات. وطالب بيان المتمردين أيضا باستئناف عمل "حكومة تيغراي المنتخبة ديمقراطيا، وإعادة كافة صلاحياتها والمسؤوليات الدستورية". وكان مسؤولون إثيوبيون كشفوا الجمعة خلال لقاء مغلق مع دبلوماسيين، أنّ الحكومة تستعد لـ"حوار يشمل الجميع لحل أزمة تيغراي"، ولكن وسط الإشارة إلى أنّ الحوار لن يكون مع قادة "الجبهة". ونقل ثلاثة مشاركين في اللقاء أنّ أديس أبابا تودّ "محاسبتهم" إذ "تجب إدانة أفعال جبهة تحرير شعب تيغراي". وعاد المسؤولون في تيغراي إلى عاصمة الإقليم ميكيلي بعد أشهر من المطاردة. وكان البرلمان الإثيوبي صنّف الجبهة "منظمة إرهابية" في مايو. وطالبت جبهة تحرير شعب تيغراي أيضا بـ"إجراءات كفيلة بمساءلة آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي بشأن الأضرار التي تسببا فيها"، إضافة إلى تشكيل الأمم المتحدة "هيئة تقصي حقائق مستقلة" حول "الجرائم المريعة" التي ارتكبت خلال النزاع. وجددت التأكيد على توفير "المساندة التامة لجميع الملتزمين بإيصال المعونة الإنسانية". ولا ريب في المخاطر التي ينذر بها تردي الوضع الإنساني في إقليم تيغراي. وقد حذّرت الأمم المتحدة قبل أيام من أنّ أكثر من 400 ألف شخص "يعانون المجاعة" في الإقليم، منبهة إلى أنّ 1.8 مليون آخرين يقفون "عند حافة المجاعة". وانقطع التيار الكهربائي والاتصالات عن الإقليم وعلّقت الرحلات، فيما تعرّض جسران حيويان لنقل المساعدات للتدمير، وتنفي الحكومة الإثيوبية أي مسؤولية لها عن تدميرهما، في ظل اتهامها بالرغبة في منع إيصال المساعدات. وكان رئيس الوزراء آبي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2019، أرسل الجيش الفيدرالي إلى تيغراي في نوفمبر الماضي لاعتقال ونزع سلاح قادة حزب جبهة تحرير شعب تيغراي الحاكم في الإقليم آنذاك. وأعلن النصر بعد أسابيع بعدما استولت القوات الفيدرالية على ميكيلي. ولكن بعد شهور من إعادة تجميع صفوفهم، شن متمردو تيغراي هجوما مضادا واسع النطاق الشهر الماضي، سمح لهم باستعادة المدينة وتأكيد سيطرتهم على غالبية الإقليم. وعلى الإثر أعلنت الحكومة وقفا لإطلاق النار من جانب واحد وصفته قوات دفاع تيغراي بأنه "مزحة"، في حين دعت الأمم المتحدة ودول عدة إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغية إفساح المجال أمام أولوية إيصال المساعدات الإنسانية.
مشاركة :