قال الكاتب الصحفي أنس الحجي في مقال تحت عنوان" أبو ظبي تريد زيادة الإنتاج بشكل كبير بما يتنافى مع أهداف أوبك+": لم تستطع أوبك+ الوصول إلى إجماع يوم الخميس الماضي، بسبب تحفّظات إماراتية تتعلق بحصة الإنتاج، ولم تنجح محاولات رأب الصدع يوم الجمعة، فجرى تبنّي مقترح روسي بتأجيل الاجتماع لمدة ثلاثة أيام، لإعطاء فرصة للتشاور .وإلى نص المقال. وتساءل الكاتب الصحفي في بداية مقاله..على ماذا جرى الاتفاق نهاية الأسبوع الماضي؟ فأجاب..اتفقت دول أوبك+ على زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميًا كل شهر، وتمديد اتفاق أبريل/نيسان 2020 من نهاية أبريل/نيسان 2022 إلى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2022. وتهدف الزيادة المتدرجة في الإنتاج وتمديد الاتفاق إلى تخفيف حدّة الضبابية في السوق وتحقيق المزيد من الاستقرار. ما موقف الإمارات؟ الموافقة على ما اتفقت عليه أوبك+ من رفع الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل شهريًا وتمديد الاتفاق حتى نهاية 2022، بشرط أن يجري تغيير شهر الأساس بالنسبة للإمارات إلى أبريل/نيسان 2020، وإذا لم تُقَرّ الموافقة على ذلك، فإن الإمارات لن توافق على تمديد الاتفاق. بعبارة أخرى، أنها قد توافق على زيادة الإنتاج المقترحة، ولكنها لن توافق على تمديد الاتفاق بهدف الخروج منه في أسرع وقت وزيادة الإنتاج كما تشاء بعد انتهاء شهر أبريل، 2022. ما هو "شهر الأساس"؟ ولماذا هذا التغيير مهم للإمارات؟ هذا ما سيُناقَش أدناه، بعد استعراض الاتفاق الأصلي في أبريل/نيسان 2020، وما تلاه من اجتماعات. ما ردّ الدول الأخرى؟ يتمثّل ردّ دول أوبك+ على الموقف الإماراتي بما يلي: 1. أن الاتفاق في أبريل/نيسان 2020 أقرَّ إنتاج شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018 شهرًا أساسًا، ووافق الجميع على ذلك، بما في ذلك الإمارات، ثم جاءت الاجتماعات المتتالية وكلها تؤكد على الاتفاق الأصلي، بما في ذلك بياناتها الرسمية، والتي شاركت فيها الإمارات. 2. أن الإمارات امتثلت للاتفاق، وقامت بالتعويض عن زيادتها للإنتاج، وشاركت في تخفيضات إضافية، وامتثلت بناءً على الاتفاق، وبناءً على كون شهر الأساس هو أكتوبر/تشرين الأول 2018، فما الذي تغيّر الآن؟ 3. أن تغيير شهر الأساس للمجموعة عمومًا غير مقبول، لأن هناك دولًا أعضاء عندها عكس مشكلة الإمارات: كان إنتاجها في أكتوبر/تشرين الأول 2018 أقلّ من أبريل/نيسان 2020، ومن ثم فإنها ستخسر حصة سوقية إذا جرى تغيير شهر الأساس، وبهذا لن توافق على المقترح الإماراتي. 4. أن تغيير شهر الأساس للإمارات فقط مرفوض، لأنه يعني زيادة مباشرة في الإنتاج بنحو 700 ألف برميل يوميًا، إضافة إلى 400 ألف برميل يوميًا التي وافق عليها الأعضاء. هذا يعني زيادة قدرها 1.1 مليون برميل يوميًا، ويمثّل خطرًا كبيرًا على الأسواق، وقد يرفع المخزون ويخفض الأسعار في وقت ينتشر فيه متحوّر دلتا (من فيروس كورونا) حول العالم. بعبارة أخرى، يرون أن زيادة الإمارات لإنتاجها سيؤدي إلى خسارة الجميع، لذلك لم يوافقوا على المقترح الإماراتي. 5. أن الهدف من وثيقة إعلان التعاون وتنسيق الإنتاج هو استقرار أسواق النفط وتحقيق التوازن فيها، والهدف من تمديد الاتفاق هو إزالة الضبابية من السوق ووضوح الرؤية، والذي يؤدي بدوره إلى تخفيف ذبذبة الأسعار ومزيد من الاستقرار في أسواق النفط، وطلب الإمارات تغيير شهر الأساس، ثم زيادة الإنتاج، ينسف كل هذه الأهداف. 6. لا يمكن فصل قرار التخفيض عن التمديد، لأنه لا يمكن إعادة الكمية المخفضة إلى الأسواق حسب الاتفاق الحالي بنهاية أبريل 2022. فإرجاع الإنتاج إلى ما كان عليه يتطلب زيادته بمقدار 5.8 مليون برميل يومياً. وحسب الاتفاق المطروح حاليا بزيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف شهريا كل شهر، فإن ذلك لن يتم حتى قرب نهاية 2022. 7. أن الإمارات لم تسلك الطريقة الصحيحة في المطالبة بزيادة حصتها الإنتاجية، حيث إن كل ما عليها أن تقوم بما قامت به دول أخرى، وهو تقديم طلب إلى أمانة المنظمة تشرح فيه أسباب زيادة الإنتاج، ثم تقوم الأمانة بتقديم توصيتها لرئاسة المنظمة، والتي تُصدر قرارًا بناءً على توصية الأمانة. والواقع أنه جرى استثمار كمّ هائل من الوقت والمال لتحقيق هذا الاتفاق واستمراره، كما إن مصداقية الوزراء أصبحت على المحكّ أيضًا. أضف إلى ذلك أن هذا الاتفاق جلب مصداقية كبيرة لدول أوبك، ولا يمكن التضحية بها الآن، ونظرًا لأن الأمور تمتّعت بمرونة كبيرة، وحصلت عدّة تغيّرات على الاتفاقات السابقة وافقت عليها الإمارات، فإن حجة تأخير قرار التمديد إلى ديسمبر/كانون الأول كما نصّ عليها في السابق لا يُعتدّ بها. مصلحة الدول المنتجة تقتضي التعاون المشكلة أن الحلول كلها صعبة، لأن أيّ زيادة كبيرة في الإنتاج ستهوي بأسعار النفط، وتغيير شهر الأساس ليس في صالح أحد، وعدم تمديد الاتفاق ليس في صالح أحد أيضًا، خاصة في ظل توقعات لجنة مراقبة السوق التي ترى أن الأسواق ستعاني من فائض كبير في النصف الثاني من 2022. إن أحد أهمّ الاستنتاجات من سرد النتائج الأساسية لاجتماعات أوبك+ أعلاه هو أن دول أوبك مرنة في التعامل مع الأحداث، وأن الإمارات استثمرت كمًا كبيرًا من الوقت والمال في تحقيق هذا الاتفاق، وأنها كانت مرنة في التعامل مع متطلبات الاتفاق. بين هذه المرونة وهذا الاستثمار، ليس من صالح أحد الآن عدم الوصول إلى اتفاق.
مشاركة :