وزير الشؤون الإسلامية : تكريم الإسلام للإنسان بصفته إنساناً أدّى إلى احترام حقوق هذا الإنسان

  • 10/12/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

(مكة) - الرياض أكد معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ حرص الدين الإسلامي على الدعوة للسلام والتعايش بين مختلف الشعوب والحضارات، وقال : إن الله خلق آدم أبا البشر بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له، وخلق له زوجا من نفسه، وجعل بينهما مودة ورحمة، وبما أن الإنسان له هذه المكانة العالية فإن روحه وحياته محل اهتمام عالٍ، فمن قتل نفسا بغير حق أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، وكذلك فإن من أزهق روحا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها. وأبان معاليه أن الشعوب في التأريخ الإسلامي كانت تسلم طواعية ، ومن رفض فإنه يعيش على دينه. مبيناً أنه حتى اليوم يوجد عدد من أتباع الديانات في البلاد التي فتحها المسلمون منذ أكثر من أربعة عشر قرنا في الشام والعراق ومصر وإيران وشمال أفريقيا وفي الهند والأندلس وقد اعترف الفتح الإسلامي بالآخر ولم يرغم أحدا على الدخول فيه، وفي ظل الإسلام نالوا من الحقوق والحظوة والمكانة الاجتماعية والسياسية ما لا ينكره أحد منهم. جاء ذلك في كلمة وجهها معاليه إلى المشاركين في ندوة التسامح في الإسلام والتعايش بين أتباع الأديان المقامة حالياً بجامعة بولونيا في إيطاليا، ألقاها نيابة عنه مستشار معالي الوزير والمشرف التنفيذي على برنامج التبادل المعرفي بالوزارة الدكتور عبد الله بن فهد اللحيدان. واستطرد معاليه قائلا : إن تكريم الإسلام للإنسان بصفته إنسانا وبصرف النظر عن لونه ودينه وعرقه أدى إلى احترام حقوق هذا الإنسان، ومن أهمها: صفة الحياة والملكية والسعادة، وقد جاء ذكر هذه الحقوق في أثر: (من آذى ذميا فأنا خصمه ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة)، مبيناً أن ضمان هذه الحقوق في القرآن الكريم والسنة النبوية تضمن عدم تبديلها وتعديلها وجعل أي تعديل أو تبديل لها لاغياً وغير شرعي. وأوضح معاليه أن المسلمين لم يحاولوا استغلال حاجات الفقراء من أتباع الديانات الأخرى لإجبارهم على الإسلام وهنا بعض الشواهد على ذلك ، كتب خالد بن الوليد في عقده للصلح مع أهل الحيرة وكانوا من النصارى (أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه طرحت جزيته وعِيلَ من بيت مال المسلمين هو وعيالُه)، واستمر هذا ديدن الخلفاء في الإسلام، حتى خلافة عمر بن عبدالعزيز - رحمه الله - الذي كتب إلى عدي بن أرطاة: (انظر من قبلك من أهل الذمة قد كبرت سنه وضعفت قوته وولت عنها لمكاسب فأجرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه). ولفت معالي الشيخ صالح آل الشيخ إلى أن تعدد الثقافات الإنسانية واختلاف الناس أمر من مقاصد الخلق ، يقول الله تعالى : { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}، فالاختلاف لا يؤدي إلى الاقتتال إذ ليس عدم الدخول في الإسلام مبيحاً لقتل غير المسلم أو المخالف من المسلمين وإزهاق روحه. أما التنوع في الأعراق والألوان واللغات فهو للتعارف وتبادل الأفكار والخبرات التي تطورها أنماط الحياة المختلفة يقول تعالى: { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا} الآية. وأضاف معاليه قائلاً : لقد أصبحت الثقافة الإسلامية غنية بفعل الاحتكاك بالشعوب الأخرى وتبادل الأفكار معها وأخذ ما عندها من الحق. من ناحية أخرى قبلت شعوب عديدة الإسلام واحتفظت بعاداتها وتقاليدها الخاصة التي لا تخالف الإسلام وإن كانت لا تتفق مع عاداته وتقاليد شعوب إسلامية أخرى ،وتلك هي رحابة الإسلام وسماحته التي ضمت الجميع، وقد دعا القرآن الكريم إلى الحوار مع الآخرين حيث قال تعالى: { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن}، والجدال بالتي هي أحسن مرادف للحوار الإيجابي البناء. ومما ورد في القرآن الكريم من نماذج الحوار ما أُمِرَ به النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال تعالى: { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} ، مؤكدا أنه لا ينبغي القتال إذا انتهى الحوار إلى إصرار كلٍّ على رأيه يقول تعالى: { وإن جادلوك فقل الله أعلم بماتعملون ، الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون}. وأبان معاليه أن التسامح لا يعني الضعف والمداهنة التي تغطي على الخلافات وتعمل على ترميمها ظاهريا وتلفق موقف اتفاق زائف ، وقال : لقد ذم القرآن الكريم من يعمل على كتمان حقائق الدين حيث قال تعالى: { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون}، مبينا أن التسامح يعنى الاعتراف بالاختلاف ولكنه يمنع هذا الاختلاف من التطور إلى محاولات الإلغاء ويؤدي قبوله إلى التعايش السلمي المشترك. وشدد معاليه على أن العالم أجمع بحاجة ماسة إلى تأصيل هذه المفاهيم الإسلامية النبيلة في هذا الوقت الذي تتعالى فيه صيحات صدام الحضارات بدلا من تلاحمها وتعارفها من المتطرفين من الجانبين الغربي والإسلامي , ففي حين ينادي بعض المتطرفين في الغرب بمحاربة الدين الإسلامي وملاحقة مظاهر انتشاره بكل السبل، ينادي المتطرفون في العالم الإسلامي باستخدام الإرهاب وقتل الأنفس البريئة كأسلوب للرد على الغرب . وفي هذا الشأن، أكد معاليه الدور المهم الذي قامت وتقوم به المؤسسات الدينية في المملكة العربية السعودية في محاربة الإرهاب والتطرف، مشيراً إلى أن هيئة كبار العلماء تقوم بإصدار الفتاوى والبيانات التي توضح أن ما يقوم به المتطرفون من أعمال ضد الأبرياء هي أعمال إجرامية مخالفة للشريعة الإسلامية التي جاءت بالرحمة والعدل والإحسان للناس، كما يقوم كبار العلماء بإلقاء الدروس والمحاضرات التي تدعو إلى الوسطية والاعتدال وتحارب الإرهاب والتطرف، كما تقوم وزارة الشؤون الإسلامية والتي تشرف على أكثر من خمسة عشر ألف جامع بتنظيم الدورات التدريبية للأئمة للرفع من مستوى الوعي بخطورة فكر الإرهاب والتطرف على المسلمين والبشرية . وأعرب معاليه في ختام كلمته عن أمله في أن تصدر عن هذه الندوة العلمية توصيات عملية تسهم في إشاعة ثقافة التسامح والتعايش والتبادل الثقافي الرشيد بين أتباع الأديان والثقافات وتؤدي إلى مزيد من التعاون بين الحضارات. وأعرب معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد عن شكره للباحثين وللمشاركين في هذه الندوة وللدكتورة انا لورا ترومبتي مديرة مركز جامعة بولونيا للدراسات الإسلامية على ترحيبها وتعاونها في عقد هذه الندوة ، ولمركز الدراسات الإسلامية في جامعة بولونيا، ولكافة العاملين في المركز وللمؤسسة الإسلامية في إيطاليا ، ولبرنامج التبادل المعرفي التابع للوزارة كما شكر سفير خادم الحرمين الشريفين في روما، والملحق الثقافي السعودي في إيطاليا، على ما أبدوه من مساهمة فاعلة وتعاون مثمر لعقد هذه الندوة وإنجاحها شاكرا للجميع مشاركتهم وتفاعلهم. وكان حفل الافتتاح قد بدأ بتلاوة آيات من القرآن الكريم مع ترجمة معانيها إلى اللغة الإيطالية، ثم ألقى وحيد الفهري رئيس المؤسسة الإسلامية الإيطالية كلمة ترحيبية، تلتها كلمة لنائب مقاطعة إيميليا رومانيا، ثم كلمة لنائب محافظة بولونيا ، ثم ألقت الدكتورة انا لورا ترومبتي مديرة مركز الدراسات الإسلامية بجامعة بولونيا كلمة رحبت فيها بالتعاون مع برنامج التبادل المعرفي التابع لوزارة الشؤون الإسلامية في المملكة، ثم ألقى نائب سفير خادم الحرمين الشريفين في روما ماجد الدريس كلمة السفير التي أكدت الدور المهم الذي تقوم به المملكة في محاربة الإرهاب والتطرف وحماية الأقليات في العالم، وأوضحت نهج المملكة في الدعوة إلى الحوار وحل القضايا الدولية بالسبل السلمية القائمة على مبادئ العدل والمساواة. الجدير بالذكر أن هذه الندوة حظيت بمشاركة أكثر من أربعين أستاذاً جامعياً من إيطاليا وأوروبا وأمريكا والعالم الإسلامي، كما حضرها عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية ومديرو المراكز الإسلامية في إيطاليا. إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل

مشاركة :