القراء الأعزاء منذ بزغ فجر المشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، شغلت المرأة وحقوقها حيّزاً كبيراً في أجندته، إذ تزامن مع إطلاقه صدور الأمر الملكي رقم (44) لسنة 2001 بإنشاء المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة جلالة الملك، والتعديلات التي لحقت به، وقد كان أهم اختصاصاته تقديم الاقتراحات بشأن السياسات والتشريعات المتعلقة بالمرأة، ووضع خطة وطنية لمتابعة تقدّم المرأة وإدماج احتياجات المرأة في برامج التنمية المستدامة وتمكينها وفق أسس تقوم على تكافؤ الفرص والتوازن بين الجنسين، كما يُعد المجلس الأعلى للمرأة المرجع الرسمي لدى جميع الجهات الرسمية فيما يتعلق بشؤون المرأة، فهو بحقّ بيت المرأة البحرينية، وقد جاءت الفقرة (ب) من المادة الخامسة من دستور مملكة البحرين المعدّل 2002 لتؤكد أهمية دور المرأة على الصعيد الأسري والمجتمعي والتزام الدولة بكفالة وتعزيز وحماية هذا الدور بنصها أنه: «تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجال في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية»، لتُشكّل ضمانة دستورية مهمة من ضمانات تعزيز حقوق المرأة، ومذ ذاك كان شغل المجلس الأعلى للمرأة الشاغل هو تحقيق هذه الضمانة. وقد بذلت مملكة البحرين من خلال اضطلاع المجلس الأعلى بدوره بشراكة واسعة مع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني جهوداً حثيثة وملموسة نحو استدامة دعم وتقدم المـرأة البحرينية في أطر من التنافسية والعدالة التي تكفل التوازن بين الجنسين، وحققت منجزات مشهودة في هذا الصدد، فحقّ لها أن تشارك وتبرز ما تحقـق مـن نجاحـات تعكـس مدى التقدم التنموي والشامل على المستوي الوطني في هذا الشأن في المحافل الدولية ولا سيما تلك المتصلة بالأمم المتحدة، وأن تشارك أفكارها ومبادراتها المتفرّدة المتعلقة بالمرأة والتي سبقت بها دول العالم كفكرة تخصيص جائزة عالمية لتمكين المرأة تحثّ وتشجّع الإنسانية على تعزيز واحترام حقوق المرأة، كما حقّ لها بالمقابل أن تحتفي بها تلك المحافل الدولية وتحرص على التعاون معها. وتأكيداً لما سبق، أقيمت يوم الخميس الماضي الموافق 1 يوليو 2021 مراسم الاحتفال بإعلان إطلاق الدورة الثانية من جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة، بتعاون مشترك بين المجلس الأعلى للمرأة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وبمشاركة عالمية واسعة على هامش منتدى جيل المساواة الذي تستضيفه فرنسا بتنظيم مشترك مع المكسيك، إذ أقيمت مراسم الاحتفال عن بُعد عبر منصة (زووم) الافتراضية. ومن الجدير بالذكر أن أهداف جائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة لتمكين المرأة تتمثل في الآتي: { التأكيد على أهمية وأثر التزام الــدول والهيئــات والمنظمــات مــن خــلال أجهزتهــا التشــريعية والتنفيذيــة العامــة والخاصــة والمجتمــع المدنــي بسياســة عــدم التمييــز ضــد المــرأة، وتحقيق تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل على مختلف الأصعدة. { بيان أثر جهود ومساهمات الحكومات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والأفراد من ذوي الاختصاص نحو تمكين المرأة حول العالم. { إبـراز وتقديـر الجهـود والمبـادرات والمشـاريع المؤسسـية والفرديـة الموجهـة لإدمـاج احتياجـات المـرأة بمـا يسـهم فـي إحـداث التغييـر الإيجابـي فـي واقعهـا نحـو حيـاة أكثـر اسـتقرارًا وإنتاجيـة. * التشـجيع علـى تبنـي منهجيـة تحقيـق الأثـر المسـتدام فـي تطويـر واقـع المـرأة لتكـون قيمـة مضافـة ضمـن إطارهـا الأسـري والمجتمعـي. وتحفيـز المجتمعـات علـى التفكيـر والعمـل الإبداعـي فـي مجـال تمكيـن المـرأة بمـا يحقـق لهـا ولأسـرتها ومجتمعهـا مزيـدًا مـن الأمـن الأسـري والاجتماعـي والاقتصـادي والسياسـي. { وتُكرم الجائزة الإنجازات التي تحققت في مجالات تمكين المرأة عبر أربع فئات، وهي: القطاع العام، والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني والأفراد. وفي رأيي أن فكرة جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة تُعد فكرة ناضجة جداً وذات طابع إنساني محض، إذ تعدّت طموحاتها تعزيز مركز المرأة على الصعيد المحلّي فقط -مع استمرارية الاشتغال عليه- واتجهت صوب تبادل الخبرات ونقل المعارف على الصعيد الدولي من خلال مشاركة التجارب النسائية وإتاحة الفرص للتعرّف على أفضــل المنهجيات والممارسات المتاحة والداعمة لتعزيز مركز المرأة أينما وُجدت محلياً، إقليمياً وعالمياً ومن ثم تعميمها علــى المســتوى الدولي إسهاماً في توسيع آفاق تحقيـق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بتمكين المرأة ومتابعة تقدمها وتطبيق مبادئ تكافؤ الفرص لتحقيق التوازن بين الجنسين دولياً، وبذلك ينهض المجلس الأعلى للمرأة بدوره على المستوى الإنساني الأعم والأشمل لا الجانب الوطني فقط، ليترتب على هذه الفكرة ألا يكون المجلس الأعلى للمرأة، بيتاً للمرأة البحرينية فقط وإنما ستجعل منه بيتاً للمرأة على الإطلاق في أي زمان ومكان، وهي فكرة ضاربة في النُبل، جديرة بالتقدير لسعة أفق وعمق فكر صاحبتها صاحبة السمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم.. فشُكراً واعتزازاً وامتناناً للمرأة الأولى في مملكة البحرين.. وهنيئاً لمن سيحظى بشرف الفوز بهذه الجائزة النبيلة والشهادة الكريمة. Hanadi_aljowder@hotmai..com
مشاركة :