في الوقت الذي صعّدت فيه إثيوبيا من تحديها لدولتيْ مصب النيل "مصر والسودان" بإعلان بدء الملء الثاني لسد النهضة، وجّهت أديس أبابا اليوم الأنظار صوب أمر فرعي؛ حيث وجّه وزير خارجية إثيوبيا، ديميكي ميكونننن، خطابًا إلى مجلس الأمن، ذكر فيه أن بلاده تشعر بخيبة أمل من الجامعة العربية لمخاطبتها الأمم المتحدة بشأن "مسألة لا تقع في نطاق اختصاصه". وبحسب بيان نشرته الوزارة في صفحتها على الفيسبوك؛ فقد "أرسل ديميك ميكونين نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية إثيوبيا، رسالة إلى رئيس مجلس الأمن يوم الاثنين 5 يوليو، تفيد بأن بلاده تشعر بخيبة أمل من جامعة الدول العربية لمخاطبتها الأمم المتحدة بشأن مسألة لا تدخل في اختصاصها". وأضاف: "جامعة الدول العربية تتمتع بسمعة طيبة في دعمها غير المقيد وغير المشروط لأي مطالبة قدّمتها مصر بشأن قضية النيل.. النهج الذي تتبعه الجامعة يهدد بتقويض العلاقات الودية والتعاونية بين الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية؛ حيث تُجرى المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة تحت رعاية الاتحاد الإفريقي"؛ بحسب ما ورد في الرسالة الموجهة. ووفق ما نقلته "روسيا اليوم"، لفت البيان إلى أن الرسالة أكدت أن الاتحاد الإفريقي، كمنظمة مشتركة لإثيوبيا ومصر والسودان، يوفر (للثلاثي) منصة للتفاوض والوصول إلى نتيجة مُرضية للجميع؛ مسترشدة بالقناعة بإيجاد "حلول إفريقية لتحديات إفريقيا". كما نصت الرسالة الموجهة على أن إثيوبيا منخرطة في المفاوضات الثلاثية بحسن نية، وتواصل التزامها الأقصى لإنجاح العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي، وتدعو البلدين الواقعين على ضفاف نهر النيل، إلى الإبقاء على وفائهما بالمفاوضات الجارية بقيادة الاتحاد الإفريقي. كما تُكرر إثيوبيا مطالبتها المجتمع الدولي بتشجيع مصر والسودان على التقيد بمبادئ القانون الدولي المنصوص عليها بشأن استخدام موارد المياه العابرة للحدود. وفي وقت سابق اليوم ذكر بيان للخارجية المصرية، الثلاثاء، أن وزيريْ خارجية مصر والسودان خلال لقائهما في نيويورك، عبّرا عن رفضها لبدء إثيوبيا عملية الملء للعام الثاني، ووصفا الخطوة بأنها "تصعيد خطير". وأشار البيان إلى أن لقاء وزير الخارجية المصري سامح شكري بنظيرته السودانية مريم الصادق المهدي، كان "استمرارًا للتنسيق والتشاور القائم بين البلدين حول مستجدات ملف سد النهضة الإثيوبي، وفي إطار الإعداد لجلسة مجلس الأمن بالأمم المتحدة المقرر أن تُعقد الخميس 8 يوليو 2021 بناء على طلب من مصر والسودان". وأوضح البيان أن الوزيرين اتفقا "على ضرورة الاستمرار في إجراء اتصالات ومشاورات مكثفة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن؛ لحثهم على دعم موقف مصر والسودان وتأييد دعوتهما بضرورة التوصل لاتفاق مُلزم قانونًا حول ملء وتشغيل سد النهضة، يراعي مصالح الدول الثلاث ويحفظ حقوق دولتي المصب من أضرار هذا المشروع على مصر والسودان". وأفادت الخارجية المصرية بأن الوزيرين أعربا عن "رفضهما القاطع لإعلان إثيوبيا عن البدء في عملية الملء للعام الثاني؛ لما يمثله ذلك من مخالفة صريحة لأحكام اتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث في عام 2015 وانتهاك للقوانين والأعراف الدولية الحاكمة لاستغلال موارد الأنهار العابرة للحدود؛ فضلًا عما تمثله هذه الخطوة من تصعيد خطير يكشف عن سوء نية إثيوبيا ورغبتها في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب وعدم اكتراثها بالآثار السلبية والأضرار التي قد تتعرض لها مصالحها بسبب الملء الأحادي لسد النهضة". وفي هذا السياق، الْتقى شكري بالمندوبين الدائمين وممثلي عدد من الدول الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن، وهم إستونيا وإيرلندا والمكسيك والنرويج؛ "وذلك في إطار الجهود المستمرة لعرض الموقف المصري؛ تحضيرًا لجلسة مجلس الأمن حول سد النهضة". وفي وقت سابق، ذكر وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبدالعاطي، أنه تلقى خطابًا رسميًّا من نظيره الإثيوبي، يفيد بأن إثيوبيا بدأت الملء الثاني لخزان سد النهضة. وقال الوزير المصري في بيان: إنه أبلغ نظيره الإثيوبي في خطاب رسمي "برفض مصر القاطع لهذا الإجراء الأحادي الذي يُعد خرقًا صريحًا وخطيرًا لاتفاق إعلان المبادئ، وسيؤدي إلى وضع خطير يهدد الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي". وتقول إثيوبيا: إن السد، الذي أقيم على النيل الأزرق فيها، أساسي لتنميتها الاقتصادية وتزويد شعبها بالكهرباء. وترى مصر أن السد تهديد خطير لحصتها من مياه النيل التي تعتمد عليها بالكامل تقريبًا؛ فيما عبّر السودان، وهو دولة مصب أيضًا، عن قلقه إزاء السلامة الإنشائية للسد وأثره على السدود ومحطات المياه السودانية.
مشاركة :