عقد الأرشيف الوطني الملتقى السنوي الثامن لتدريب المعلمين افتراضياً على مدار أربعة أيام، بهدف غرس القيم الوطنية الرفيعة، ورفع درجة وعي المعلمين بتاريخ وثقافة مجتمع الإمارات العريق وتراثه وعاداته التي تسهم بترسيخ الهوية الوطنية، وتعزز الولاء والانتماء لدى المعلمين وأجيال الطلبة. وشارك في الملتقى الافتراضي أكثر من 6000 معلم ومعلمة من مختلف أنحاء الدولة، تعرفوا على تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وحضارتها، واطلعوا في زيارة افتراضية على مرافق الأرشيف الوطني، وتابعوا أفلاماً وثائقية وطنية، ومعرض أفلام وصور تاريخية توثق مسيرة التعليم في الإمارات. ويستهدف الأرشيف الوطني بهذا الملتقى إثراء معارف المعلمين العرب والأجانب بقيم وطنية مستمدة من تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة ومن تراثها، وتعزيز خبراتهم بمآثر المجتمع الإماراتي التي يتوجب غرسها في نفوس الطلبة ليكونوا مواطنين صالحين قادرين على حمل الأمانة الوطنية في المستقبل. وقد حرص الملتقى السنوي الثامن لتدريب المعلمين على التركيز في فضيلة التسامح والتعايش، وبتوجيهات القيادة الرشيدة التي لا تدخر جهداً في سبيل الارتقاء بالإنسان والمكان على أرض الإمارات الطيبة. وفي كلمته التي افتتح بها الملتقى، أكد فرحان المرزوقي مدير إدارة التواصل المؤسسي والمجتمعي في الأرشيف الوطني، أن هذا الملتقى أصبح علامة مضيئة في سلسلة المشاريع والمبادرات، وتجربة ممتعة ومفيدة تعكس توجهات قيادتنا الحكيمة في تكريس مجتمع الاقتصاد المعرفي، وتؤكد أهمية الاستثمار في إمكانيات المعلم الذي يعدّ أساس العملية التعليمية وقطبها الأهم. وأضاف: يعدّ هذا الملتقى مبادرة وطنية مهمة على طريق بناء أجيال الطلبة وإثرائهم بالمعارف وإكسابهم مهارة التفكير الإبداعي، وتنشئتهم على حب الوطن والولاء لقيادته الرشيدة، وذلك ما حفلت به الخمسون عاماً الماضية، ويتطلع الأرشيف الوطني وهو يخطط لخمسين عاماً قادمة إلى الاستمرار على نهج التعاون وتضافر الجهود، وهو يسخر جهوده وإمكانياته لدعم المنظومة التعليمية في إطار دوره الوطني وبوصفه شريكاً في التنشئة الوطنية للأجيال. وأعرب مدير إدارة التواصل المؤسسي والمجتمعي عن أمنياته للمعلمين بأن يكون عامهم الدراسي الجديد القادم قد تخلص فيه العالم من جائحة كورونا ذات الأثر الكبير في سير العملية التعليمية التي أخذت الطابع الافتراضي، وأن يعود الطلبة في العام الدراسي القادم إلى مقاعد الدراسة في بيئات دراسية صحية وسليمة، وتمنى للملتقى النجاح وتحقيق الأهداف المنشودة منه. قدم الملتقى في اليوم الأول فعاليات تُعنى بمئوية الإمارات، وتبرز قوة دولة الاتحاد ودور الآباء المؤسسين في التخطيط الفعال الذي أسهم في تتويج كل مرحلة بابتكاراتٍ وإبداعات أدت إلى التطوير والنهضة الشاملة والمتكاملة على مدار الخمسين عاماً الماضية. ومن هذه الرؤية تستكمل «مئوية الإمارات 2071» مسار الريادة والاستدامة في الخمسة عقود القادمة، وهي تشكّل خريطة واضحة للعمل المنظم والطويل المدى، لتعزيز سمعة الدولة وقوتها الناعمة. وإلى جانب معرض الصور الذي قدمه الملتقى، وأظهر مدى الاهتمام الذي لقيه التعليم في دولة الإمارات على أيادي الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وإخوانه الآباء المؤسسين، والمتابعة التي حظيت بها مسيرة التعليم المتطورة بتوجيهات قيادتنا الرشيدة في عصرنا الحالي، تم عرض فيلم وثائقي بعنوان: «بناء أمة» يرصد قصة بدايات تطور التعليم في الإمارات، والإنجازات التي شهدها هذا الميدان في زمن قياسي. وأثرت الدكتورة عائشة بالخير مستشار البحوث في الأرشيف الوطني الملتقى بمحاضرتين مكثفتين، جاءت أولاهما في أول أيام الملتقى بعنوان: «مئوية التعليم: من الكتاتيب إلى المريخ» تناولت فيها المحاور التالية: من الكتاتيب إلى الذكاء الاصطناعي، وتمكين المرأة: قيادة وريادة وموهبة، والمسرعات: الأخلاق الحميدة، السنع، التسامح، الفزعة، والتعايش السلمي. كما تطرقت إلى مكتسبات دولة الإمارات العربية المتحدة ومستوياتها الريادية في مجالاتٍ متعددة ناقشت المُحاضرة منها، للذكرِ لا للحصر، محورين هما: المساواة والعدالة الاجتماعية، والتعليم الافتراضي بعد «كوفيد 19». وبدأت المحاضرة بمرحلة التعليم لدى الكتاتيب، ثم انتقلت إلى المدارس النظامية ومنها إلى مدارس «محو الأمية» وتعليم الكبار ومنه إلى التعليم العالي والابتعاث للدراسة خارج الدولة. كما توقفت المحاضرة مطولاً مع تعليم المرأة الإماراتية، وتمكينها، وما حظيت به من اهتمام جعلها تتبوأ أهم المناصب في الدولة إلى جانب شقيقها الرجل؛ بخططٍ مدروسة ودعمٍ لامحدود من الباني والمؤسس، طيب الله ثراه، وما تقدمه سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات)، حفظها الله، للنهوض بشؤون المرأة والأسرة والمجتمع كاملاً. وربطت المحاضرة كيف آلت كل تلك العناصر والإنجازات في تحقيق حلم الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ببلوغ دولة الإمارات محطة الفضاء الدولية، بوصول هزاع المنصوري أول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء، ثم دخولها عصر الفضاء بإرسال مسبار الأمل لاستكشاف المريخ، وبذلك أثبتت الإمارات أنها وطن اللامستحيل الذي بلغ المريخ بمسبار الأمل، واستطاع أن يشغل محطات براكة للطاقة النووية السلمية، واحتل الريادة والعالمية في مجال التصدي لفيروس كورونا المستجد. وتتابع الإمارات مسيرتها في ظل قيادتها الحكيمة، وهي تدرج الذكاء الاصطناعي في منظومات التعليم تمهيداً للمستقبل. وعادت الدكتورة عائشة بالخير إلى التراث الإماراتي الذي يعدّ الجذور الحقيقية التي ترفد الحاضر، وهي المسرعات وفق نظرية المحاضرة، مثل: الأخلاق الحميدة، والسنع، والتسامح، والفزعة والتعايش السلمي. وكان للمتعة والفائدة حصة في الملتقى الذي نظم مسابقة للمشاركين، طرح فيها ثلاثة أسئلة ثقافية وذات علاقة بحقل التعليم. وأضفى الملتقى السنوي الثامن لتدريب المعلمين، والذي أقامه الأرشيف الوطني افتراضياً، على اليوم الثاني طابع التاريخ الإماراتي؛ فبدأ بفيلم وثائقي يستعرض محطات في ماضي الإمارات العربية المتحدة وحاضرها، ويتطرق إلى أهمية الأرشيف الوطني في جمع ذاكرة الوطن وحفظها. ثم اصطحب الملتقى جمهور المشاركين في جولات افتراضية في أروقة الأرشيف الوطني للتعريف بمرافقه وخدماته، وهذه المرافق والخدمات متاحة لجمهور المستفيدين بما فيها من السجلات والوثائق التاريخية؛ وبدأت الجولات بالأرشيف الرقمي للخليج العربي، والذي يعدّ مصدراً مهماً لما يقدمه من الوثائق ذات القيمة التاريخية المتعلقة بدولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، ما جعله رافداً من روافد المعلومات النادرة والوثائق الفريدة من نوعها، في إطار دعم وتطوير الوعي الكافي بتاريخ المنطقة. ثم تحول متابعاً جلسته الافتراضية في قاعة الشيخ زايد بن سلطان بمقر الأرشيف الوطني، النافذة التي يطلّ منها الزائر على جوانب من تاريخ الإمارات، ومنها إلى مكتبة الإمارات، وهي جزءٌ مهمٌ من البرنامج العلمي والبحثي للأرشيف الوطني؛ إذ تتيح للباحثين والدارسين وطلاب المعرفة خدمات الاستفادة من مجموعاتها الغنية والمتخصصة التي تغطي تاريخ الإمارات ومنطقة الخليج بمختلف أوعيتها الورقية والإلكترونية، واكتملت الجولة بقاعة إسعاد المتعاملين التي ترفد الباحثين بما يطلبونه من وثائق تاريخية من الأرشيف الوطني. وفي اليوم الثاني جاءت ثانية محاضرات الدكتورة عائشة بالخير، بعنوان: (تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة: تاريخ وطن وحضارة شعب) استعرضت فيها تاريخ الإمارات منذ حضاراتها القديمة وصولاً إلى ما بلغته اليوم من تطور وازدهار. وبدأت المحاضرة بدعوة الفرد لتثقيف نفسه انطلاقاً مما حوله وما بين يديه؛ فاستخدمت فئات العملة الورقية مثالاً على فرصة توفر التعلم والتعليم، فلو نظرنا إليها بتمعن لأدركنا من الصور المطبوعة عليها المعالم التراثية والتاريخية في الدولة، ثم انتقلت إلى تاريخ الإمارات الموغل في القدم، والذي أكدته اللقى الأثرية واللآلئ المكتشفة، وهذا ما يؤكد أن الإمارات ذات جذور تاريخية وماضيها يدعو للفخر وليست أمة طارئة على التاريخ. ودعت المحاضرة أيضاً إلى استلهام الحكمة من كل ما ورثناه عن الآباء والأجداد، وأن يأخذ الجيل الجديد من ذلك الموروث القيم التي تعزز الهوية الوطنية وعناصرها العريقة. وتوقفت المحاضرة مطولاً مع رؤى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحكمته التي تبدت في بناء الإنسان وصون كرامته، وتجلت في جميع إنجازاته فبرزت دقة حساباته التي سبق فيها عصره، من أجل بناء أمته وشعبه. واختتم برنامج الملتقى بجلسة نقاشية مع الجمهور، أثرى فيها المتابعون والمشاركون ما حفل به الملتقى من معلومات مهمة عن تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة عامة والأرشيف الوطني خاصة. ويذكر أن الملتقى السنوي الثامن لتدريب المعلمين الذي كان على مدار أربعة أيام، وقد تم تقسيمه إلى يومين قدم فيها فعالياته باللغة العربية، واليومين الآخرين قدم فيهما برنامجه للمتحدثين باللغة الإنجليزية. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :