ساهمت 3 جهات حكومية في طول الإجراءات اللازمة لتطبيق مخالفة التستر التجاري بعدما أوكل نظام مكافحة التستر عملية التطبيق لكل من وزارة التجارة والصناعة وهيئة التحقيق والادعاء العام ثم أخيرًا ديوان المظالم، وأوضحت دراسة تحليلية ضمن سلسلة إصدارات كرسي التستر التجاري بجامعة الملك عبدالعزيز أن إيكال مكافحة التستر التجاري إلى هذه الجهات الثلاث أثَّر على عملية التطبيق من خلال طول الإجراءات اللازمة لكشف مخالفة التستر، مشيرة إلى أن نظام مكافحة التستر أوجب على موظفي الضبط الانتقال إلى موقع المشتبه فيه وإثبات حالة التستر ومن ثم تحويل الأوراق إلى هيئة التحقيق والادعاء العام الذي بدوره يحقق أيضًا في المخالفة وفقًا لنظامها ونظام الإجراءات الجزائية، فإذا تحقق من وجود المخالفة يقوم بإعداد الدعوى الجزائية ويرفعها إلى ديوان المظالم الذي يتولى النظر في الدعوى الجزائية والفصل فيها. وبيَّنت الدراسة التي أعدها الأستاذ الدكتور سعود بن محمد العتيبي من قسم العلوم السياسية بالجامعة أن تعدد الجهات المسؤولة عن تطبيق المخالفة زاد أيضا من نقاط الاعتراض، لافتًا إلى أن ضبط المتستر من قبل مأموري الضبط التابعين لوزارة التجارة لا يكفي لإدانته بل قد ترى هيئة التحقيق والادعاء العام أن الأدلة غير كافية وتوقف القضية إن أقرت هيئة التحقيق بثبوت التستر فالكلمة الأخيرة تكون لديوان المظالم. وقد استرشدت الدراسة بعدد المخالفات التي تم ضبطها في عام 1433 والتي بلغت نحو 920 حالة، لافتًا إلى أن هيئة التحقيق قامت بعد إحالة هذه القضايا إليها بحفظ 264 قضية بنسبة 28.7% فيما أبقت على نحو 456 قضية تحت الدراسة والإجراء بنسبة 49.6 %. ورغم هذه الآثار المترتبة على تعدد الجهات المعنية بقضايا التستر إلا أن الدراسة خلصت إلى وجود تناغم وتطابق بين هذه الجهات الثلاث وبين أهداف التشريع، مشيرة إلى أن وزارة التجارة التي تمثل المنظمة المحورية والرئيسة في عملية التطبيق نجد أن أهدافها ومهامها تتماشى مع أهداف سياسة مكافحة التستر، فمن أهدف الوزارة تنمية العمالة الوطنية في الأنشطة التجارية وتأهيلها وإحلالها محل العمالة الوافدة كما أن رسالة الوزارة تؤكد على تعزيز قدرات قطاعي التجارة والصناعة. أما بالنسبة لتناغم توجهات هيئة التحقيق والادعاء العام وهي الجهة الثانية التي تشارك في عملية التطبيق نجد رسالتها تنص على حماية الحقوق والحريات من خلال نصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم وتتماشى أيضًا مع الجانب الجنائي لنظام مكافحة التستر الذي يؤكد على حماية حقوق المتهمين بالتستر من خلال إعطائهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم في إطار قانوني واضح وعادل. كما رأت الدراسة في إطار التناغم بين هذه الجهات أن ديوان المظالم والذي يمثل الجهة الثالثة التي تشترك في تطبيق نظام مكافحة التستر يمثل ضمانة ثانية لتحقيق العدالة وإعطاء المتهمين فرصة أخرى للدفاع عن أنفسهم أمام جهة قضائية تتمتع بالعدل والنزاهة.
مشاركة :