«نافس» قرار تاريخي.. ومقرات الأندية يجب استثمارها أصبحت الرياضة حاضراً صناعة؛ لذا لم تعد متابعتها مقتصرة فقط على الرياضيين، فهناك آخرون ليسوا في الوسط الرياضي، وأصحاب مسؤوليات ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها ويتابعون تفاصيلها. تكشف البطولات الكبرى لكرة القدم عن التفاتة رجال السياسة والثقافة إلى ذلك المعشب الأخضر الجذاب، فيتحول رجال الصف الأول في البلدان مع المثقفين في لحظات إلى مشجعين من الدرجة الأولى في مدرجات الملاعب أو مهتمين خلف الشاشات الفضية. يحضر الكثير من الساسة والمثقفين إلى مدرجات الملاعب خلف منتخبات الوطن.. «دنيا الرياضة» تكشف الوجه الكروي لغير الرياضيين عبر زاوية «الخط الأبيض» التي تبحث عن رؤيتهم للرياضة، وتبحث عن المختصر الرياضي المفيد في حياتهم وضيفنا اليوم أستاذ الأدب والبلاغة المشارك في قسم اللغة العربية بجامعة الطائف الدكتور أحمد الهلالي. تحويل أسماء اللاعبين من اللاتينية إلى العربية خطوة رائعة هل الرياضة لدينا باتت صناعة، وإذا هي كذلك كيف نتعامل معها؟ نعم، بعد الدعم الحكومي اللامحدود للأندية من خلال سداد المديونيات وإنشاء وتطوير المنشآت الرياضية، وزيادة الاتحادات الرياضية في مختلف الألعاب، والاعتماد على مبادئ الحوكمة وزيادة الحوافز على تطبيقها، إضافة إلى مضاعفة احتكاك الكوادر الرياضية المحلية بالكوادر المميزة عالميا، واستضافة أبرز الأحداث الرياضية العالمية كرالي داكار، وفورملا1، وفورملا E، وألعاب المصارعة والملاكمة العالمية وغيرها، كل ذلك يدل على أنها باتت صناعة ستؤتي ثمارها في المستقبل القريب. ألوان بيتي وميولي تأثرت بلقبي «الهلالي» توافقني بأننا ما زلنا ببدايات الاستثمار الرياضي الحقيقي؟ نعم أتفق، خاصة بعد القرار التاريخي (نافس) الذي يفتح الاستثمار للكيانات الخاصة المحلية والعالمية، كالمعمول به في الدول المتقدمة مثل دول أوروبا. * ماذا ينقصنا لتكون رياضتنا بيئة جاذبة للعمل الاقتصادي والأرباح الكبيرة؟ ستكون من خلال الاستراتيجيات والخطط التي وضعتها رؤية 2030، وكذلك من خلال حفظ حقوق العلامات التجارية للأندية، وتقديم التسهيلات للأندية والمستثمرين من الداخل والخارج، ومرونة الإجراءات وسرعتها. وزير التعليم يتقدم منتخب الأكاديميين.. ولاعبو «طوكيو» مدعوون لمنزلي هدر مالي توافقني بأن منشآت الأندية أحد أوجه الهدر المالي لدينا؛ ماذا لو استغلت بالتشغيل؟ نعم أتفق، فمباني الأندية على ضخامتها وتطورها، لا تستغل الاستغلال الأمثل بفتحها للزائرين والوفود السياحية، ولا تتاح فرصة استقطاب المشجعين للدخول إلى أعماق ذاكرة منجزات النادي من خلال المتاحف الخاصة بالكؤوس والميداليات والجوائز وصور اللاعبين خلال مسيرة النادي، ولا تحيط ببعضها الخدمات التي تستقطب الزوار خارج أوقات المناسبات الرياضية، كما أنها لا تحوي أنشطة ثقافية غير ما يتعلق بأنشطة النادي، ولا تنهض بجانب المسؤولية الاجتماعية للنادي، كاحتضان المعارض والورش والندوات والفعاليات التي تخدم المجتمع خارج الإطار الرياضي. التعصب في التشجيع هل يمكن أن نسميه تطرفاً فكرياً رياضياً، ولماذا؟ لا يعد التعصب في التشجيع سلوكا مذموما دائما، بل هناك تعصبا محمودا لا يعبر إلا عن انتماء المشجع إلى الكيان الرياضي يتسم بالرقي والتسامح، أما نوع التعصب الذي نعده تطرفا، فهو ذاك المفضي إلى استخدام الألفاظ أو الأفعال تجاه المنافسين ومشجعيهم، ويعمي بصيرة صاحبه عن حسنات الآخرين وعن المعنى الأسمى للرياضة. هل ترى أن التعصب الرياضي وصل مداه وبات الحوار المتزن غائباً؛ أم نعيش عكس ذلك حالياً؟ بتعبير آخر يمكن أن نقول إن التعصب المتطرف يغيّب الحوار، وهو حسب متابعتي قليل مقارنة بالتعصب المحمود، ولا يعد هذا النوع من التعصب المتطرف ظاهرة إلا حين يصدر عن إعلاميين أو مسؤولين رياضيين ينشر الإعلام تصريحاتهم المثيرة، فتعم فوضاها مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المجالس، ويقع في فخها الأغرار. هل هناك علاقة تجمع الرياضة بالثقافة حالياً؟ نعم كانت هناك علاقة وثيقة بين الرياضة والثقافة، وقد كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب محضن الثقافة الأول والمؤسسة الحكومية المسؤولة عن الأندية الأدبية، قبل انتقالها إلى وزارة الثقافة، ثم غاب هذا الجانب عن الأندية الرياضية اليوم، ولم تعد تسهم في التثقيف والوعي الاجتماعي خارج الفضاء الرياضي، ولو قامت الأندية بمسؤوليتها الاجتماعية سيكون دورها رائدا في نشر الوعي الثقافي اجتماعيا، ولا نعكس ذلك على شباب الوطن. الرياضة قوة ناعمة هل ترى أن الرياضة ثقافة، وإن كانت كذلك فكيف نتعامل مع تلك الثقافة على الوجه الأكمل؟ نعم الرياضة ثقافة، وهي لغة عالمية تصل مباشرة دون ترجمة إلى كل العالم، وهي إحدى أذرع القوة الناعمة محليا وعالميا، فمن خلال سلوك نجومها ومسؤوليها وجماهيرها ينعكس ذلك على صعد مختلفة، كما أن فترة الحدث الرياضي بوجود إدارة واعية ومعلق رصين وتغطية إعلامية ممنهجة يمكن استثمارها لنشر العديد من الأفكار النافعة والمثرية. الشهرة عالم، كيف يمكن أن تكون شهرة لاعبي الكرة طريقاً لتكريس السلوك الحضاري في حياة النشء؟ نجوم الوسط الرياضي بطبيعتهم محبوبون من جماهيرهم، وسلوكهم الإيجابي سيؤثر حتما على النشء، فهم يتخذونهم قدوات ورموزا للبطولة والتميز، ويمكن من خلال الإعلام الرياضي أن نكرس عددا من الرموز والأبطال الرياضيين دون تمييز إلى أن يصبحوا أكثر تعبيرا عن القدوة الحسنة، ويمكن للمؤسسات الثقافية والتعليمية أن تستقطب عددا منهم لتقريبهم وعرض تجاربهم المميزة أمام النشء. في الرياضة يحصد الفائزون والمتألقون الكؤوس، فما الذي يقلل ذلك لدى المبدعين في المجالات الأخرى ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً؟ جماهيرية الرياضة الواسعة وشعبيتها الطاغية هي التي تصنع ذلك، فالألعاب الرياضية بطبيعتها جاذبة للمجتمعات في أقطار المعمورة، والرياضة بطبيعتها الحماسية والتنافسية تزيد من ألق نجومها، فيكونون الأبرز لدى الشعوب، فلا يستغرب أن يكونوا مقدمين على نجوم المجالات الإبداعية الأخرى، التي تحتكم إلى بروتوكولات وأدبيات مختلفة عن الوسط الرياضي. كانت الرياضة للصحة والمتعة، والآن أصبحت للمال أكثر؛ من أفسد بياضها؟ وما تزال الرياضة للصحة وللمتعة، ولا بأس أن يجني منها الناس منافع أخرى، فلولا وجود هذه الأموال الضخمة لما تفرغ النجوم الرياضيون للألعاب الرياضية، خاصة ونحن نعلم أن العمر الرياضي أقل بكثير من العمر الوظيفي، وحين كان الهواة لا يتقاضون أجورا كأجور اللاعبين اليوم، شاهدنا المآسي المالية والصحية التي تعرض لها بعض رموز الكرة قبل عقود الاحتراف. كيف صارت لغة المال والاحتراف طاغية على الإبداع والإخلاص عند اللاعبين السعوديين؟ دخول رجال المال والأعمال هو المسؤول عن صناعة ثقافة الوسط الرياضي الحالية بعد عقود الاحتراف التي تضاعفت عدة مرات، فجعلت كل لاعب يطمح إلى الحصول على ما يحصل عليه أقرانه وأكثر من ذلك، أما الإبداع والإخلاص عند اللاعبين السعوديين فهو موجود خاصة بعد أن زيدت أعداد المحترفين من خارج الوطن، فأصبح اللاعب المحلي مجبرا على تقديم مستويات تعادل أو تفوق المحترفين الأجانب، أو سيجد نفسه خارج المنافسة، على مستوى ناديه ثم على مستوى الأندية الأخرى. الواسطة «لا تصنع النجوم» هل ترى في الوسط الرياضي نجوماً صنعتها الواسطة؟ الرياضة هواية، والإبداع الرياضي لا يمكن تعلمه، أو تعاطيه بحقنة طبية، وإن كان هناك بعض النجوم قدمته (الواسطة) على الأكفأ؛ فإن بريقه سرعان ما يخفت ويتلاشى، فالمستطيل الأخضر لا يعترف إلا بالمبدعين، والذهب لا يحصده إلا الأكفاء. يقولون إن حرية الكتابة في المجال الرياضي، أكبر منها في الشؤون الأخرى إلى أي مدى تقنعك هذه المقولة؟ تصدق هذه المقولة إلى حد ما، ويمكن أن نلمس تفوق الإعلام الرياضي على غيره من المجالات الأخرى التي تثقلها القيود والمحاذير، فكلما اتسعت مساحة الحرية اتسعت مساحة المصداقية، وعبر الكاتب عن آرائه بشفافية وجرأة تضع النقاط على الحروف غالبا، إلا إذا ساقت الأهواء القلم بعيدا عن مساقط الحقيقة. بين القمر والشمس هل ثمة مكان لميولك؟ مطار الملك خالد الدولي بالرياض أكثر الأماكن التي يثار فيها السؤال عن لقبي (الهلالي)، بتخييري بين القمر والشمس، وما دام القمر قرينا لاسمي فلا حاجة للشمس إلا أنها تضيء سماءات الوطن بين فينة وأخرى. لمن توجه الدعوة من الرياضيين لزيارة منزلك؟ أتشرف بكل لاعبي الوطن وأخص بالدعوة لاعبي المنتخب السعودي المشاركين في أولمبياد طوكيو. هل سبق وأن أقدمت على عمل وكانت النتيجة تسللا بلغة كرة القدم؟ نعم، بعض القرارات نتعجل فيها ولا ندرك تسرعنا إلا حين تقرع ألبابنا صفارة الندم. شكل لنا منتخباً من الأكاديميين فربما كُنا طرفاً بنهائي كأس بطولة للأكاديميين يوما ما؟ معالي وزير التعليم ورئيس جامعة الطائف وأنا وأنت أخي خالد، يعضدنا بعض زملائي من كلية الآداب وقسم اللغة العربية بجامعة الطائف ورئيس قسم اللغة العربية بجامعتنا الدكتور عطية حدادي. العقل السليم في الجسم السليم عبارة نشأنا عليها رغم خطئها؛ فكم من شخصية عبقرية لا تمتلك جسداً سليماً، باختصار نريد منك عبارة رياضية بديلة لجيل المستقبل؟ هي عبارة تحفيزية منشؤها الحقيقة الصحية بأهمية الحركة والبعد عن الدعة والخمول، ولا تعني دلالتها بدقة، وإن كانت تتجه إلى الجسم، فسأكون جريئا لاجتراح مقولة تهتم بالنفس والطاقة السلبية التي تؤرقنا أحيانا: (طيّر همومك يا صديقي بالكرة). ما المساحة الحقيقية للرياضة في حياتك؟ مساحة ضيقة نوعا ما، وغالبا ما تكون في الحركات الرياضية البسيطة كالجري والمشي وممارسة تمارين بسطية، إضافة إلى لعب كرة الطائرة. متى كانت آخر زيارة لك للملاعب السعودية؟ قبل مدة طويلة، حين كنت طالبا في جامعة الملك عبدالعزيز، حضرت بعض المباريات في استاد الأمير عبدالله الفيصل وصالته الرياضية لبعض مباريات الطائرة والسلة. بيئة الملاعب غير جاذبة برأيك هل الملاعب لدينا بيئة جاذبة عطفاً على الخدمات؟ ليست جاذبة كثيرا على حد علمي المقصور على السماع، فهي بالكاد تفي بغرض حضور المباراة والعودة بعدها مباشرة، فما تزال لا تكفي لرحلة ترفيهية كاملة مع الأسرة، لكنني متفائل بالرؤى والمشروعات التي تعكف عليها وزارة الرياضة وفق رؤية 2030. أي الألوان تراه يشكل الغالبية السائدة في منزلك؟ لون منزلي من الخارج وكذلك السور أبيض، ولا أدري كيف أصبحت الأركان فجأة زرقاء، هكذا هو. لأي الأندية تدين الغلبة في منزلك؟ ربما للقبي تأثيره في المنزل! البطاقة الحمراء في وجه من تشهرها؟ في وجه الإعلام المتعصب. ولمن توجه البطاقة الصفراء؟ لمن لا يوقر ميوله الرياضي، فلا تكون سلوكاته وألفاظه عنوانا مشرفا للكيان الذي يشجعه. إن قيض لك اقتحام المجال الرياضي، ما الأمر الذي تحسب له ألف حساب؟ أدائي الرياضي، وتمثيل الكيان الذي أنتمي إليه بمسؤولية وإخلاص وإبداع. المساحة لك لتوجه روشته لكافة اللاعبين وكذلك الرياضيين؟ لأنك نجم ولك محبون وجماهير من كافة الأعمار، يجب أن يكون سلوكك مثاليا، وألا تدع الأحداث تخرجك عن الصورة التي يرسمها لك محبوك. هل يزعجك صوت المعلق الرياضي الذي لاعلاقة له باللغة العربية؟ رغم عشقي للفصحى لكن هذا لا يزعجني، وهناك أصوات في التعليق الرياضي قديرة على مزج الفصحى بالعامية المفصّحة دون إملال للمشاهدين من مختلف الفئات والأعمار والاهتمامات، فلا يصح أن نفرض لغة معينة في التعليق على الأحداث ذات الشعبية الواسعة كالرياضة والدراما. المراكز الإعلامية بالأندية وما تقدمه من مواد صحافية، هل ينقص من يديرها دورة لغة عربية ليقدم لنا مواد تحفظ لغتنا؟ المتحدث الرسمي للمنشآت العامة والخاصة يجب أن يحرص على استخدام لغة يفهمها الجميع، فهو يتحدث عن كيان له تاريخه وله استراتيجياته وفلسفته الخاصة، لذلك يجب أن تكون اللغة الفصحى مقدمة على غيرها في حديث ممثلي وإعلاميي الأندية، فحديثه ليس للمتعة ولا مرتجلا كالمعلق الرياضي، بل هو حديث ممنهج ومدروس قبل إذاعته. هل أنت مع إقامة مسابقات تختص باللغة العربية تقيمها الأندية في فترة توقف المسابقات الرياضية، تفعيلاً للمجال الثقافي ومحافظةً على لغتنا الخالدة؟ نعم أنا مع ذلك، ومتفائل جدا بالخطوات التي تتخذها وزارة الرياضة بالتنسيق مع وزارة الثقافة، بتحويل أسماء اللاعبين من الحروف اللاتينية إلى الحروف العربية، وأرجو أن تستمر، وأن يمتد ذلك إلى مجالات أخرى في الملاعب، وكذلك إلى مجالات أخرى غير الرياضة، فللغتنا علينا حق، ولفت اهتمام النشء من خلال الكيانات والأحداث الرياضية سيؤتي ثماره في الاعتزاز باللغة والهوية والوطن. وزير التعليم الدكتور الهلالي في مناقشة علمية الهلال
مشاركة :