الأوهام الصهيونية ما بعد سقوط نتنياهو

  • 7/8/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬خطاب‭ ‬لحظة‭ ‬السقوط‭ ‬حدد‭ ‬نتنياهو‭ ‬بوضوح‭ ‬تام‭ ‬أهم‭ ‬إنجاز‭ ‬له‭ ‬وهو‭ ‬منع‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك،‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بل‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬أمرا‭ ‬صعبا‭. ‬نتنياهو‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬نجح‭ ‬هو‭ ‬واليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬انقلاب‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬عملية‭ ‬السلام‭ ‬باغتيال‭ ‬رابين‭ ‬عام‭ ‬1995‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬هدف‭ ‬استراتيجي‭ ‬وهو‭ ‬منع‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية،‭ ‬وفي‭ ‬سياق‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬قام‭ ‬هذا‭ ‬الصهيوني‭ ‬المتطرف‭ ‬بتدمير‭ ‬تركيبة‭ ‬سياسية‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬إسرائيل‭ ‬كان‭ ‬يفترض‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭.‬ وبالفعل‭ ‬فقد‭ ‬غيَّر‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬الخارطة‭ ‬السياسية‭ ‬لتصبح‭ ‬أكثر‭ ‬ميلا‭ ‬لليمين‭ ‬بشكل‭ ‬كاسح‭.‬ منع‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬كان‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬نتنياهو‭ ‬هو‭ ‬خطوة‭ ‬حاسمة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬خطة‭ ‬أكبر‭ ‬لتصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬من‭ ‬جذورها،‭ ‬وفي‭ ‬اعتقادي‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينجح‭ ‬لو‭ ‬فاز‭ ‬حليفه‭ ‬الأهم‭ ‬ترامب‭ ‬بفترة‭ ‬رئاسية‭ ‬ثانية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭.‬ ويمكن‭ ‬التذكير‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬قد‭ ‬استغل‭ ‬ترامب‭ ‬حتى‭ ‬آخر‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬ولايته‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تهيئة‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬كلها،‭ ‬وخاصة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬لتكون‭ ‬جاهزة‭ ‬لقبول‭ ‬خطته‭ ‬لتصفية‭ ‬القضية‭.‬ تاريخ‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬بدأ‭ ‬بفرض‭ ‬مبدأ‭ ‬إعادة‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬أوسلو‭ ‬وقد‭ ‬حقق‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬‮«‬بروتوكول‭ ‬الخليل‮»‬‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬1997‭. ‬كما‭ ‬نسف‭ ‬مبدأ‭ ‬التجميد‭ ‬الضمني‭ ‬للاستيطان،‭ ‬وهو‭ ‬المبدأ‭ ‬الذي‭ ‬كرسه‭ ‬رابين،‭ ‬وكذلك‭ ‬عندما‭ ‬قرر بناء‭ ‬مستوطنة‭ ‬‮«‬هارحوما‮»‬‭ ‬على‭ ‬جبل‭ ‬أبو‭ ‬غنيم‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬بين‭ ‬القدس‭ ‬وبيت‭ ‬لحم‭ ‬في‭ ‬ربيع‭ ‬عام‭ ‬1997‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬أطلق‭ ‬العنان‭ ‬للمستوطنين،‭ ‬شركائه‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬الانقلاب‭ ‬ليمنعوا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭.‬ من‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬شعبنا‭ ‬الفلسطيني‭ ‬قد‭ ‬فرح‭ ‬بسقوط‭ ‬نتنياهو،‭ ‬والحقيقة‭ ‬ليس‭ ‬الفلسطينيون‭ ‬وحدهم‭ ‬من‭ ‬فرح،‭ ‬فالرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن‭ ‬لم‭ ‬يخفِ‭ ‬فرحته‭ ‬عندما‭ ‬سارع‭ ‬بمد‭ ‬يده‭ ‬للحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الجديدة،‭ ‬وهي‭ ‬اليد‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تمد‭ ‬لنتنياهو‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬الأشهر‭ ‬السابقة‭.‬ وفي‭ ‬إسرائيل‭ ‬ذاتها‭ ‬كانت‭ ‬فرحة‭ ‬بقايا‭ ‬اليسار‭ ‬والعلمانيين‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬فرحة‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وخاصة‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يتظاهرون‭ ‬أمام‭ ‬منزل‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬القدس‭ ‬كل‭ ‬مساء‭ ‬سبت‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عام‭.‬ ولكن‭ ‬رحيل‭ ‬نتنياهو‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬وهم‭ ‬الصهيونية‭ ‬بإنكار‭ ‬وجود‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬وإنكار‭ ‬حقوقه‭ ‬الوطنية‭ ‬السياسية‭ ‬قد‭ ‬سقط،‭ ‬فالحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬تضم‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬يشاركون‭ ‬نتنياهو‭ ‬نفس‭ ‬الأهداف،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬بينيت‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الجديد‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬تطرفا‭ ‬وإيمانا‭ ‬بضرورة‭ ‬الاستمرار‭ ‬بشكل‭ ‬مكثف‭ ‬في‭ ‬الاستيطان‭ ‬وتهديد‭ ‬القدس‭. ‬وهناك‭ ‬الصقر‭ ‬جدعون‭ ‬ساعر‭ ‬الذي‭ ‬انشق‭ ‬عن‭ ‬الليكود‭ ‬قبيل‭ ‬الانتخابات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فهو‭ ‬يصر‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬وزارة‭ ‬الإسكان‭ ‬بهدف‭ ‬مراقبة‭ ‬بناء‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ (‬ج‭) ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬تمهيدا‭ ‬لضمها‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭.‬ حتى‭ ‬وجود‭ ‬جسم‭ ‬سياسي‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحكومي،‭ ‬ممثلا‭ ‬بالقائمة‭ ‬العربية‭ ‬الموحدة،‭ ‬بقيادة‭ ‬منصور‭ ‬عباس،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬تغيرا‭ ‬في‭ ‬الوهم‭ ‬الصهيوني،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬هو‭ ‬يؤكد‭ ‬هذا‭ ‬الوهم‭. ‬ فلم‭ ‬يتم‭ ‬قبول‭ ‬منصور‭ ‬عباس‭ ‬في‭ ‬الائتلاف‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خلع‭ ‬تماما‭ ‬ثوب‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬فهو‭ ‬لم‭ ‬يطالب‭ ‬بحق‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬السياسية‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬لا‭ ‬بما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬بالحقوق‭ ‬لجماهير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬داخل‭ ‬مناطق‭ ‬عام‭ ‬1948‭.‬ فالهوية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬قبول‭ ‬منصور‭ ‬عباس‭ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬في‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحكومي‭ ‬هي‭ ‬هوية‭ ‬طائفية،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬بالضبط‭ ‬المناسب‭ ‬للصهيونية،‭ ‬فالحكومة‭ ‬الجديدة‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬تضم‭ ‬قوى‭ ‬يسارية‭ ‬ومن‭ ‬وسط‭ ‬الخارطة‭ ‬السياسية‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬مقيدة‭ ‬تماما‭ ‬بقيود‭ ‬اليمين،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬فرص‭ ‬استمرار‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬فترة‭ ‬طويلة‭ ‬هي‭ ‬فرص‭ ‬ضعيفة‭ ‬نسبيا‭ ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬أطرافها‭ ‬من‭ ‬تناقض‭ ‬هو‭ ‬أقوى‭ ‬بكثير‭ ‬مما‭ ‬يوحدها،‭ ‬وخصوصا‭ ‬بعد‭ ‬نجاحهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الهدف‭ ‬الوحيد‭ ‬المشترك‭ ‬ألا‭ ‬وهو‭ ‬إسقاط‭ ‬نتنياهو‭.‬   {‭ ‬كاتب‭ ‬من‭ ‬فلسطين

مشاركة :