هل تتجه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها المنطقة، إلى فرض ضريبة على الشركات الأجنبية التي تستثمر فيها؟ تأتي هذه الفرضية في ظل التأثير الناتج عن تراجع أسعار النفط التي انحدرت منذ نهاية الربع الثالث في العام 2014 وحتى نهاية الربع الثالث في العام 2015 من 100 دولار تقريبًا إلى ما دون 50 دولارا للبرميل. تمثل الموارد النفطية المصدر شبه الوحيد بنسب تصل إلى أكثر من 90 في المائة لتمويل الخزينة العامة في أغلب دول المجلس، بينما يرى اقتصاديون أن الفرصة سانحة لإحداث إصلاحات اقتصادية والتخلص من التشوهات الاقتصادية، فالأزمات قد تحمل في طياتها فرص إصلاح تعد مكلفة في فترة الوفرة. على سبيل المثال هل تتخذ مملكة البحرين خطوة مثل هذه في ظل توجهها للتخلص من عبء الدعم، مصدر اقتصادي أبلغ «الشرق الأوسط» بأن هناك ما يوحي بهذا التوجه، وقال، إن «هذا الإجراء سيتخذ بعد أن تتخلص الحكومة البحرينية من ملف الدعم الذي يثقل كاهل الميزانية». يقول مازن السديري وهو اقتصادي سعودي، إن «الملف الذي يشغل بال دول المجلس ليس تراجع أسعار النفط بقدر ما يقلقها ملف البطالة»، وأضاف «التوجه لفرض ضريبة على الشركات الأجنبية يعني إضعافا لدور القطاع الخاص لأن ضرائب أعلى تعني قطاعا خاصا أقل، وضرائب أقل تعني قطاعا خاصا أعلى». وقال السديري، إن «الأهم لدى السعودية ودول مجلس التعاون بالتأكيد هو إعطاء دور حقيقي خلال المرحلة المقبلة للقطاع الخاص لخلق فرص وظيفية للشباب ولامتصاص البطالة، ومن المستبعد فرض ضرائب على الشركات في الفترة الراهنة». وتابع السديري «يمكن أن تلجأ دول المجلس بعد عدة سنوات إلى فرض نظام ضرائبي على الشركات الأجنبية، لكنه غير مطروح خلال هذه الفترة». بدوره يقول عادل العسومي وهو نائب في مجلس النواب إحدى غرفتي البرلمان البحريني (السلطة التشريعية): إن «توجها من هذا النوع لم يعرض على مجلس النواب حتى الآن»، وأضاف «نحن مع هذا التوجه فالشركات التي لا تسهم في العجلة الاقتصادية البحرينية، ونسب توطين الوظائف - البحرنة - فيها متدنية وتعمل في قطاعات الاستيراد والتصدير، فإن فرض الضرائب عليها قد يكون أحد الحلول». وقال «نحن مع تقديم التسهيلات الخدمية لمثل هذه الشركات ومع فرض ضرائب عليها». تخطط دول مجلس التعاون لتحرير الأسعار في سوق الطاقة، حيث بدأت دولة الإمارات في تحرير أسعار الوقود في مطلع أغسطس (آب) الماضي، بينما ينتظر أن تتخذ كل دول المجلس نفس الخطوة لكن كل دولة وفق الخطط التي وضعتها، الأقرب لتبني خطوة تحرير الوقود هي مملكة البحرين، حيث تسعى إلى التخلص من الدعم الذي تقدمه للسلع والمشتقات النفطية والخدمات والذي يقدر بنحو 3.18 مليار دولار (1.2 مليار دينار) سنويًا لتصحيح ما اعتبره نائب في مجلس النواب البحريني، تشوهات اقتصادية تمنع تحقيق الأمن الاقتصادي. وقال ماجد الماجد عضو مجلس النواب، إن «أي منعطف اقتصادي كالذي تمر به المنطقة لا ينبغي أن يؤثر على الشركات والمؤسسات الاستثمارية ورؤوس الأموال الأجنبية، وإلا يكون طاردا لها». وتابع الماجد: «الحكومة تدرك ذلك فهي توفر للشركات الأجنبية كل التسهيلات، وفي حال فرض ضريبة على الشركات الأجنبية لن تكون مؤثرة، ولن تكون طاردة للاستثمارات الأجنبية». وقال الماجد: «ما جمعته البحرين طوال السنوات الماضية من استثمارات أجنبية لن تفرط فيه بسهولة، ولكن ستكون هناك خدمات تقدمها البحرين مقابل هذه الضرائب». أمام ذلك قال عثمان الريس نائب رئيس غرفة البحرين للتجارة والصناعة، إن «فرض ضرائب على الشركات الأجنبية سلاح ذو حدين، ويجب أن يكون هناك توازن بين تبني القرارات لتوفير مصادر للتمويل وألا تتسبب هذه القرارات في هجرة الرساميل الأجنبية». يقول الاقتصادي جعفر الصائغ: إن «فكرة فرض نظام ضريبي مطروحة من سنوات»، وأضاف «أعتقد أن كل دول المجلس ستتخذ هذه الخطوة، ولكنها تحتاج إلى الوقت المناسب لفرض هذا النظام». وقال: «أعتقد أنه عاجلاً أو آجلاً ستلجأ دول مجلس التعاون الخليجي إلى الضرائب وستفرض نظاما ضريبيا حتى لو استبعدت ذلك في الوقت الراهن». وأكد أن دول مجلس التعاون كانت تستخدم عدم فرض الضرائب على الاستثمارات كحافز لجذب هذه الاستثمارات ولم يكن النظام الضريبي غائبًا عن هذه الدول لكنها كانت تعتمد ذلك كسياسة لجذب المستثمرين، وتابع «تأثير ذلك على الاستثمارات يعتمد بالدرجة الأولى على نسبة الضريبة المفروضة».
مشاركة :