متابعات-صدى المواطن تعد مهنة السقاية من المهن التي تم توارثها على مدى التاريخ في خدمة حجاج بيت الله الحرام جيلًا بعد جيل، حيث يأتي إنشاء مكتب الزمازمة الموحد عام 1403هـ لترسيخ عراقة هذه المهنة المشرفة، وجعل عمل الزمازمة جماعيًّا بدلًا من العمل الفردي ، بإشراف مباشرٍ من وزارة الحج والعمرة . وتتلخص خدمات المكتب في سقيا حجاج بيت الله الحرام طيلة فترة إقامتهم بالديار المقدسة، ويكون ذلك وفق ما جاء في التعليمات المنظمة لشؤون الحج، حيث يتم سقيا ضيوف الرحمن في مراكز توجيه الحجاج عند قدومهم لمكة المكرمة وتوزيع عبوة مبردة لكل حاج سعة 200 مل معبأة بماء زمزم المبارك، وسقيا الحجاج في مقر إقامتهم بمكة المكرمة أينما تواجدوا بواقع لتر واحد يوميًا من ماء زمزم المبارك، إضافةً لسقيا الحجاج في مراكز مراقبة تفويج الحجاج عند مغادرتهم لمكة المكرمة، حيث يشارك في أعمال المكتب نخبة من الزمازمة وأبنائهم. وقد كان عمل الزمازمة داخل الحرم المكي الشريف حيث يقوم الزمازمة بجلب ماء زمزم من البئر ويتم تخزينه في “الأزيار”، وهي أوعية فخارية كبيرة تشبه الخزان، وكذلك في براميل مصنوعة من الزنك مخصصة لكل عائلة وهي: غرف مخصصة للزمازمة في أقبية الحرم المكي الشريف. وكان للزمازمة شيخ ينتخب من ضمن أفراد الطائفة عن طريق وزارة الحج والأوقاف آنذاك وهو يقوم بتنظيم عملهم والإشراف عليهم، ويقوم الزمزمي بتقديم ماء زمزم بعد تبخير الدوارق الفخارية بـ “المستكه” ليكتسب الزمزم رائحة جميلة ومن ثم يملأ هذه الدوارق من الأزيار ويقدمه للحجاج في الطيس “أوعية نحاسية تستعمل للشرب” بمرورهم بين زوار الحرم وحول الحرم أيضًا وكان ذلك يمثل طابعًا تراثيًا مميزًا اشتهر به الزمازمة. كما كان لكل زمزمي منطقة معينة يجلس بها داخل الحرم ويقوم الزمزمي بتوزيع الدوارق على الحنابل الموجودة بالحصاوي المخصصة له والتي كانت موجودة داخل الحرم، هذه الدوراق عليها نيشـان “علامة مميزة” يعرفها الزمازمة أنفسهم تتم كتابته على كل دورق بواسطة “شمع العسل” مع “الرماد” فيشكّل لون أسود يصعب مسحه من على الدورق وذلك لمعرفة كل زمزمي لدوارقه وعدم ضياعها، فيما كان يقدم الزمازمة ماء زمزم للحجاج في منازلهم طيلة فترة إقامتهم بمكة المكرمة بنفس الدوارق، حيث كان لكل زمزمي تقرير يخصه يحدد جنسية الحجاج الذين يخدمهم ويكون مسؤولًا عن إيصال ماء زمزم لهم.
مشاركة :