مقال رأي قبل اجتماع وزراء المالية لبلدان مجموعة العشرين

  • 7/10/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

منذ أن حلت جائحة كوفيد-19 ونحن نسمع الكثير عن التضامن العالمي. والمؤسف أن الكلمات وحدها لن تنهي الجائحة - ولن تحد من تأثير أزمة المناخ. ولقد حان الوقت الآن لإظهار معنى التضامن في الممارسة العملية. فوزراء مالية مجموعة العشرين، وإذ يجتمعون في البندقية، مطروحة عليهم ثلاثة اختبارات حاسمة في مجال التضامن: اختبار يتعلق باللقاحات، وآخر يتعلق بمد شريان الحياة لاقتصاد العالم النامي، وثالث يتعلق بالمناخ. أولا، اللقاحات. إن وجود فجوة في التلقيح على الصعيد العالمي أمر يهددنا جميعا. فبينما ينتقل كوفيد-19 بين الأشخاص غير الملقَّحين، فهو يواصل التحول إلى متحوّرات يمكن أن تكون أكثر عدوى أو أكثر فتكا، أو كليهما. ونحن اليوم في سباق بين اللقاحات والمتحوّرات؛ وإذا ما انتصرت المتحوّرات، فإن الجائحة يمكن أن تقتل ملايين أخرى من البشر وتؤخر الانتعاش العالمي لسنوات. والواقع أنه بينما استفاد من التلقيح 70 في المائة من الناس في بعض البلدان المتقدمة النمو، تقل هذه النسبة عن 1 في المائة في البلدان المنخفضة الدخل. والتضامن يعني إتاحة إمكانية الحصول على اللقاحات للجميع - وبسرعة. وما مِن تعهُّد بتوفير الجرعات أو الأموال إلا وهو مرحّبٌ به. ولكن لنكن واقعيّين. فنحن لا نحتاج إلى بليون جرعة، بل إلى ما لا يقل عن 11 بليون جرعة لتلقيح 70 في المائة من سكان العالم والقضاء على هذه الجائحة. وهذا مبتغى لا يُنال بالتبرعات والنوايا الحسنة. بل يتطلب الأمر بذل أكبر جهد عالمي عرفه التاريخ في مجال الصحة العامة. ويتعين على مجموعة العشرين، بدعم من البلدان المنتجة الكبرى والمؤسسات المالية الدولية، أن تضع خطة تلقيح عالمية للوصول إلى الجميع، في كل مكان، عاجلا وليس آجلا. والاختبار الثاني للتضامن هو مد شريان الحياة لاقتصاد البلدان التي تترنح على حافة العجز عن سداد الديون. وقد ضخت الدول الغنية ما يعادل 28 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي في جهود التغلب على أزمة كوفيد-19. وفي البلدان المتوسطة الدخل، ينخفض هذا الرقم إلى 6,5 في المائة؛ وفي أقل البلدان نموا، ينزل الرقم إلى ما دون 2 في المائة. ويواجه العديد من البلدان النامية اليوم تكاليف باهظة لخدمة الديون، بينما تقع ميزانياتها المحلية تحت الضغط وتنخفض قدرتها على تحصيل الضرائب. ومن المتوقع أن تزيد الجائحة من عدد من يوجدون في حالة فقر مدقع بنحو 120 مليون شخص على صعيد العالم؛ وأكثر من ثلاثة أرباع هؤلاء ”الفقراء الجدد“ هم في البلدان المتوسطة الدخل. وتحتاج هذه البلدان إلى أن تمتد إليها يد العون لتجنب الوقوع في كارثة مالية، وللاستثمار في انتعاش قوي. ولقد تدخل صندوق النقد الدولي لتخصيص 650 بليون دولار من حقوق السحب الخاصة - وهذه أفضل طريقة لزيادة الأموال المتاحة للاقتصادات التي تعاني من ضائقة مالية. وينبغي للبلدان الأغنى أن توجه حصصها غير المستخدمة من هذه الأموال إلى البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. وهذا مقياس حقيقي للتضامن. وأنا أرحب بالخطوات التي اتخذتها مجموعة العشرين بالفعل، بما في ذلك مبادرة تعليق سداد خدمة الدين والإطار المشترك لمعالجة الديون. ولكن هذه خطوات غير كافية. ويجب أن يوسّع إجراء التخفيف من عبء الدين ليشمل جميع البلدان المتوسطة الدخل التي تحتاج إلى ذلك. ويجب أيضا إدخال المقرضين من القطاع الخاص في المعادلة. وأما الاختبار الثالث للتضامن فيتعلق بتغير المناخ. فقد تعهدت معظم الاقتصادات الكبرى بخفض انبعاثاتها إلى مستوى قيمته الصافية صفر بحلول منتصف القرن، تمشيا مع هدف 1,5 درجة مئوية المحدد في اتفاق باريس. وإذا كان الهدف هو جعل مؤتمر الأطراف السادس والعشرين في غلاسكو نقطة تحوُّل، فإننا بحاجة إلى الوعد نفسه من بلدان مجموعة العشرين كلها، ومن العالم النامي. ولكن البلدان النامية تحتاج إلى الاطمئنان إلى أن طموحها سوف يقابَل بدعم مالي وتقني، بما في ذلك 100 بليون دولار من التمويل المناخي سنويا الذي كانت البلدان المتقدمة النمو قد وعدتها به قبل أكثر من عقد من اليوم. وهذا أمر معقول تماما. فمن منطقة البحر الكاريبي إلى المحيط الهادئ، ضُربت الاقتصادات النامية بفواتير هائلة تتعلق بالبنية التحتية بسبب قرن من انبعاثات غازات الدفيئة، مع أنها لا يد لها في هذه الانبعاثات. والتضامن يبدأ بتقديم مبلغ المائة بليون دولار. وينبغي أن يمتد إلى تخصيص 50 في المائة من مجمل التمويل المناخي للتكيف، بما في ذلك الإسكان القادر على التكيف، والطرق المرتفعة عن الأرض، ونظم الإنذار المبكر الفعالة التي تستطيع أن تصمد أمام العواصف والجفاف وغيرها من الظواهر الجوية القصوى. وقد عانت جميع البلدان خلال هذه الجائحة. ولكن النهج القائمة على النزعة القومية إزاء المنافع العامة العالمية مثل اللقاحات والاستدامة والعمل المناخي إنما هي طريق نحو الدمار. وبدلا من ذلك، يمكن لمجموعة العشرين أن تضعنا على طريق الانتعاش. وستُبدي الأشهر الستة المقبلة هل التضامن العالمي سيتجاوز الأقوال إلى الأفعال المجدية. وبوسع قادة مجموعة العشرين، إذا هم نجحوا في هذه الاختبارات الثلاثة الحاسمة، بالإرادة

مشاركة :