تباطأ بشدة انتعاش لاقتصاد بريطانيا بدأ بعد رفع إجراءات العزل العام، في مايو (أيار)، على الرغم من تخفيف أكبر لقواعد التباعد الاجتماعي، وفقاً لبيانات رسمية كشفت أيضاً تضرر شركات صناعة السيارات في البلاد جراء نقص عالمي للرقائق. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية إن الناتج المحلي الإجمالي نما 0.8 بالمائة على أساس شهري، ليسجل وتيرة أسرع بكثير مما كان عليه بشكل تقليدي قبل الجائحة، لكنه مثل انخفاضاً مقارنة مع ارتفاع اثنين بالمائة في أبريل (نيسان)، وأضعف كثيراً من متوسط التوقعات لنمو 1.5 بالمائة في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء خبراء في الاقتصاد. وجاء النمو الاقتصادي في مايو مدفوعاً بأداء قطاع الخدمات، الذي سجل نمواً بنسبة 0.9 بالمائة بعد السماح للجهات العاملة في قطاعات الفندقة والترفيه والفن بفتح أبوابها من جديد، بعد تخفيف القيود الرامية للوقاية من جائحة كورونا يوم 17 مايو الماضي. وشهدت قطاعات الفندقة والمطاعم انتعاشاً على وجه الخصوص، حيث تحسنت نتائجها بنسبة 37.1 بالمائة في مايو مقارنة بالشهر السابق عليه، مع بدء عودة الزبائن إلى المطاعم وانتعاش حركة الحجوزات للرحلات السياحية. ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) عن جوناثان أثو، نائب رئيس مكتب الإحصاء البريطاني قوله إن «الاقتصاد حقق نمواً للشهر الرابع على التوالي، ورغم أن وتيرة النمو جاءت أقل مما تحقق في الآونة الأخيرة، فإنها ما زالت أقل من ذروة معدلات النمو في مرحلة ما قبل جائحة كورونا بزهاء 3 بالمائة». وأضاف أن «الحانات والمطاعم التي استطاعت استقبال الزبائن في الداخل مرة أخرى، هي المسؤولة عن الغالبية العظمى من النمو الذي تحقق في مايو»، مضيفاً أن «الفنادق أيضاً حققت تعافياً ملموساً مع رفع القيود». وعانت بريطانيا من إحدى أكبر الضربات من الجائحة بين الاقتصادات المتقدمة العام الماضي، وكان الناتج المحلي الإجمالي في مايو منخفضاً 3.1 بالمائة عن مستواه في فبراير (شباط) 2020، آخر شهر كامل قبل أن تدخل البلاد في إجراءات عزل عام. وانخفض الجنيه الإسترليني قليلاً بعد نشر الأرقام. ويتوقع بنك إنجلترا المركزي نمو اقتصاد بريطانيا 7.25 بالمائة هذا العام، وهي أسرع وتيرة نمو سنوية منذ 1941 حين كانت بريطانيا تعيد تسليح نفسها خلال الحرب العالمية الثانية. وفي العام الماضي هوى الناتج قرابة عشرة بالمائة، في أكبر تراجع في أكثر من 300 عام. وشهد أبريل الماضي تخفيف القيود المفروضة على شركات البيع بالتجزئة غير الأساسية، ومحال تصفيف الشعر، والحانات والمطاعم التي بإمكانها خدمة الزبائن خارجها. وفي مايو، جرى السماح للشركات العاملة في أنشطة الضيافة باستئناف تقديم الخدمات في الداخل. ونما الإنتاج الصناعي 0.8 في المائة لكن أنشطة التصنيع انكمشت قليلاً. وقال مكتب الإحصاءات إن نقص الرقائق يؤثر على شركات صناعة السيارات، مما أدى لأكبر انخفاض في إنتاجها منذ أبريل 2020. ويتوقع بنك إنجلترا عودة الاقتصاد للعمل بكامل طاقته بحلول نهاية العام الحالي. ويؤدي تحسن الأوضاع الاقتصادية إلى ضغوط سعرية، ويثير تكهنات بشأن موعد قيام البنك المركزي بتخفيف برنامج التحفيز الاقتصادي. غير أن المخاطر لا تزال تحيط بالآفاق الاقتصادية في البلاد، في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة تقليل العمل ببرامج دعم الوظائف، مع اعتزام رئيس الوزراء بوريس جونسون رفع باقي القيود بحلول 19 يوليو (تموز) الحالي، رغم أن السلالة المتحورة الجديدة دلتا من الفيروس تتسبب في موجة وهناك مخاوف من أن يؤدي رفع القيود، رغم أن الملايين لم يحصلوا على جرعتي اللقاح المضاد لفيروس «كورونا»، إلى نتيجة عكسية، وقد يضطر ذلك الحكومة إلى إعادة فرض القيود مجدداً. وفي سياق منفصل، خلص الاتحاد الأوروبي إلى أن بريطانيا مدينة للتكتل بمبلغ 47.5 مليار يورو (56.2 مليار دولار) في إطار تسويات انسحاب البلاد من عضويته (بريكست)، وهو رقم أعلى من تقديرات بريطانية سابقة. وأفادت وكالة بلومبرغ الجمعة بأن تقديرات الاتحاد الأوروبي، التي نشرت في وثيقة خاصة بالميزانية، تهدف إلى التعبير عن الالتزامات المستمرة لبريطانيا تجاه برامج الاتحاد التي لا تزال تستفيد منها، فضلاً عن التزامات أخرى تجاه التكتل، مضيفةً أن الجزء الأكبر من هذه المبالغ مستحَقّ خلال السنوات المقبلة. ومن الممكن أن تفضي هذه الأرقام إلى مناقشات جديدة بين الاتحاد وبريطانيا، التي ذكرت في عام 2018 أن إجمالي المبالغ المستحقة عليها يبلغ، بحسب تقديرها، 41.1 مليار يورو. ويقول الاتحاد الأوروبي إن المبالغ المستحقة على بريطانيا بالنسبة لعام 2021 تبلغ إجمالياً 6.8 مليار يورو، على أن يتم تسديد باقي المبالغ في وقت لاحق.
مشاركة :