شهد القطاع الصيدلي في لبنان أمس، إضراباً مفتوحاً مع نضوب الأدوية، فيما يهدد توقّف معملين رئيسين عن إنتاج الكهرباء قدرة مرافق عامة على الاستمرار بتقديم خدماتها وعلى رأسها المياه. ووسط عجز سياسي تام يحول منذ 11 شهراً دون تشكيل حكومة تباشر خطة إنقاذية وتضع حداً للانهيار المالي الذي رجّح البنك الدولي أن يكون من بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ عام 1850، استمر تدهور قيمة العملة المحلية، ليلامس سعر الصرف أمس، عتبة 19500 ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء. وعلى وقع شحّ احتياطي الدولار لدى المصرف المركزي، شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم تدريجياً عن استيراد سلع رئيسية بينها الوقود والأدوية، وأدى ذلك إلى تأخر فتح اعتمادات للاستيراد، ما تسبّب بانقطاع عدد كبير في الأدوية، من مسكنات الألم العادية وحليب الأطفال الرضّع، حتى أدوية الأمراض المزمنة، كما أدى إلى شح المحروقات وانتظار الناس ساعات أمام محطات الوقود، رغم رفع الأسعار الأسبوع الماضي. وبدأ تجمّع أصحاب الصيدليات أمس، إضراباً عاماً مفتوحاً. وقال عضو التجمع علي صفا: «قرابة 80 في المئة من الصيدليات التزمت بالإضراب في بيروت والمدن الكبرى، مقابل 50 إلى 60 في المئة في المناطق الأطراف». وربط عدم الالتزام الكلي بعدم تأييد نقابة الصيادلة للإضراب، وطلبها مهلة للتفاوض مع وزارة الصحة. وقال مصور فرانس برس إن غالبية الصيدليات وبينها صيدليات كبرى، أقفلت أبوابها على طول الخط الساحلي بين مدينتي جبيل وجونية شمال بيروت. وأفاد مصور آخر عن التزام عدد كبير من الصيدليات في الضاحية الجنوبية لبيروت بالإضراب. وتفاوتت نسبة الإقفال بين منطقة وأخرى في أحياء العاصمة. ومنذ مطلع العام، يبحث اللبنانيون عبثاً عن أدويتهم في صيدليات نضبت محتوياتها تدريجياً. وينشر مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي يومياً أسماء أدوية يحتاجونها، وبات كثر يعتمدون على أصدقائهم وأفراد عائلاتهم في الخارج لتأمين أدويتهم، بأسعار مرتفعة جداً مقارنة مع السعر المحلي المدعوم. ويقول صفا: المطلوب اليوم هو أن توقّع وزارة الصحة على لوائح الأدوية وفق الأولويات، فتبدأ الشركات تسليم الأدوية غير المدعومة إلى الصيدليات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، وتلك المدعومة وفق السعر «الذي تحدّده الوزارة». ولم يبق قطاع أو طبقة بمنأى عن تداعيات الانهيار، وترفع قطاعات إنتاجية أصواتها تدريجياً مطالبة بدعمها للاستمرار في تقديم خدماتها. وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أمس، أنه مع تعذّر تفريغ حمولة باخرتين، بانتظار استكمال إجراءات مصرفية ولوجستية، توقّف كل من معملي الزهراني ودير عمار تباعاً نتيجة نفاد مخزونهما من مادة الغاز، ما سيدفعها إلى اتخاذ إجراءات احترازية للحفاظ على الحد الأدنى من التغذية. ويأتي ذلك فيما تصل ساعات التقنين يومياً إلى 22 ساعة، ويجد كثر أنفسهم عاجزين عن دفع فاتورة الاشتراك بمولدات خاصة، مع رفع أسعار الوقود مؤخراً وشحّ توفرها. وجراء التقنين القاسي في الكهرباء، أعلنت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي أنها ستبدأ بتقنين توزيع المياه إلى الحدود الدنيا، موضحة أن الكميات المتوافرة لا تكفي إلا لفترة قصيرة جداً ستتوقف بعدها كل منشآتها ومحطاتها عن ضخ وتوزيع المياه. وأعلنت مؤسسة مياه لبنان الشمالي بدورها حالة الطوارئ القصوى وبرامج تقنين تطال عملية ضخ وتوزيع المياه. ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً متسارعاً، فاقمه انفجار مرفأ بيروت المروع في الرابع من أغسطس وإجراءات مواجهة فيروس كورونا. إلى ذلك، تجمع عدد من أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت عند مدخل رئاسة مجلس النواب في بيروت للمطالبة برفع الحصانة عن ثلاثة نواب في البرلمان طالب قاضي التحقيق العدلي في قضية انفجار المرفأ المجلس النيابي برفعها عنهم تمهيداً للادعاء عليهم في ملف المرفأ. ونفذ تجمع الأهالي اعتصاماً وقطعوا الطريق في محيط المنطقة، وطالبوا برفع الحصانات تلقائياً وعدم تمييع وتسييس الملف حتى لا يضيع حق الضحايا. ورفع المعتصمون لافتات تطالب بتحقيق العدالة إنصافاً لأرواح ضحاياهم ومحاسبة وكشف المسؤولين عن الانفجار، كما رفعوا صور أبنائهم القتلى. وسجل خلال الاعتصام تدافع بين القوى الأمنية المكلفة حماية مقر مجلس النواب والأهالي بعد محاولتهم الدخول إلى حرم مقر الرئاسة الثانية. وطالب البرلمان اللبناني بأدلة قضائية لبحث رفع الحصانة عن النواب الثلاثة تمهيداً للادعاء عليهم، وفق ما أفاد نائب رئيس البرلمان. وفي السياق ذاته، اعتصم أهالي ضحايا تفجير مرفأ بيروت أمس، أيضاً أمام مقر وزارة الداخلية والبلديات في بيروت، ورددوا شعارات نددت بوزير الداخلية محمد فهمي لعدم إعطائه الإذن بملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم. وردد المعتصمون شعارات تعرب عن مناصرتهم لقاضي التحقيق العدلي القاضي بيطار، مؤكدين أنهم مستمرون في «يوم الغضب» من أجل إحقاق العدالة. وكان وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية رفض طلباً تقدم به كبير المحققين في انفجار مرفأ بيروت لاستجواب مدير الأمن العام اللبناني. وقال إبراهيم في بيان «أؤكد أنني كما كل لبناني تحت سقف القانون»، لكنه أضاف «علينا التضامن والعمل بعيداً من الحسابات السياسية الضيقة أو الاستثمار السياسي، لمعرفة حقيقة ما جرى في مرفأ بيروت».
مشاركة :