وافق وزراء مال دول مجموعة العشرين السبت في مدينة البندقية الإيطالية على مشروع لإصلاح النظام الضريبي المفروض على الشركات المتعددة الجنسيات ما يشكل تحولا رئيسيا في الأنظمة الضريبية الدولية. وأثار الاتفاق سلسلة من ردود الفعل المؤيدة، من وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين التي دعت العالم "إلى التحرك سريعا للبت" بالاصلاح هذا، إلى المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية باولو جنتيلوني الذي تحدث عن "انتصار للمساواة الضريبية". ووافق وزراء المال على إصلاح اعتبر "ثوريا" يفرض ضرائب على الشركات المتعددة الجنسيات سبق أن وافقت عليه 132 دولة ومن شأنه أن يؤثر طويلا على النظام الضريبي العالمي. ودعا الوزراء الدول المترددة إلى الانضمام إلى الاتفاق وقد استجابت بالفعل لهذا النداء دولة سانت فينسنت أند غرونادين الصغيرة في الكاريبي التي وقعت الإعلان. وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير "لا عودة ممكنة إلى الوراء" بعد الان داعيا إلى "بدء تطبيق إصلاح النظام الضريبي العالمي بحلول 2023". وينص الاصلاح على ضريبة عالمية "لا تقل عن 15 %" على الشركات للقضاء على الملاذات الضريبية وفرض ضريبة على الشركات حيث تحقق إيراداتها. وستوضع اللمسات الأخيرة عليه بحلول تشرين الأول/أكتوبر على أن يدخل حيز التنفيذ اعتبارا من 2023. وأضاف لومير "نحدث اليوم ثورة ضريبية. ندير ظهرنا لسباق استمر عقودا لمن يقدم أدنى الضرائب وتبين انه غير ناجع بتاتا". ويخوض عدد من دول مجموعة العشرين بينها فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا حملات لفرض ضريبة تزيد نسبتها على 15 بالمئة، لكن لا يتوقع أن تتحرك في هذا الاتجاه قبل الاجتماع المقبل لأغنى 19 دولة في العالم وللاتحاد الأوروبي في تشرين الأول/أكتوبر. لكن كثرا من أعضاء مجموعة العمل التابعة لمنظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي، الذين توصلوا إلى اتفاق مبدئي في الأول من تموز/يوليو ما زالوا معارضين للاتفاق، مثل أيرلندا والمجر. وتفرض إيرلندا منذ 2003 ضريبة تبلغ 12,5 بالمئة، تعتبر ضئيلة جدا مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى ما سمح لها باستقبال المقار الأوروبية للعديد من مجموعات التكنولوجيا العملاقة مثل آبل وغوغل. مديرة صندوق النقد تحضّ مجموعة العشرين على منع تعرّض الدول الفقيرة لضربة "مدمّرة" شاهد: وزراء خارجية مجموعة العشرين في جولة تاريخية في مدينة ماتيرا الإيطالية مجموعة العشرين تتجه إلى إعطاء ضوء أخضر سياسي لضريبة الشركات الكبرى توزيع الرسوم الركن الأول لهذا الإصلاح هو ضمان توزيع عادل بين الدول لحقوق فرض ضرائب على أرباح الشركات المتعددة الجنسيات. فعلى سبيل المثال مجموعة "بريتش بتروليوم" النفطية موجودة في 85 دولة. وينص الركن الأول للاتفاق على إعادة تخصيص جزء من ضريبة الأرباح التي تدفعها الشركات المتعددة الجنسية لما يسمى بلدان "السوق"، أي حيث تمارس أنشطتها، ما يعني أن الضرائب لن تعود متوجبة حصرا للدول التي تضم مقرات هذه الشركات. ويستهدف الركن الأول الشركات التي يتخطى إجمالي إيراداتها عالميا 20 مليار يورو وتتخطى أرباحها عشرة بالمئة. والهدف منه تجنّب ضآلة الضرائب المفروضة على شركات متعددة الجنسية وخصوصا عمالقة الإنترنت أي غوغل وأمازون وفيسبوك وآبل التي استفادت كثيرا من الجائحة وتدابير الإغلاق، مقارنة بمداخيلها. لكن في نهاية المطاف، سيشمل هذا الركن "أكثر من مئة شركة عالمية تحقيقا للأرباح والتي تحقق وحدها نصف الربح العالمي" على ما أوضح لوكالة فرانس برس باسكال سانتامان مدير مركز السياسة والإدارة الضريبية في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. أما الحد الأدنى للضريبة العالمية، الركن الثاني لهذا الإصلاح، فسيشمل أقل من عشرة آلاف شركة كبيرة وهي تلك التي يتجاوز حجم إيراداتها 750 مليون يورو سنويا، ويشمل فرض حد أدنى من معدّل الضريبة الفعلي بنسبة "15 بالمئة على الأقل" على أرباح الشركات المتعددة الجنسية. وقالت منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي إن الحد الأدنى بنسبة 15 بالمئة قد يسمح بإيرادات إضافية تبلغ 150 مليار دولار سنويا. وسيكون متاحا للدول فرض ضرائب على أرباح خارجية لشركاتها الوطنية التي تسدد رسوما أقل في الخارج، بغية تعويض الفارق. وبرئاسة إيطاليا، عقد وزراء مال مجموعة العشرين اجتماعهم "حضوريا" للمرة الأولى منذ لقائهم في الرياض في شباط/فبراير 2020 في بداية انتشار فيروس كورونا. وفي حين فرضت الشرطة طوقا أمنيا في حي أرسيناله الذي يُعقد فيه الاجتماع، تجمع مئات المتظاهرين المناهضين لمجموعة العشرين في البندقية بعد ظهر السبت ما تسبب بمواجهات محدودة مع الشرطة. مساعدة البلدان الضعيفة ودعمت مجموعة العشرين مبادرة صندوق النقد الدولي لزيادة المساعدات لأضعف دول العالم بشكل إصدار جديد لحقوق السحب الخاصة بقيمة 650 مليار دولار. وطالبت "بتنفيذ ذلك بسرعة بحلول نهاية آب/أغسطس". ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة بزيادة احتياطيات صندوق النقد الدولي وحث أعضاء مجموعة العشرين على "التضامن" مع الدول النامية. وقال إن "التضامن يتطلب من الدول الغنية توجيه الجزء غير المستخدم من هذه الأموال إلى الدول النامية".
مشاركة :