تتسم العلاقات بين الصين وكوريا الشمالية بشكل عام بأنها ودية، حيث يتمتع البلدان بعلاقة خاصة ووثيقة، إذ تعتبر بكين أقرب حليف لبيونغ يانغ.ويقول جيمس إدوارد هواري، وهو أكاديمي ومؤرخ بريطاني متخصص في الدراسات الكورية والصينية: إن هناك اعتقادا واسع الانتشار بين متابعي النشاط في كوريا الشمالية بأن الصين، على أقل تقدير، لديها نفوذ كبير على بيونغ يانغ ويمكن أن تجبرها على أن تفعل ما تريد، وقد كان هذا الرأي سائدا بين بعض الدول الغربية منذ تدخل الصين في الحرب الكورية عام 1950.وقال هواري في تقرير نشرته مجلة «ناشيونال إنتريست» الأمريكية: إنه قبل ذلك، بطبيعة الحال، كان الاتحاد السوفيتي هو الذي يُعتقد أنه يلعب مثل هذا الدور، أو أن الاتحاد السوفيتي والصين كانا يفعلان ذلك معا، والواقع أن النزاع الصيني السوفيتي أنهى هذه الفكرة، دون الاعتقاد رغم ذلك بأن كوريا الشمالية كانت «دمية» في يد جيرانها الأكبر حجما، بدلا من أن تكون جهة فاعلة مستقلة.ويبدو أن الروابط التاريخية بين الصين وشبه الجزيرة الكورية تشير إلى النفوذ الصيني القوي على شبه الجزيرة الكورية، فالعديد من السمات المميزة لكوريا التقليدية، بما في ذلك الحكومة والهندسة المعمارية والرسم والكتابة، مستمدة من النماذج الصينية.وأكد هواري أن الملك الكوري والمحكمة الكورية تطلعتا إلى الصين لإضفاء الشرعية عليهما، وهذا يشير إلى قوة نفوذ الصين على شبه الجزيرة، في حين أن التدخل الصيني في الحرب الكورية، التي أنقذت كوريا الشمالية من الإبادة، أظهر أن التقارب العميق استمر في الفترة المعاصرة، وفي وقت لاحق، لعبت المساعدات الاقتصادية الصينية دورا مهما في التعافي الكوري بعد الحرب، وبالتالي، يجب أن يكون للصين تأثير كبير في كوريا الشمالية.ولكن في الواقع، تعتبر العلاقات بين كوريا الشمالية والصين أكثر تعقيدا من وصف هذا التحليل البسيط. إن للكوريين تاريخا طويلا من المقاومة للضغوط الصينية، وربما استخدموا نظام الكتابة الصيني، على الرغم من أنهم ابتكروا في وقت لاحق نظامهم الخاص، لكنهم احتفظوا بلغتهم الكورية، تماما كما قاموا بتعديل استعارات أخرى من الصين لاستخدامهم الخاص. وأي كوري شمالي سيبلغ أي شخص أن الصين لم تتدخل إلا عندما تعرضت مصالحها للتهديد بسبب تقدم الأمم المتحدة إلى نهر يالو، فهم لا يوضحون ذلك، ولكنهم يستاءون أيضا من رفض الصين مشاركة أسرارها في الأسلحة النووية مع كوريا الشمالية بعد أن طورت بكين قدرتها النووية الخاصة في أوائل الستينيات، ويضاف ذلك إلى أزمة الصواريخ الكوبية ورفض الاتحاد السوفييتي أيضا مشاركة التكنولوجيا لصنع الأسلحة النووية، وكان ذلك يشكل عوامل رئيسة في إقناع الكوريين الشماليين بأنهم سوف يحتاجون إلى أن يكونوا قادرين على الدفاع عن أنفسهم، وحتى لو حاول الصينيون ممارسة نفوذهم، فمن المرجح أن يرد الكوريون الشماليون بشكل غير موات. لذلك فإن الصينيين حذرون، وعليهم أن يسلكوا طريقا صعبا، وهم لم يرحبوا بتطوير كوريا الشمالية لقدرة نووية، لأن هذا يميل إلى زيادة القدرة النووية للولايات المتحدة، وربما بنفس القدر من القلق، قد يشجع اليابان على السير على هذا الطريق.ولكن الخوف من أن كوريا الشمالية قد تُدفع إلى مزيد من الضغط ثم تهاجم بعد ذلك، يميل إلى جعل الصينيين حذرين في الضغوط التي فرضوها على البلاد، وهم يعتقدون أن المشاركة والتشجيع أكثر فعالية من التهديدات وأن الاتساق أمر حيوي.ويقول هواري إن الصينيين يرغبون في المشاركة ولكنهم يدركون أيضا أن الولايات المتحدة وحدها هي التي يمكنها أن توفر لكوريا الشمالية الأمن والاعتراف الذي تسعى إليه، وينبغي أن يكون واضحا أيضا أنه إذا كانت الصين تواجه انتقادات بشأن قضايا مثل التجارة والأمن وحقوق الإنسان، فقد لا تشعر بأنها تميل كثيرا إلى العمل مع الولايات المتحدة.
مشاركة :