الجيش الباكستاني يستعين بشركات علاقات عامة لتحسين صورته

  • 10/13/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه المؤسسة العسكرية الباكستانية واقعًا جديدًا، بعد مرور عشر سنوات من العمليات العسكرية المستمرة ضد الإرهاب والمتطرفين، ألا وهو مواصلة إعلام الشعب الباكستاني بالأنشطة العسكرية الحالية. نجم عن ذلك حملة للعلاقات العامة على درجة عالية من المهنية والاحترافية تهدف، وبكل وضوح، إلى تكوين صورة شديدة الإيجابية للجيش الباكستاني في عيون الجمهور. تختلف وتتنوع الأدوات المستخدمة في تدشين حملة العلاقات العامة الموجهة لصالح الجيش الباكستاني. كانت مديرية العلاقات العامة في الجيش الباكستاني، والمعروفة هناك باسم مكتب العلاقات العامة بالجيش الباكستاني (آي إي بي آر) تواصل نشاطها خلال السنوات العشر الماضية في إنتاج الأفلام الروائية، والدراما التلفزيونية، والمواد الوثائقية، والأغاني الحماسية. في الماضي، كانت صورة الجيش في الداخل تتكون من خلال مواجهة الدعاية العدائية المضادة من قبل القوى السياسية المحلية التي كانت تتعارض مع تدخل الجيش في الحياة السياسية للبلاد. غير أن الحقائق السياسية شهدت تغييرات كبيرة عبر السنوات الـ15 الماضية. والآن، لا تنخرط التيارات السياسية الرئيسية، على سطح الأحداث، في الأنشطة الدعائية المعارضة ضد الجيش (مع بعض الاستثناءات في الآونة الأخيرة). بدلاً من ذلك، فإن الدولة تواجه موقفًا يضطلع فيه الجيش الباكستاني بمحاربة حركتين متمردتين، إحداهما في شمال غربي البلاد، والأخرى في إقليم بلوشستان. ويجب لصورة الجيش الباكستاني أن تظهر من واقع القوة التي تتمتع بقاعدة عريضة من الدعم المجتمعي في مواجهة الدعاية العدائية المضادة من قبل المتمردين. في خضم تلك العملية، تطورت مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني إلى مؤسسة إعلامية إنتاجية ضخمة، تلك التي اكتسبت مجموعة واسعة من المهارات التقنية، وكونت شبكة كبيرة من الإعلاميين والصحافيين المحترفين، والممثلين في التلفزيون، والمنتجين، والمخرجين، وأولئك الذين يصورون الأفلام في الميادين. كما أن المديرية وفرت الأفراد والمؤسسات التي هي جزء من تلك الشبكات، واجتذبت المحفزات المالية والجوائز حتى تكون دائمًا على جانب حملة العلاقات العامة للجيش الباكستاني. على سبيل المثال، هناك حالة الدكتور حسن رانا، المنتج والمخرج الشهير لفيلم «وار» الذي حقق أعلى الإيرادات، وهو يعمل الآن على إنتاج فيلم آخر بميزانية ضخمة بالتعاون مع مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني، ويقول لمراسل «الشرق الأوسط» لم نكن لنستطيع تحمل ميزانية الفيلم البالغة 3.5 مليون دولار من دون مساعدة وتدخل مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني. تزامنت عملية تحويل مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني من مجرد مكتب تابع للجيش إلى شركة إعلامية كبيرة مع ظهور وسائل الإعلام الإلكترونية في طول البلاد وعرضها. وعبرت عملية التحويل عن ذاتها من خلال تطوير قسم الصوتيات والمرئيات والقسم الإلكتروني بوصفهما جزءًا من عملة توسيع أنشطة المديرية. وتلقى ضباط الجيش العاملون دورات تدريبية في الإنتاج وتم إلحاقهم للعمل بتلك الأقسام في المديرية. وخلال السنوات العشر الماضية امتلك أولئك الضباط خبرات واسعة في أعمال الإنتاج لخدمة الأغراض الدعائية المحلية للجيش داخل البلاد، وللمشاركة كذلك في حروب الدعاية المضادة المواجهة للدعاية العسكرية الهندية. أخبر معظم المنتجون، الضالعون في إنتاج الأعمال الدرامية والوثائقية لصالح الجيش، مراسل «الشرق الأوسط» أنهم دائمًا ما يوجدون برفقة ضباط من مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني لتوفير المساعدات الفنية المطلوبة في عملية الإنتاج. وفي عام 2013 تم المصادقة على التمويل وبدأت عملية إنتاج فيلم عن عملية «سوات» بمساعدة إحدى الشركات الخاصة. وتدور أحداث الفيلم حول عملية للقوات الخاصة لتحرير وادي سوات من أيدي حركة طالبان. ويقول منتج ومخرج فيلم «يالغار: الهجوم»، الدكتور حسن رانا، لمراسل «الشرق الأوسط»، إنه «بدأ الأعمال البحثية لكتابة العمل الفني قبل عامين». وأضاف يقول: «تقابلت مع القوات الخاصة والجنود الذين شاركوا في العملية الحقيقية بوادي سوات وأجريت معهم مقابلات مطولة لأجل كتابة السيناريو». إن التحول من قوة معارضة للفنون السينمائية في البلاد إلى أن تكون القوة الدافعة الكبيرة وراء إحياء صناعة السينما الباكستانية، لم يكن عملية سهلة. فهو التحول الذي يفتخر به الجنرال عاصم باجوا، مدير عام العلاقات العامة بالجيش الباكستاني، عبر تغريدة له على «تويتر» في يوليو (تموز)، مع خروج العرض الترويجي الأول لفيلم «يالغار: الهجوم»، حيث كان يبشر بإحياء صناعة السينما الباكستانية. وفي طريقها اكتسبت مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني المهارات والخبرات الفنية اللازمة لإنتاج الأفلام السينمائية والوثائقية مع استحداث قسم الصوتيات والمرئيات بالمديرية التي يترأسها ضابط بالجيش برتبة مقدم. وخلال تلك العملية تمكنت المديرية من إنتاج ثلاثة مسلسلات درامية وعدد كبير من الأفلام الوثائقية والأغاني المنفردة. ومن المثير للاهتمام عبر السنين، خصخصة مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني لجزء من عمليات الإنتاج الفني، لإعادة بناء صورة الجيش وإظهاره على نطاق وطني واسع. على سبيل المثال، فإن جزء من إنتاج العمل الدرامي عن وادي سوات والعمليات العسكرية في منطقة القبائل قد أسند إلى شركة من القطاع الخاص، تدعى شركة استراتيجيات بحوث الاتصالات (سي آر إس)، وهي شركة علاقات عامة بالمقام الأول ولكنها تحولت إلى الإنتاج الدرامي بالتعاون مع مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني. ولقد أنتجا سويًا مسلسلين دراميين من 16 و11 حلقة. وقال المديرون في شركة استراتيجيات بحوث الاتصالات لمراسل «الشرق الأوسط»، إنهم تمتعوا بالحرية الإبداعية الكاملة من قبل مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني في أعمال إنتاج المسلسلات الدرامية. ورغم ذلك، مارست مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني رقابة تحريرية صارمة على محتويات المسلسلين. ففي المسلسل الأول، جاءت فكرة وقصة كل حلقة من قبل المديرية ذاتها، ولكن السيناريو كتبه كتاب دراميون محترفون تم اختيارهم بواسطة شركة استراتيجيات بحوث الاتصالات على نحو خاص. ومع ذلك، راجعت المديرية العسكرية السيناريو جيدًا ووافقت عليه مع بعض التعديلات الطفيفة. وقال مديرو الإنتاج في الشركة الخاصة إنه ما من تعديلات كبيرة أدخلت على الأعمال الفنية من قبل مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني. أما في العمل الدرامي الثاني، تمت مراجعة المسلسل في شكله النهائي بواسطة لجنة مشكلة من مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني وتتألف من مسؤولين من القيادة العامة، والاستخبارات العامة، والاستخبارات العسكرية. وأدخلت مرة أخرى تعديلات طفيفة على العمل الدرامي قبل عرضه. أنتج الممثل التلفزيوني والفنان الشهير نعيم طاهر مسلسلاً دراميًا من 22 حلقة بعنوان «سمجهوتا إكسبريس»، بالتعاون مع مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني، وفيه، وفقًا لما قاله، تم الكشف عن ضلوع الجماعات المتطرفة الهندوسية في تفجير قطار «سمجهوتا إكسبريس». وقال نعيم طاهر لمراسل «الشرق الأوسط»، إنه عرض فكرة المسلسل على المدير الحالي لمديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني الجنرال أطهر عباس، التي تجور حول نشأة الإرهاب والتشدد داخل المجتمع الهندي. وتابع يقول: «كانت الفكرة تهدف إلى تبديد الانطباع السائد لدى المؤسسات الإعلامية الباكستانية بأن باكستان هي التي كانت وراء تفجيرات قطار سمجهوتا إكسبريس. وتمت الموافقة على الفكرة وقمت بإنتاج العمل الدرامي مع إسناد فني ولوجيستي كبير من قبل مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني». يقول نعيم طاهر أيضًا إن مديرية العلاقات العامة بالجيش الباكستاني لم تمارس أي سيطرة تذكر على الجانب الإبداعي من عملية الإنتاج: «لم تمارس المديرية أية سيطرة.. ولكنني أرسلت إليهم سيناريو الـ22 حلقة بالكامل للمراجعة حتى لا يكون هناك شيء يعارض المصلحة الوطنية في العمل الدرامي». والآن، وكما تشير التوجهات في السوق الإعلامية، فإن العمل الدرامي من 15 حلقة يكلف نحو 15 - 20 مليون روبية.

مشاركة :