منذ تفشي وباء كوفيد-19 يبذل الفريق الطبي التابع لفريق العمل الوطني، بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، جهوداً مضنية ومتواصلة لمكافحة فيروس كورونا، ويتخذ خطوات جبارة لإبراز نجاح وتصميم الحكومة وشعبها على تحقيق الأهداف المرجوة. ويشير الإعلان الأخير لوزارة الصحة بمملكة البحرين، عن نظام الإشارة الضوئية الذي تم تبنيه من قبل الفريق الطبي التابع لفريق العمل الوطني، إلى إحدى هذه الجهود الحثيثة لمكافحة فيروس كورونا والذي يؤكد على أهمية التزام جميع أفراد شعب مملكة البحرين، وعلى أهمية اعتماد مبدأ الشراكة الوطنية والمجتمعية. ومن المثير للاهتمام أن نظام الإشارة الضوئية يمكن أن يكون مرتبطًا بنظرية التنظيم الذاتي، التي اكتسبت شهرة واسعة في مجال علم النفس التربوي. وتتبنى هذه النظرية إطار عمل مفاهيمي يتضمن العديد من جوانب التعلم المهمة مثل الإدراك والتحفيز. وبشكل عام، نظرية التنظيم الذاتي هي عملية توجيه ذاتي ينفذها المتعلمون لتحويل قدراتهم العقلية إلى مهارات متعلقة بالمهام كما حددها Barry J Zimmerman (1989). وتؤكد هذه النظرية على أدوار الأفراد ومسؤولياتهم في التحكم في سلوكياتهم وعواطفهم ومشاعرهم وأفكارهم لتحقيق أهدافهم طويلة المدى بناءً على تقييمهم للفرص والمعوقات. هناك العديد من النماذج ذاتية التنظيم، ويتكون كل نموذج من عدد من المتغيرات. من بين هذه النماذج نماذج Barry J Zimmerman (2000) وألبرت باندورا (1991)، والتي أجدها مثيرة للاهتمام والمناقشة. يشتمل نموذج Zimmermann للتنظيم الذاتي على ثلاث مراحل: التفكير المسبق والأداء والتأمل أو التفكير الذاتي. إذا ما تم تطبيق هذا النموذج على نظام الإشارة الضوئية فعندئذ، في مرحلة التفكير المسبق، سيبدأ الأفراد في تحليل الوضع الحالي لفيروس كورونا، وتحديد الأهداف لتجنبه، والتخطيط لكيفية تحقيق هذه الأهداف. في مرحلة الأداء، سيبدأ هؤلاء الأفراد في تنفيذ الخطة، مع مراقبة تطور الوضع الصحي اعتمادًا على الإحصائيات التي تنشرها وزارة الصحة بشكل يومي. وبناءً على هذه الإحصائيات سيتم تنفيذ عدد من استراتيجيات ضبط النفس المتنوعة لإشراك الأفراد معرفيا وتشجيعهم على الوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة. بعض هذه الاستراتيجيات يمكن أن تكون التدابير الاحترازية التي يقررها الفريق الطبي التابع لفريق العمل الوطني. وفي المرحلة الأخيرة، وهي مرحلة التأمل أو التفكير الذاتي، سيبدأ الأفراد في تقييم الوضع الصحي وتقييم أدائهم حول مستويات نجاحهم أو فشلهم. وبناءً على هذه النتائج سيتم تكوين ردود فعل ذاتية اما إيجابية أو سلبية، والتي بدورها ستؤثر على أدائهم وسلوكياتهم في المستقبل. أما نموذج Bandura للتنظيم الذاتي فيشتمل على العديد من الجوانب / المفاهيم الأخرى مثل المراقبة الذاتية، والتفكير الذاتي، والتقييم الذاتي، وردة الفعل الذاتية، والتوجيه الذاتي، والعقوبة الذاتية، والرضا عن النفس. في المرحلة الأولى يتم تنشيط المراقبة الذاتية من خلال مراقبة البيئة المحيطة وأداء الفرد. ويمكن تطبيق ذلك على مراقبة حالات الإصابة بفيروس كورونا محليًا وعالميًا، وبناءً على ذلك سيبدأ الأفراد في مراقبة سلوكياتهم وكذلك سلوك الآخرين. وفي المرحلة الثانية، سيتم تفعيل التقييم الذاتي والتفكير الذاتي حيث سيبدأ الأفراد في تقييم سلوكياتهم وما إذا كانوا يمتثلون للتدابير الاحترازية والمعايير التي وضعتها الدولة. وبناءً على تقييمهم تظهر المرحلة الثالثة، والتي تشمل ردود الفعل الذاتية (الرد على الممارسات الخاطئة)، والعقوبات الذاتية (الامتناع عن السلوكيات الخاطئة) والرضا عن النفس (الوصول إلى نتائج جيدة). تضع هذه الإستراتيجية الأفراد في مملكة البحرين في صميم نظام الإشارة الضوئية، وإشراكهم بصورة نشطة لتفعيل إنذارهم الداخلي لمراقبة الوضع الصحي، وتقييم مواقفهم بناءً على الإحصائيات الواردة في التقرير اليومي لحالات COVID-19، وإيجاد استراتيجيات حل المشكلات. وسيساعدهم ذلك على تنظيم سلوكهم الاجتماعي لمكافحة انتشار فيروس كورونا وتقليل نسبة الحالات. وسوف يتم تحقيق ذلك بشكل فعال عن طريق الانتقال من مستويات عالية الإنذار (مثل الأحمر والبرتقالي والأصفر) إلى المستوى المنخفض (أي الأخضر). يوفر نظام الإشارة الضوئية للأفراد استراتيجيات واضحة تعزز السلوكيات المجتمعية المناسبة للحفاظ على صحة ورفاهية الأفراد، ويتبنى هذا النظام إطارًا ذاتي التنظيم والذي يقوم على مبدأ الفهم المشترك لكيفية عمل الأفراد في مملكة البحرين لدعم الجهود التي لا تعد ولا تحصى التي تبذلها الحكومة للحفاظ على سلامة ورفاهية شعبها. } أستاذ اللغويات التطبيقية المساعد في جامعة البحرين
مشاركة :