بينما كشفت صحيفة جزائرية عن اتهام مسؤول كبير بوزارة الدفاع بـ«نشر أخبار كاذبة» خلال مظاهرات الحراك الشعبي، بغرض تشويه المحتجين، اعتقلت قوات الأمن في منطقة القبائل، أول من أمس، العديد من النشطاء أثناء تنظيم مظاهرة أمام محكمة للمطالبة بإطلاق سراح معتقلين متابعين بتهم سياسية. ونشرت صحيفة «الوطن» الفرانكفونية، أمس، أن محكمة البليدة العسكرية (جنوب العاصمة) اتهمت اللواء عبد الحميد غريس، الأمين العام سابقاً لوزارة الدفاع، بـ«تسيير شبكة جنرالات مهمتهم شن حرب إلكترونية ضد الحراك خلال عام 2019»، وكان من مهامهم الرئيسية، حسب الصحيفة، التهجم على شخصيات عامة وسياسية، وعلى المتظاهرين البارزين بالحراك ورجال أعمال، ونشر خطاب عدائي على شبكة الإنترنت ضد الراية الأمازيغية، التي عرضت عشرات المتظاهرين للمتابعة القضائية والسجن. ويوجد غريس في الحبس الاحتياطي منذ شهر، على خلفية حملة أطلقتها القيادة العسكرية التي استخلفت رئيس أركان الجيش، أحمد قايد صالح، المُتوفى نهاية 2019، كما اتهم أيضاً بـ«التربح غير المشروع»، و«استغلال النفوذ الذي يتيحه المنصب»، و«اختلاس مال عام». وأكدت «الوطن» أن أخطر التهم التي يواجهها غريس تعود إلى فترة توليه «المديرية المركزية للعتاد اللوجيستي»، والصلاحيات التي عهدت له في إبرام عقود وصفقات حربية، وكان حينها من أبرز مساعدي الرجل القوي في النظام، الفريق أحمد قايد صالح، الذي كان خصماً كبيراً للمتظاهرين، ووقف في بداية الحراك ضد تنحية الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ثم بدل موقفه وضغط عليه، ودفعه إلى الاستقالة (02 أبريل/ نيسان 2019)، وسجن شقيقه سعيد بوتفليقة، ورئيسي الاستخبارات السابق الفريق محمد مدين، واللواء بشير طرطاق. وشهدت الأشهر الأولى للحراك حملات تشويه كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، ووسائل إعلام عمومية وخاصة موالية للحكومة، استهدفت بشكل مركز المناضلين الأمازيغ، الذين رفعوا رايتهم في مظاهرات العاصمة، حيث تم اتهامهم بـ«العمالة لقوى أجنبية تريد ضرب استقرار الجزائر» تارة، وبـ«تلقي أموال من جهات أجنبية مشبوهة بغرض تحريف الحراك عن أهدافه» تارة أخرى، وسجن العشرات منهم بتهم «المس بالوحدة الوطنية»، و«إضعاف معنويات الجيش». لكن بعد وفاة قائد الجيش تم عزل ومتابعة الكثير من مساعديه، ومن بينهم مدير الأمن الداخلي الجنرال واسيني بوعزة الذي سجن، واتهم بـ«زرع معلومات كاذبة عن الحراك» عبر المنصات الرقمية. كما رحلت تركيا في أغسطس (آب) من العام الماضي بونويرة قرميط، السكرتير الخاص لقايد صالح، بعد أن هرب إلى أنقرة للإفلات من الملاحقة القضائية، وهو يقبح حالياً في السجن بتهمة «بيع معلومات عسكرية لمعارضين جزائريين في الخارج». وخلال العامين الماضيين، تم إطلاق متابعات قضائية ضد عدد كبير من الجنرالات، أبرزهم كانوا في مناصب عليا بالجيش، وذلك بتهم فساد خطيرة مرتبطة بصفقات وعقود شراء سلاح. وتأخذ وزارة الدفاع كل سنة مخصصات مالية لا تقل عن 12 مليار دولار، وهي أعلى ميزانية. وتمثل أجور مستخدمي الجيش، خصوصاً كبار قادته، وصفقات السلاح مع روسيا خصوصاً، النسبة الأكبر من هذه الموازنة التي لا يراقبها البرلمان، ولا أي جهاز من أجهزة الرقابة على المال العام، مثل «المفتشية العامة للمالية» و«مجلس المحاسبة». إلى ذلك، أفرجت قوات الأمن أمس على عدد من الناشطين، بعد اعتقالهم السبت في تيزي وزو (110 كلم شرق العاصمة)، وأحالت آخرين على النيابة. وكان الناشطون بصدد تنظيم مظاهرة أمام المحكمة المحلية، احتجاجاً على محاكمة ناشطين آخرين أعضاء بالحراك، وأعضاء بـ«حركة استقلال منطقة القبائل»، وهو تنظيم صنفته الحكومة منظمة إرهابية، واتهمه رئيس البلاد عبد المجيد تبون بـ«محاولة استهداف المظاهرات بسيارات مفخخة».
مشاركة :