حول الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد!

  • 11/28/2013
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تداعت الكثير من الأفكار إلى مخيلتي وأنا أستعرض كل ما استقبلته أذناي عبر أثير إذاعاتنا المحلية من شكاوى المواطنين، فصغتها في شكل تساؤلات؛ علَّها تشرح ما أرق مضجعي ومضاجع سائليها من قـَبـْلي، وهي: * هل نحن أمام حالة شلل بسبب الفساد المالي والإداري، تمنع من استكمال البنى التحتية في أكثر من مجال تنموي، رغم توافر المال عصب الحياة والازدهار الاقتصادي؟ فعلى سبيل المثال: معظم مدن وقرى السعودية تعاني من مشكلة تصريف مياه السيول، وفي كل سنة تتحمل الدولة تعويضات مالية بملايين الريالات بسبب هذه السيول، والسؤال: أليست هذه الملايين كفيلة بحل مشكلة السيول؟؟ ومعظم مدن وقرى المملكة تعاني من تردي الخدمات الصحية، بل إن بعضها تستخدم الطرقات كغرف للطوارئ، وهناك قرى لا يوجد بها مستشفى، فهل هذا يتناسب مع حجم ما ينفق على ميزانية الصحة؟ ثم ألم تثر الأخطاء الطبية حفيظة الهيئة؛ لتشكل على الفور لجاناً لوضع نظام قضائي مستقل للبت فيها بشكل عادل؟؟ وهل تردي الطرق وتشويهها بالمطبات دون داع، ودون رقيب، رغم وجود الميزانيات لإصلاحها وإعلانها سنوياً دون أن نلمس أي إصلاحات، بل مزيداً من الأسفلت المتشقق ومزيداً من الحُفر التي هي مستنقعات مائية لاحقاً، يحتاج إلى بلاغ أو كثير من الفطنة للوقوف على الأسباب، ومعالجتها بشكل فوري؟؟.. ألا يوحي انتشار المطبات بشكل عشوائي في شوارع السعودية، ودون حسيب أو رقيب، بأن هناك خللاً في عملية التخطيط والمتابعة لهذه الطرق؟ ترى من هو المسؤول عن هذا التخبط؟؟ والأهم من ذلك، متى نتخلص من هذا الكابوس ونسير بطمأنينة وسكون؟؟ وهل لدى الهيئة الصلاحية الكاملة للاطلاع على ميزانيات كل وزارة ومتابعة أوجه صرفها في جانب المشاريع؛ للوقوف على أوجه الفساد الإداري والمالي إن وجد؟؟ ومتى نرى الهيئة تدرس الأنظمة التي تعمل بموجبها الأجهزة الحكومية، التي تعاني معظمها الكثير من الخلل، وفيها العديد من الثغرات التي من خلالها ينفذ المفسدون ليحققوا مآربهم؟ فعلى سبيل المثال، هناك استغلال من بعض الموظفين المتنفذين في بعض الأجهزة الحكومية أدى إلى استشراء الفساد في مجالات عدة لها علاقة بالتدريب والانتدابات والترقيات وخارج الدوام والمكافآت.. وللأسفـ، إنها ما زالت تمارَس دون وازع أو رادع.. فمتى تضع الهيئة حداً لهذه المخالفات؟ ومن يحمي الجيل الجديد من تسلط المتنفذين من غير السعوديين في القطاع الخاص، الذين لا همّ لهم سوى استغلال سلطتهم وعلاقاتهم للحصول على العديد من المزايا، والالتفاف على الأنظمة في سبيل إعاقة توظيف دماء جديدة وطنية، أو وضع العراقيل أمامهم، ومنعهم من اكتساب المهارات التي تجعل منهم مؤهلين، فالقطاع الخاص يعج بغير السعوديين ممن تتاح لهم فرص التدريب الخارجي على الآلات والأجهزة في مقر الشركات الأم، بينما نرى الشح في الفنيين السعوديين.. أليس هذا خللاً في تنفيذ خطط التنمية الخمسية التي ركزت على بناء الإنسان منذ الخطة الخمسية الخامسة، ولم نصل إلى هذا الهدف العظيم ونحن نواكب خطة التنمية الخمسية التاسعة التي تنتهي بنهاية عام 2014م؟ فكل الجوانب المفصلية الفنية الحساسة وللأسف - يسيطر عليها غير السعوديين، وهذا خلل واضح، وظلم في حق الوطن. أقول: آن الأوان لدراسة نظام وزارة الخدمة المدنية في التوظيف وتصنيف الوظائف، فهو نظام يساوي في المزايا والترقيات بين حملة المؤهلات الفنية وحملة المؤهلات الأكاديمية، فمن يحمل دبلوماً ليس كمن يحمل شهادة بكالوريوس أو شهادة عليا؛ إذ يسلكون المسار نفسه من حيث الترقيات والعلاوات دون أية اعتبارات لسنوات الدراسة والخبرات المعرفية والمؤهل نفسه.. وهناك مصيبة كبيرة تتمثل في شغل وظائف بمسميات مختلفة عن مؤهلات شاغليها، بل ليس لهم علاقة بطبيعة العمل الذي يمارسونه، وفي هذا هدر للطاقات وتعطيل لشغل هذه الوظائف بمستحقيها. * وبالعودة للتساؤلات: أليست الهيئة معنية بالفساد الذي تعاني منه لجنة الاستقدام، بالغرفة التجارية؛ ما أدى إلى تضخم أسعار الاستقدام. في السابق كانت مكاتب الاستقدام تأخذ من المواطن ومن العامل أو العاملة، أي أنها كانت تستغل الطرفين، والمواطن هو الضحية، أما الآن فإن المكاتب تستفيد من الطرفين، وتلزم المواطن بدفع مبالغ كبيرة، وتكبد المواطن مبالغ إضافية تُدفع للعاملة وهي في بلدها، بل إن الأمر تعدى إلى المتاجرة بالعمالة المنزلية من الجنسين من قِبل مكاتب الاستقدام، وهذا كله انعكس بدوره على العمالة، وساءت العلاقة بين العامل أو العاملة والكفيل، وبدأنا نسمع عن حوادث تعذيب للأطفال، وتعدى الأمر إلى القتل والتنكيل والعياذ بالله. وأين دور الهيئة في إنصاف المرأة المطلقة ومن تعولهم من الأبناء بحكم قضائي، وحمايتها من ابتزاز الزوج المطلق بالتلكؤ في دفع النفقة المقررة شرعاً عليه، وتحميل المحكمة الزوجة مهمة الشكاية؟ وهل لدى المرأة وقت لتخصص يوماً أو يومين من كل شهر لمثل هذا الموضوع؟ لماذا لا تضع المحكمة حلاً جذرياً لمثل هذا الاستهتار، كاستقطاع مباشر من رواتب الزوج على حساب الزوجة، وتنتهي المشكلة والتلاعب والمماطلة؟ * أليس من المنطقي أن تحقق الهيئة في التقرير الذي أشار إلى أن السعوديين أنفقوا ما يفوق عشرة مليارات ريال على السياحة هذا العام خارج السعودية؛ فهو ببساطة نتيجة غياب مفهوم السياحة لدينا، وسوء الخدمات المقدمة، إضافة إلى تردي أوضاع الشقق المفروشة.. فالمنطق يقول إن اختلاف السعر بين شقة وأخرى أو بين فندق وآخر لا يجب أن يكون على حساب نظافة المكان وسوء تجهيزه فقط لأن النزيل دفع أقل؟ وأخيراً.. هل تنتظر الهيئة من إدارات المراجعة الداخلية في الدوائر الحكومية أن تشعرها بجوانب الفساد التي تعاني منها تلك الدوائر؟ طبعاً هذا غيض من فيض، ولدينا مزيد.

مشاركة :