مع استمرار إثيوبيا في الملء الثاني لخزان سدّ النهضة خلال موسم الفيضان الحالي، بدأت الآثار السلبية للملء المنفرد في الظهور على مناسيب المياه في دولتي المصب، خاصة سد الروصيرص الذي لا يبعد عن سد النهضة إلا بـ 100 كليومتر، بالتوازي مع تعثّر مزمن للمفاوضات، على الرغم من محاولات المجتمع الدولي إعادة إحياء المسار التفاوضي تحت مظلة الاتحاد الإفريقي. وكشفت إدارة سد الروصيرص في السودان، أمس الأول، عن استمرار انخفاض وارد المياه من النيل الأزرق بنسبة تصل إلى 50 بالمئة، وحذّرت من أن تأخر استئناف المفاوضات سيعرّض السد السوداني للخطر، إذ يرتبط سد الروصيرص بشكل حساس بإمدادات المياه القادمة من الهضبة الإثيوبية، وسيتأثر مباشرة بالوضع الجديد الذي سيفرضه سد النهضة على عملية توزيع المياه في النيل الأزرق. وجاء تراجع مناسيب السد السوداني في وقت أعلنت اللجنة الوطنية العليا لإدارة الكوارث في إثيوبيا أن نحو نصف مليون شخص مهددون بخطر الفيضانات في عدد من الأقاليم الإثيوبية، من بينها إقليم أمهرة الذي توجد فيه بحيرة تانا منبع النيل الأزرق، ووصفت اللجنة الفيضانات بالخطيرة، بما يكشف عن أن معدل الفيضان للعام الحالي سيكون أعلى من المتوسط. من جهته، قال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي، لـ "الجريدة"، إنه "من المبكر قياس مدى شدة الفيضان الحالي، وأنه سيتم تحديد حجم الفيضان عند نهاية انتهاء موسم الأمطار في أكتوبر، لكن بحسب الشواهد ومعدلات الأمطار الغزيرة المتساقطة على الهضبة الإثيوبية، نستطيع القول إن الفيضان هذا العام سيكون فوق المتوسط، وربما يصل إلى مستوى قريب من فيضان العام الماضي القياسي". في غضون ذلك، قالت وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي، إن انعقاد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لمناقشة أزمة سد النهضة يعد انتصارا للسودان، من حيث أنه اعترف بوجود قضية تستحق المناقشة، متوقعة أن يصدر المجلس الذي عقد جلسته يوم 8 الجاري، خلال الأيام المقبلة، قرارا يعزّز الاجتماع، ويعالج الموضوعات التي تحدّث عنها السودان. من جهته، عاد وزير الموارد المائية والري المصري محمد عبدالعاطي، إلى القاهرة أمس، بعد زيارة للكونغو الديمقراطية، وصرح خلال الزيارة بأن مصر حريصة على استكمال مفاوضات سد النهضة، للتوصل إلى اتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية، وأشار إلى طلب مصر والسودان بمشاركة أطراف دولية لدعم منهجية التفاوض. وأشار عبدالعاطي خلال لقائه رئيس وزراء الكونغو، مايكل لوكوند، أمس الأول، إلى أن مصر والسودان يطالبان بمشاركة أطراف دولية تقودها الكونغو تشارك فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لدعم منهجية التفاوض بين الدول الثلاث بشكل فاعل، لتعظيم فرص نجاحها، خاصة مع وصول المفاوضات الى مرحلة من الجمود، نتيجة للتعنت الإثيوبي، وأكد في الوقت ذاته أن مصر والسودان لن تقبلا بالقرار الأحادي للملء. يأتي ذلك في وقت تشهد مصر حالة من واسعة من التأييد الحزبي والبرلماني والشعبي لكلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي التي ألقاها حول أزمة سد النهضة في احتفالية جماهيرية الخميس الماضي، أكد خلالها أن المساس بالأمن المصري "خط أحمر"، لافتا إلى أن مصر لديها خيارات متعددة للحفاظ على أمن مصر القومي، وتابع: "قبل ما تحصل أي حاجة لمصر يبقى لازم أنا والجيش نروح عشان حاجة تحصل لمصر".
مشاركة :