عندما تكتشف كذبة طفلك من الطبيعي أن تشعر بالخيانة والأذى والغضب والإحباط. ولكن إليكم الحقيقة: الكذب مشكلة طبيعية لسلوك الطفل يجب معالجتها، ولكن بالنسبة لمعظم الأطفال، فهي ليست عيباً في الشخصية، وهي ليست قضية أخلاقية، ومن واجبنا كآباء معالجة الكذب بشكل مباشر، لكن لا بد أن نبدأ بمعالجة سلوك الطفل الذي جعل الكذب يظهر لديه. "سيدتي وطفلك" تساعدك في التعامل مع كذب الأطفال بعد استشارة الاختصاصيين. لنفترض أنهم وضعوا أنفسهم في مأزق لأنهم فعلوا شيئاً ما لم يكن عليهم فعله. ربما انتهكوا قاعدة، أو لم يفعلوا شيئاً كان من المفترض أن يفعلوه، مثل أعمالهم المنزلية. إذا لم يكن لديهم مخرج آخر، وبدلاً من تحمل العواقب، فإنهم يكذبون لتجنب الوقوع في المشاكل، في بعض الأحيان تكون هذه هي الطريقة الوحيدة التي يعرفون بها كيفية حل مشكلة ما، إنها مهارة بقاء، وإن كانت خاطئة. يستخدم الأطفال الكذب أحياناً كطريقة لإبقاء جزء من حياتهم منفصلاً عن والديهم. في علم النفس، نسمي هذا بـ "التفرد"، وهو أمر طبيعي تماماً. لكنهم في بعض الأحيان قد يختلقون أكاذيب لا داعي لها حول أشياء تبدو تافهة. ويمكن أن يكون هذا محيراً للوالدين. وبالطبع يكذب الأطفال عندما يعتقدون أن قواعد المنزل صارمة للغاية ويقررون عصيانها. حتى لو ابتكروا لأنفسهم هوية مزيفة، لكنهم يستخدمونها ليخفوا حقيقة أمام أقرانهم، يكذب الطفل مثلاً حول أشياء يقول إنه فعلها (لكنه لم يفعل ذلك)، ليثير إعجابهم، حتى الكبار يفعلون هذا بطريقة أو بأخرى.! الكذب غير المنطقي يكون طريقتهم في الحصول على القليل من الاهتمام، وهذا أمر طبيعي. حيث يقوم الأطفال الأصغر سناً بتأليف قصة مثل أن يقول أحدهم: "ماما لقد رأيت الفيل يطير من النافذة"، كلامه طبعاً لا يشبه كذبة الطفل الأكبر عندما يقول: "لقد أنهيت واجبي المنزلي"، وفي الحقيقة هو لم يفعل ذلك. في مرحلة ما، يتعلم معظم الناس كيفية تغيير الحقيقة حتى لا يؤذي مشاعر الآخرين. إذا سألك شخص ما مثلاً إذا كنت معجباً بموديل حذائه الجديد، بينما أنت غير راض عنه، قد تقول له "نعم إنه رائع" بدلاً من أن تكون صادقاً معه. للأطفال ليس لديهم حنكة الكبار، لكنهم عندما يراقبوننا يبدأون بالتعلم، نحن نعلمهم الكذب عندما نقول لهم: "أخبر جدتك أنك تحب طعامها حتى لو لم تكن كذلك، لأن ذلك سيؤذي مشاعرها". في الواقع، لا يكذب معظم الأطفال لإيذاء والديهم. إنهم يكذبون لأن هناك شيئاً آخر يحدث، الجزء المهم بالنسبة لك كوالد هو معالجة السلوك وراء الكذب. لكن لا تأخذ الأمر على محمل شخصي، ولا تغضب ولا تنزعج، على سبيل المثال: لنفترض أن طفلك لم يؤد واجبه المنزلي، لكنه أخبرك أنه قام بذلك. عندما تكتشف أنه يكذب وتواجهه، قد يعترف ويوضح أنه كان يمارس الرياضة مع الأصدقاء بعد المدرسة، ولهذا السبب لم يقم بواجبه المدرسي. في هذه المرحلة، يمكنك إما التركيز على حقيقة أن طفلك كذب عليك، أو يمكنك التركيز على حقيقة أنه لم يكمل واجبه المنزلي، علماء النفس يوصونك بالتركيز على السلوك الأساسي، وهو عدم اكتمال الواجب المنزلي، فعندما يحسّن طفلك السلوك الأساسي، سيختفي سبب الكذب، ولن يحتاج للكذب، في المقابل، إذا صرخت على طفلك بشأن الكذب، أو الخيانة، أو عدم الاحترام، فهذا كل ما ستتمكن من معالجته. ولن تكون قادراً على التعامل مع المشكلة الحقيقية لطفلك لضمان إكمال واجباته المدرسية. خلاصة القول هي أن غضبك وإحباطك من الكذبة لن يساعدا طفلك على تغيير السلوك (عدم القيام بواجبه المنزلي) الذي جعل الكذبة ضرورية له، لذا فإن الكذب ليس مسألة أخلاقية بحتة؛ إنها مشكلة حل مشكلة، فطفلك يكذب لأنه لا يستطيع معرفة كيفية إنجاز واجباته المدرسية في الوقت المحدد، هنا عليك أن تساعده في حل هذه المشكلة. أخطر الأكاذيب تلك التي تتعلّق بالسلوك غير الآمن أو غير القانوني أو المحفوف بالمخاطر. لذلك عليك التركز على الأكاذيب الجادة. على سبيل المثال، قد تسمع طفلتك تقول لأخرى: "أحببت فستانك جداً، ثم بعد ذلك في السيارة، تقول لك: "بابا لم يعجبني هذا الفستان".! قد تقرر مواجهتها بشأن هذا التناقض، لكن يمكنك أيضاً أن تتغاضى عن الأمر، خاصة إذا حدث هذا فقط مرة واحدة. لكن إذا كانت تكذب بشكل دائم، عليك علاج المسألة، خصوصاً إذا كانت تتعلق بتصرّف خطر. وقد تحتاج إلى طلب بعض المساعدة من متخصص. إذا اكتشفت كذبة كبيرة لطفلك لا ترد عليها على الفور. بدلاً من ذلك، أرسله إلى غرفته حتى تهدأ، ثم تحدث مع زوجتك أو صديق تثق به أو أحد أفراد أسرتك وتوصل إلى حل، أي امنح نفسك وقتاً للتفكير في كيفية التعامل مع الموقف. تذكر أنك عندما ترد من دون تفكير، فلن تكون فعالاً. لذا امنح نفسك القليل من الوقت للتخطيط لذلك، وعندما تتحدث، لا تجادل طفلك حول الكذب، اذكر فقط ما رأيته وما هو واضح. عندما تظهر هذه المشكلة عند طفلك، خطط للتدخل مسبقاً مع زوجتك أو والدك مثلاً، كونوا محايدين وغير عاطفيين قدر الإمكان. حددوا سلوكيات المشكلة التي أردتم معالجتها. قرروا أيضاً ما هي العواقب المترتبة على سلوك ابنكم، وعندما تتحدث مع طفلك كن محدداً بشأن ما رأيته واذكر نواياك بهدوء وواقعية، قل مثلاً: "إذا استمر الكذب بشأن الواجب المنزلي، فستكون هناك عواقب". أو "من الواضح أنك تسللت الليلة الماضية، ستكون هناك عواقب لهذا السلوك". لكن تذكر ان عليك تنفيذ العقوبة. نظرًا لأن الكذب هو على الأرجح الطريقة التي يحاول بها طفلك حل المشكلة،. أخبره أنك تريد أن تسمع ما السبب الذي دعاه للكذب، اسمح لطفلك بشرح الموقف، وافهمه أنك لا تبحث عن عذر للكذب، ولكن تريد تحديد المشكلة التي كان طفلك يواجهها والتي استخدم الكذب لحلها. كن مباشراً ومحدداً. ولا تّلق على طفلك محاضرة، تذكر أن ذلك لن يكون مفيداً، لأنه سيتوقف عن الاستماع.
مشاركة :