هزت انفجارات تخللها إطلاق نار متقطع ضواحي مدينة غزنة (جنوب شرقي أفغانستان) أمس، بعد محاولة طالبان اقتحام المدينة، فيما يضاعف المتمردون الضغوط في مختلف أنحاء البلاد بعد سيطرتهم الخاطفة الوجيزة على مدينة كبرى أخرى. وتمكنت القوات الأفغانية من صد الهجوم الكاسح أول من أمس، لكنه دق ناقوس الخطر مع تهديد التمرد الجاري بشكل خاص في الأرياف مدنا كبرى للمرة الأولى منذ 14 عاما. ويأتي هذا الهجوم الذي أخلى شوارع غزنة من المارة بعد أسبوعين من تمكن متمردي طالبان من السيطرة لثلاثة أيام على مدينة قندوز الاستراتيجية شمال البلاد، ومحاولات أخرى لمسلحين للسيطرة على عواصم ولايات في الشمال. وقال نائب حاكم ولاية غزنة محمد علي أحمدي، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «نحو ألفي مقاتل من طالبان شنوا في الصباح هجوما من أنحاء متعددة باتجاه غزنة». وأضاف: «لقد تمكنوا من الاقتراب لمسافة خمسة كيلومترات من المدينة مما أدى لمعارك شرسة، ولكن سرعان ما صدتهم القوات الأفغانية». وواصل: «وصلت تعزيزات عسكرية من مناطق مجاورة لضمان أمن المدينة». وبسبب المعارك أقفلت المتاجر والمدارس أبوابها، في حين فر العديد من السكان من المدينة باتجاه العاصمة كابل. في هذا الوقت، أكدت القوات الأفغانية في قندوز أنها استعادت السيطرة عليها، بعد إقرار طالبان، أمس الثلاثاء، تنفيذ انسحاب تكتيكي من التقاطعات والأسواق الرئيسية والمباني الحكومية». وما زال جنود أفغان يمشطون المدينة بدعم من قوات خاصة من الحلف الأطلسي لطرد جيوب من المتمردين قد تكون متوارية في منازل مدنيين. وشكلت السيطرة على قندوز في 28 سبتمبر (أيلول) الماضي، ولو أنها لم تستمر سوى بضعة أيام، ضربة كبرى للقوات الأفغانية التي تتدرب على يد الغرب وتقاتل بمفردها إلى حد كبير منذ نهاية المهمة القتالية للحلف الأطلسي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. لكن هذه المدينة لم تكن على ما يبدو الهدف الوحيد لمقاتلي طالبان، الذين وسعوا أيضا عملياتهم إلى ولايات بدخشان وبغلان وتخار، مما أثار مخاوف من أن تكون قندوز مجرد بداية تنفيذ استراتيجية جديدة أكثر جرأة لمضاعفة ضغط المتمردين في شمال أفغانستان. كما أثار احتمالات لتوالي سقوط مدن كبرى تحت سطوة طالبان للمرة الأولى منذ الإطاحة بالحركة من الحكم في 2001 في اجتياح بقيادة أميركية. وحاول المسلحون الأسبوع الفائت الاستيلاء على ميمنة عاصمة ولاية فرياب، لكن القوات الأفغانية صدتهم بمساعدة ميليشيات موالية للحكومة. وكثف المتمردون هجماتهم في مختلف أنحاء البلاد منذ أطلقوا حملتهم الهجومية السنوية الصيفية في أواخر أبريل (نيسان) الماضي. وأعلنت طالبان أمس أنها تعتبر قناتي «تولو» و«1 تي في»، الأهم بين شبكات التلفزيون في البلاد «أهدافا عسكرية» مشروعة، واتهمتهما بفبركة التقارير القائلة بأن مقاتلي الحركة اغتصبوا نساء في نزل للنساء أثناء احتلالهم لقندوز. واستهدف انتحاري من طالبان أمس موكبا عسكريا بريطانيا في كابل، في هجوم تم في ساعة الذروة أدى إلى مقتل ثلاثة مدنيين على الأقل بينهم طفل. وفي انتكاسة أخرى، أعلنت قوات الحلف الأطلسي أول من أمس مقتل أميركيين اثنين وفرنسي من بين خمسة قتلى في تحطم مروحية في كابل. وكانت وزارة الدفاع البريطانية أكدت مقتل بريطانيين اثنين في الحادث، مؤكدة أنه لم يقع بسبب المتمردين. وتتعرض قوات الحلف الأطلسي لضغوط بعد غارة أميركية في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أصابت مستشفى في قندوز تديره منظمة أطباء بلا حدود، مما أدى إلى مقتل 12 من فريق عملها و10 مرضى على الأقل. وأعلن البنتاغون، السبت، أنه سيدفع تعويضات لعائلات الضحايا والجرحى الذين سقطوا إثر الغارة، مقترحا أن تدفع القوات الأميركية في أفغانستان تعويضات كذلك للمستشفى. لكن المنظمة أعلنت، السبت، أنها لم تتلق أي عرض تعويض، مضيفة أنها لن تقبل المال كتعويض عملا بسياستها رفض التمويل من حكومات.
مشاركة :