ما بين 15 إلى 17 من الشهر الجاري كان مقررا على حلبة نوربورغرينغ الشهيرة، سباق العربات من وزن خمسة أطنان، لكن الفيضانات غيّرت وبسرعة سيولها البرنامج وتحولت الحلبة إلى مركز مساعدة. حلبة نوربورغرينغ معروف على الأوروبيين عامة والألمان خاصة هوسهم بسباقات السيارات أو المحركات بشتى أنواعها. وخاصة في فصل الصيف تنظم العديد من الفعاليات في هذا المجال من سباقات السيارات إلى الدراجات النارية وسباقات أولدتايمرز وغيرها. الكثير من هذه السباقات تقام في ألمانيا. وكانت الفترة بين الـ15 إلى و17 من الشهر الجاري، أي إلى غاية أول أمس السبت، مناسبة من نوع خاص. إذ كان مضمار حلبة نوربورغرينغ سيشهد منافسات لعربات من خمسة أطنان وما فوق، في موعد هو مقدس بالنسبة لسائقي الشاحنات خاصة وأن الأمر يتعلق ببطولة أوروبا لهذا النوع من السباق. لكن الفيضانات الهائلة التي اجتاحت ألمانيا وبلجيكا وألمانيا أطاحت بكل هذا. من حكم إلى مساعد حكم السباق فيري الهولندي الجنسية الذي كان من المفترض أن يعطي إشارة انطلاقه، تغيّر برنامجه لنهاية الأسبوع بسرعة السيول التي اجتاحت المدن والقرى. يقول لـDW: "بالطبع كنت أتخيل عطلة نهاية أسبوع بشكل مختلف تماما. ولكن في لحظات مثل هذه، يصبح كل شيء ثانويّاً. الآن الأولوية القصوى تكمن في تقديم المساعدة". تحول غالبية المشاركين في السباق إلى أعضاء فريق الدعم وتنسيق المساعدات. يوم الأربعاء الماضي، وبعد أن قطع مسافة 200 كيلومتر أمام سوبر ماركت في آرفايلر، جاءه اتصال من إدارة حلبة نوربورغرينغ، تطلب منه المساعدة على الفور. التحق الرجل بمجموعة من مئات المتطوعين الذين أوكلت إليهم مهمة توزيع العصائر والماء والطعام إلى المتضررين. "عندما تقف أمامك عائلة، امرأة بمنشفة فقط، رجل يرتدي ملابس الحمام وبيده طفل، فمهما كنت قويّاً، لا بد لك أن تنهار باكيا"، يقول فيري بتأثر واضح، مضيفا: "سبق لي أن عايشت فيضانات في هولندا، لكنني لم أر شيئًا كهذا من قبل". مواساة المتضررين "أكبر تحدٍّ" فيري ليس حالة منفردة، فغالبية عشاق السباقات الذين كانوا ينوون إبراز محركاتهم الهائلة، سارعوا بدورهم إلى تقديم المساعدة. كما هو حال سيمون بيكر السيدة التي تحجّ إلى نوربورغرينغ كلّ سنة لمدة 20 عامًا. في منتصف الليل، تسرد السيدة أنها وزوجها تلقيا مكالمة وطلب منهما دعم فوري. "زوجي لم يطرح أي سؤال على المتّصلين، فذهبنا فورا إلى السيارة وتوجهنا إلى عين المكان". سيمون بيكر توّلت مهمة تنسيق المساعدات، والعزل بين مئات الأكياس الزرقاء وما تحتويه من ملابس وألعاب وغيرها. أصعب مهمة واجهتها: "التحدث إلى عشرات المتضررين الذين تم إيواؤهم من الشارع في فندق... بينما لا تملك خبرة في التعامل في مثل هذه الأحداث". من حلب سباق إلى نقطة مساعدة أربع قاعات مليئة بمواد الإغاثة، وعلى بعد خطوات قليلة من رفوف الملابس، يقف ألكسندر غيرهارد المتحدث الصحفي عن حلبة سباق نوربورغرينغ، الذي قام هو وفريقه بإعلان مركزه نقطة مساعدة وتجميع المعونات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يقول ألكساندر غيرهارد: "بعد ذلك بوقت قصير جدًا، أصبحت لدينا أربع قاعات مليئة بالمعونات وأطنان من الملابس". المساعدات أتت من كل حدب وصوب، من جميع أنحاء ألمانيا وحتى من سويسرا. المساعدات وصلت من كل حدب وصوب وبسبب موقع نوربورغرينغ الاستراتيجي، اختير من قبل الشرطة ورجال الإطفاء ومنظمة الإغاثة الفنية كمكان لإدارة الأزمة. يقول ألكسندر غيرهارد: "ما يحدث هنا أمر غير عادي ، خاصة أن الرغبة في المساعدة ساحقة. الجميع يعمل ويقدم ما في وسعه، وهو أفضل ما يمكن". دعم روحي أما في فندق نوربورغرينغ Hotel am Ring الذي فتح ذراعيه للمتضررين، لا يبرح القس كلاوس كونز مكانه. وقد تحدث بالفعل إلى عشرات الأشخاص عندما زاره فريق DW. "همّ الناس الأكبر هو معرفة مكان أقاربهم"، ثم "ما إذا كانوا سيستطيعون العودة إلى منازلهم". قسّ المنطقة سبق له أن واجه مثل هذه الكوارث، فقد غمرت المياه منزل والديه على نهر الموزيل عدة مرات بسبب الفيضانات، كما يقول، لكن "لا شيء يمكن مقارنته بما حدث". كبار السن مرهقون ولا يمكنهم الاتصال بذويهم لأنهم فقدوا أرقام هواتفهم بكل بساطة. ومع ذلك كلاوس كونز مؤمن أن الكوارث العظيمة مثل هذا الفيضان الهائل "تصنع الناس وتقربهم من بعضهم". بيبر أولفر/ و.ب
مشاركة :