عندما تحل أي موجة غريبة على الحياة فإن هنالك تحركات «فطرية» لمنع الأمر «الدخيل» عن «محيط» الإنسان.. في مناعة ذاتية تفرضها «الفطرة» وتستوجبها «البصيرة».. حتى تبقى «المساحات» آمنة يحكمها «العقل» ويحميها «المنطق» وإن زادت الفترة أو ارتفعت الهجمة فإن كل منظومات «الدفاع» النفسي ستتكامل للذود عن هذا الأمان الذاتي الذي يواجه ثورة «التغير» وصورة «التغيير».. كل ذلك لكي ينأى البشر عن سلوكيات تجعلهم في مقارنة مع مخلوقات أخرى حتى لو على سبيل «التشبيه» لذا فإن «النزعة» الآدمية تبارز وتحارب منعاً للسقوط في براثن «البلادة». تدخل «العقيدة» كموجه أول يرسم «مشاهد» الثبات النفسي والإثبات الذاتي لمنع «شوائب» من شأنها تشويه «وجه» السواء ورفض «رواسب» من أهدافها تبديد «واجهة» العيش، لذا فإن الدفاع بمنطلقات «الثوابت» يأتي على رأس المواجهة التي ترفض وتمنع أي عوامل دخيلة تهدد النسيج المتعمق في أصل الإنسان والذي يشكل هويته وغايته ووسيلته في حياة لا تقبل القسمة إلا على «الحقائق» والتي تبقى شاهدة في اتجاهي «الخير» و«الشر». تتحد التربية والطبيعة الأسرية والسمعة وأصول النشأة وفصول التنشئة وأبعاد التوجيه وعناوين الأسرة ومضامين العائلة في تحديد منظومة «الدفاع» نحو المتغيرات التي تحاول «زعزعة» الثوابت المؤصلة في محطات الإنسان من الصغر فلا يلبث إلا أن يضع «الخطط» الاستباقية الكفيلة بتعديل اتجاهات «رياح» التغير والمضي على مركب آمن يقوده إلى شواطئ «التطور» وفق هوية ثابتة وهواية مثبتة كفيلتين بالحفاظ على المنطلقات والاحتفاظ بالأصول. يميل الإنسان إلى التطور بطبيعته المسجوعة بحب الاستطلاع والمجموعة بمحبة الاطلاع..ويبقى البشر في ذلك وسط اتجاهين من الدفاع عن تطور قد لا يتوافق مع الميول والقيم والاتجاهات والاقتناع بآخر يتواءم مع الطبع والتطبع والتطلع.. وكي يسير الشخص في اتزان مع الاتجاهين عليه أن يتعايش مع ذلك بالتدريج في ممارسة أبعاده والتدرج في معايشة آفاقه؛ لأن التطور لم يأت دفعة واحدة بل وصل إلى مستوياته المتعاقبة بالتدريج لذا فإن العيش تحت مظلته يجب أن يكون بذات السلوك والمسلك. كي يكون الإنسان متطوراً عليه أولاً أن يطور ذاته للتعايش مع هذا التطور والتأقلم مع هذا التغير، لا أن يعيشه وفق جموده الفكري الذي سيجعل من معايشته للتطورات «سخرية» ظاهرة تعكسها سلوكياته القابعة في حيز «الاستعجال» والماكثة في مجال « الاستهبال» لأنه يعاني من «سوء» تفكير ومن «إساءة» تدبير فليس كل تطور مناسباً للشخصية فهنالك تركيية بشرية تختلف بين الناس باختلاف عقائدهم ومعتقداتهم وطبيعتهم. الأمر الذي جعل بعض المتطورين وهمياً «مختلين اجتماعياً». تطور الحياة يقتضي التعايش مع متطلباتها والتواؤم مع مطالبها في ظل ثوابت لا يحيد عنها إلا «جاهل» ولا يزيغ عنها إلا «مغفل» وسط سلوكيات أظهرت التبلد الشخصي في مسايرة التمدد الحضاري، حيث رأينا أشخاصاً يقعون في «قعر» البؤس وآخرين يسقطون في «وحل» التخلف لأنهم شاهدوا صفحات «التطور» ولم يجيدوا قراءتها ورأوا مشاهد « التغير» ولم يعرفوا ملامحها وسمعوا «صيحات» التغيير ولم يتجاهلوا رناتها، فظلوا في «صراع» بين دفاع واجب واقتناع وهمي وبقوا في «نزاع» بين سواء ضروري وسوء اختياري فتباينت الأفعال وتفاوتت الفعائل بين حكمة تحكمت في إدارة «السلوك» وهمجية أدت إلى هزيمة «المسلك». التطور ضرورة تتعامد على «العقل» وحتمية تعتمد على «المنطق» وبينها «مؤكدات» تنبع من «ثوابت» ظلت وجهاً أصيلاً للرقي وأصلاً عميقاً للفخر و«منطلقات» تبدأ من «إثباتات» بقيت ركناً أول للتعلم وأساساً أمثل للتفكر، حتى يكون الإنسان سائراً في محطات العمر بخطوات «الواثق» وماضياً عبر دروب الحياة بخطى «الراضي» لينأى بنفسه عن «مصائد» التهور ويبتعد بذاته عن «مكائد» التدهور الذي طالما رسمته تغيرات ومتغيرات حاول معتنقوها أن يجدوا مبررات للعودة إلى الطرق المستقيمة، بعد أن وقعوا «ضائعين» في منحنيات الندم و«تائهين» في متاهات «التأنيب» ولكنهم فشلوا.
مشاركة :