التَّدخلُ العسكريُّ الروسيُّ في سورية أفادَ الثورةَ أكثرَ مِما ضرَّها

  • 10/15/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في دراسة للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الخارجية عن حدود التدخل العسكري الروسي في سورية وآفاقه صدرت دراسة قيِّمة أقتبس أهم ما جاء فيها :(( بعد أن أعطت روسيا إشارات متعدّدة توحي باستعدادها لدعم جهود التوصل إلى حلٍ سياسي للأزمة السورية، عادت إلى تأكيد موقفها الرافض لتنحي الرئيس السوري بشار الأسد على الرغم من أنّ شرط التنحي كان جزءٍاً من عمليةٍ انتقاليةٍ نصَّ عليها بيان ( جنيف 1) كما تبيّن أنّ المرونة التي أبدتها روسيا طوال السنة الماضية، لم تكن سوى تكتيكات سياسية هدفت موسكو من خلالها إلى تهميش النجاحات العسكرية التي كانت تحققها المعارضة المسلحة السورية على الأرض من جهة وإلى توظيف اتصالاتها بالمعارضة غطاءً للتمويه على توجّهها المضمر لرفع مستوى دعم النظام السوري، والذي جرت ترجمته، مطلع سبتمبر الجاري، بتدخلٍ عسكري مباشرٍ ينذر بتداعيات سياسية وعسكرية كبيرة. وعلى الرغم من أنّ روسيا تصرّ على أنّ طبيعة وجودها العسكري في سورية لم تتغير، وأنّ معظمه يمثِّلُ في ( خبراء عسكريين يقدمون المساعدة في ما يتعلق بإمدادات الأسلحة الروسية إلى سورية التي تهدف إلى محاربة الإرهاب) فإنّ حركة طائرات الشحن الروسية توضح أنّ التدخل العسكري الروسي في سورية يتعاظم يومياً، ويأخذ أشكالًا مختلفة، قوات خاصة، وتدخل سريع، وخبراء، ومدربين، ومستشارين، بالإضافة إلى مدِّ النظام السوري بمعدات وأسلحة ذات قدرات تدميرية عالية، استخدمت في قصف مدينتي الرقة وحلب في الأيام القليلة الماضية. كما نشرت مواقع معارضة سوريّة، أخيراً، مقاطع فيديو تُبيِّن مشاركة قوات روسية في قصف مواقع عسكرية تابعة للمعارضة المسلحة في جبال اللاذقية وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لجنود روس في بعض نقاط المواجهة العسكرية في جبال الساحل (صلنفة) وسهل الغاب ووفرت روسيا على مدى السنوات الخمس الماضيّة، أي منذ اندلاع الثورة، غطاءً سياسيًا ودبلوماسيًا فعالاً، حمى النظام السوري من أشكال الإدانة القانونية والسياسية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبدأت روسيا تدّخلها المباشر إلى جانب النظام، منعاً لانهياره بشكل مفاجئ، بعد أن بلغ مرحلة متقدمة من الضعف والإنهاك على يد فصائل ذات توجهات إسلامية معادية للنظام ولتنظيم داعش في آنٍ واحد . واختارت روسيا ظرفاً إقليمياً ودولياً ملائماً لتدخلها، وبرّرته بعجز التحالف، بعد عامٍ على بدء ضرباته في سورية، في إضعاف «تنظيم الدولة»، وفشل أميركا في تدريب شريك ميداني مقبول وتجهيزه لمواجهته على الأرض كما تزامنت الخطوة الروسية مع موجة لجوء كبرى إلى أوروبا، من المهجّرين السوريين، أفرزت خطاباً أوروبياً جديدًا (ألمانيا والنمسا وأسبانيا وبريطانيا، والمجر) يدعو إلى التعاون مع روسيا، لإيجاد حلٍ عاجلٍ، يوقف تدفق اللاجئين، حتى لو تطلب ذلك الانفتاح على الأسد أو التخلي عن مطلب رحيله في المدى المنظور واستغلت روسيا انشغال الدول الداعمة للمعارضة السورية بمسائل أخرى أكثر إلحاحاً لتمرير تدخلها إذ تنشغل حكومة حزب العدالة والتنمية في تركيا في حربها ضد حزب العمال الكردستاني، وبانتخابات مبكرة مفصليّة، في حين يمثل الملف اليمني أولويةً قصوى، بالنسبة إلى السعودية ودول الخليج العربي . وقد وحَّد التدخل العسكري الروسي الجهدين السياسيّ والعسكريّ للمعارضة السورية في صف ٍّواحدٍ بأجنحةٍ عسكرية وسياسية وإعلامية متضامنة والتعامل مع الوجودين العسكرييّن، الروسي والفارسي الإيراني بوصفهما احتلالًا أجنبيًا مباشرًا وصريحًا، كما سيُطلِقُ حركة تحررٍ وطنيّ ذات برنامجٍ ديمقراطي موحدٍ، لقطع الطريق على محاولات تهميش نضال الشعب السوري وتضحياته، واعتماد حلولٍ جزئيةٍ لا تلبي طموحاته وأهداف ثورته، والتوجه إلى مقاومة الوجود العسكري الروسي، بجميع الوسائل المتاحة، وخصوصاً أنّ الرأي العام الروسي يبدو شديد الحساسية تجاه خسائر ومغامرات روسية في مناطق وأزماتٍ، لا تشكل أولوية بالنسبة له، بل تعيد إليه ذكريات أفغانستان المريرة والأليمة والداميةِ. عبدالله الهدلق

مشاركة :