بكتيريا التهاب رئوي تقاوم المضادات الحيوية

  • 7/23/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ربما يكون العالم قد دخل بالفعل في مرحلة الخطورة من عدم فاعلية المضادات الحيوية، وظهور أنواع من البكتيريا غير قابلة للعلاج. وقد حذر أطباء من المستشفى العام بولاية ماساتشوستس Massachusetts General Hospital بالولايات المتحدة الأميركية من تطور في نوعية الميكروبات المسببة للالتهاب الرئوي. اللافت للنظر أن الحالات ليست متفرقة، لكنها أقرب إلى الموجة الوبائية، وهي موجة وبائية جديدة، وذلك حسب دراسة حديثة تابعت العديد من الحالات لأطفال مصابين بالالتهاب الرئوي في بنغلاديش. - بكتيريا فائقة الموجة الجديدة ليست فيروسية ولكنها بكتيرية لا تستجيب للعلاج التقليدي بالمضادات الحيوية. وعند الإصابة بها لا يقتصر الأمر على مجرد الاعتلال أو الحجز في المستشفيات، لكن هناك العديد من الوفيات بين الأطفال بالفعل، وسط مخاوف من انتقال المرض خارج بنغلاديش، وهو الأمر الذي يضع القطاع الصحي في العالم كله أمام تحد طبي جديد، خصوصاً أن جائحة «كورونا» لم تنته تماماً بعد، وكلاهما يستهدف الجهاز التنفسي. جاءت هذه التحذيرات بعد الدراسة التي قام بها الأطباء العاملون في المستشفى المركزي في بنغلاديش مع باحثين من المركز القومي لأبحاث الإسهال والنزلات المعوية هناك، ويعرف اختصاراً بـicddr، b، وذلك بالتعاون مع الأطباء بالولايات المتحدة في بوسطن. وسوف يتم نشر هذه الدراسة في مجلة الأمراض المعدية (journal Open Forum Infectious Diseases) قريباً. وقد لاحظ الأطباء العاملون في المستشفى توافد أعداد كبيرة من الأطفال في بنغلاديش وهم مصابون بالالتهاب الرئوي في الفترة من عام 2014 وحتى عام 2017، ومعظم هذه الحالات من النوع المقاوم بشدة للعلاج الروتيني المعروف الموصى به من منظمة الصحة العالمية (WHO) من المضادات الحيوية، والدعم الكافي بالأكسجين والوسائل الأخرى لمساعدة الجهاز التنفسي. وتبعاً لمنظمة الصحة العالمية، يعد الالتهاب الرئوي من أشهر الأسباب التي تؤدي إلى الوفاة بين الأطفال إذا لم يتم التعامل معه بالشكل الصحيح. وفي الأغلب يحتاج معظم الأطفال إلى الحجز بالمستشفيات، خصوصاً إذا انخفض مستوى الأكسجين في الجسم. ويعتبر تدني سرعة التنفس وعدم القدرة على التنفس بشكل طبيعي مؤشراً لنقص الأكسجين، كما أن غياب اللون الوردي من الجلد وتحوله إلى لون أقرب للأزرق دليل على نقص بالغ في الأكسجين. في الأطفال الصغار، يكون الالتهاب فيروسياً في الأغلب، لكن يمكن للبكتيريا أن تسبب الإصابة أيضاً. وفي معظم الإصابات البكتيرية تكون البكتيريا التي يطلق عليها «موجبة غرام»، سواء كانت من المكورات العنقودية (Staphylococcus) أو المكورات العقدية (Streptococcus) أو الإنفلونزا المدممة (Haemophilus influenzae)، وهذه الأنواع تستجيب بشكل جيد للعلاج بالمضادات الحيوية. وهناك أيضاً لقاح ضد المكورات العقدية والإنفلونزا المدممة، مما أنقذ العديد من الأرواح في العالم كله. - التهابات رئوية وفى بنغلاديش، حينما قام الأطباء بفحص البيانات الخاصة بـ4 آلاف من الأطفال الذين تم حجزهم من 2014 وحتى 2017 ومعظمهم كانوا ما دون الخامسة، وجدوا نوعاً آخر من الإصابات تتسبب فيه نوعية من البكتيريا في الأغلب لا تصيب الجهاز التنفسي، وهي بكتيريا سالبة غرام (Gram - negative bacteria). وعادة تقسم البكتيريا تبعاً لاحتفاظها بلون من نوع معين من الصبغة إلى موجبة، أو لا يمكنها الاحتفاظ به، وعلى ذلك تكون سالبة، وغرام هو العالم الذي اكتشف الصبغة. وكانت نسبة الإصابة بهذه العائلة من البكتريا حوالي 77 في المائة من مجموع الإصابات، وهو الأمر الذي يعد بالغ الغرابة، لأن هذه العائلة تصيب الجهاز البولي أو الجهاز الهضمي، ولكن ليس التنفسي، وهي أكثر مقاومة للمضادات الحيوية في العموم وتأخذ وقتاً أطول في الشفاء، وتكون إصابتها أشد فتكاً من إصابات البكتيريا الموجبة غرام. أوضح الأطباء في الولايات المتحدة أن نسبة بلغت 40 في المائة من البكتيريا التي أصابت الأطفال في بنغلاديش كانت مقاومة للمستويين الأول والثاني من المضادات الحيوية المستخدمين بشكل روتيني في علاج الالتهاب الرئوي حسب التدرج في قوة العلاج تبعاً للتوصيات الطبية. الذي أثار قلق الأطباء أكثر حقيقة أن الأطفال المصابين بهذه النوعية من الميكروبات المقاومة كانوا أكثر عرضة للوفاة 17 ضعف الإصابات بالبكتيريا العادية. تأتى أهمية هذه الدراسة من توضيح أن مقاومة المضادات الحيوية لم تعد مجرد نظرية أو مخاوف طبية، لكن هناك مئات من الأطفال توفوا بالفعل في عمر مبكر جداً، وذلك في مستشفى واحد فقط من إصابة تعد روتينية في أي مكان في العالم. وإذا وضعنا في الاعتبار أن دولة مثل بنغلاديش يقطنها 160 مليون نسمة، يمكننا استشعار الخطر من ظهور مقاومة المضادات الحيوية، وهو الأمر الذي حذرت منه منظمة الصحة منذ فترة طويلة. وإذا استمر وصف المضادات الحيوية بنفس المعدل الحالي سوف يؤدي إلى كارثة طبية تعيد العالم إلى مرحلة ما قبل ظهور البنسلين، حيث يمكن لإصابة بسيطة جداً مثل التهاب الحلق أن تكون قاتلة لفقدان فاعلية معظم المضادات حتى الأكثر تطوراً. أوضحت الدراسة أن جزءاً أساسياً من مشكلة مقاومة المضادات الحيوية تأتي من سهولة الحصول على الدواء بدون وصفة طبية، خصوصاً في دول العالم الثالث، فضلاً عن التصورات الخاطئة الخاصة بمفعول العلاج، حيث يعتقد الكثيرون أن كلمة مضاد تعنى ضد المرض وليس ضد البكتيريا. ولذلك يتم استخدام المضاد الحيوي في علاج العديد من الأمراض غير البكتيرية مثل الدوسنتاريا ونزلات البرد والحمى وفي بعض الأحيان كمساعد لأي علاج آخر. - استشاري طب الأطفال

مشاركة :