رأى مختصون في المسؤولية الاجتماعية وتربويون أنَّ اتجاه أمانة الرياض إلى إشراك الشباب المتطوعين في زراعة الأشجار والورد في الحدائق، إلى جانب صيانة بعض المرافق في مختلف الأحياء، يوفر منصة مهمة لأعمال التطوع، مُضيفين أنَّ هذه الخطوة شجَّعت كثيراً من الشباب على هذا العمل الوطني المهم، لافتين إلى أنَّ استثمار المناسبات الوطنية والاجتماعية، كاليوم الوطني مثلاً في إنجاز أعمال تطوعية يحقق عدة أهداف تصب في مجملها في تعزيز وتكريس المسؤولية الاجتماعية، حيث أشركت أمانة الرياض أكثر من (300) متطوع، خلال الاحتفاء باليوم الوطني، حيث توزعوا على زراعة الحدائق وصيانة المرافق والتطوع في ورش عمل للتعرف على أعمال الرقابة التي تفرضها الأمانة على المطاعم والمنشآت الغذائية والخدمية. الصورة الإنسانية للمجتمع وقال عبدالعزيز بن سليمان اليوسف - مدير مكتب التعليم بالسويدي-: "إنَّ العمل التطوعي وحجم الانخراط فيه يعد رمزاً من رموز تقدم الأمم وازدهارها، فالأمة كلما ازدادت في التقدم والرقي، ازداد انخراط مواطنيها في أعمال التطوع الخيري"، موضحاً أنَّ الانخراط في العمل التطوعي مطلب مهم من متطلبات الحياة المعاصرة التي أتت بالتنمية والتطور السريع في كافة المجالات، مُشيراً إلى أنَّ أهمية العمل التطوعي تكمن في تكميل العمل الحكومي وتدعيمه لصالح المجتمع عن طريق رفع مستوى الخدمة أو توسيعها. وبيَّن أنَّ التطوع ظاهرة مهمة للدلالة على حيوية الجماهير وإيجابيتها، لذلك يؤخذ مؤشراً للحكم على مدى تقدم الشعوب وإبراز الصورة الإنسانية للمجتمع وتدعيم التكامل بين الناس وتأكيد اللمسة الحانية المجردة من الصراع والمنافسة، مُضيفاً أنَّ العمل التطوعي يزيد من لحمة التماسك الوطني، وهو دور اجتماعي مهم يقوم به العمل التطوعي،موضحاً أنَّ ما قامت به أمانة الرياض يُعدُّ نموذجاً في دعم فرق ومجموعات العمل التطوعي والاحتفاء بالمبادرات المتميزة لها. وأضاف أنَّ أمانة الرياض ساهمت من خلال تنظيم مثل هذه الفعاليات لتشجع الشباب للمشاركة في كافة الأنشطة التطوعية، كما أنَّها فتحت أمامهم آفاقاً كبيرة للتعرف على مجالات العمل التطوعي التي تناسب اهتماماتهم، مشيراً إلى أنَّ للأمانة دورا كبيرا في تعزيز مشاركة الشباب في جميع أنشطتها الاجتماعية، إلى جانب إتاحة الفرصة لكافة مؤسسات العمل التطوعي للتعريف بخدماتها وبرامجها، من خلال الفعاليات التي تنظمها على مدار العام لخدمة المجتمع. تنشئة اجتماعية سليمة وأوضح اليوسف أنَّ ذلك تمَّ في إطار قناعة كاملة بضرورة دعم العمل التطوعي وتشجيع الشباب على المساهمة في أنشطته والإفادة من مبادراتهم وجهودهم في مضاعفة دورهم في تعزيز وترسيخ قيم المواطنة والانتماء، وفيما يتعلق بمقترحات لتطوير مثل هذا التوجه، قال: "من المهم تنشئة الأبناء تنشئة اجتماعية سليمة، وذلك من خلال قيام وسائط التنشئة المختلفة، كالأسرة والمدرسة والإعلام بدور منسق ومتكامل الجوانب منذ مراحل الطفولة المبكرة". وشدَّد على ضرورة احتواء البرامج الدراسية للمؤسسات التعليمية المختلفة بعض المقررات الدراسية، التي تركز على مفاهيم العمل الاجتماعي التطوعي وأهميته ودوره التنموي، مُضيفاً أنَّه يتوجب دعم المؤسسات والهيئات التي تعمل في مجال العمل التطوعي مادياً، إلى جانب تنظيم دورات تدريبية للعاملين في هذه الهيئات والمؤسسات التطوعية، ممَّا سيؤدي إلى إكسابهم الخبرات والمهارات المناسبة، مع التركيز في الأنشطة التطوعية على البرامج والمشروعات التي ترتبط بإشباع الاحتياجات الأساسية للمواطنين. حاجة المجتمع ودعا اليوسف وسائل الإعلام المختلفة إلى بذل دور أكثر تأثيراً في تعريف أفراد المجتمع بماهية العمل التطوعي ومدى حاجة المجتمع إليه، مع تدعيم جهود الباحثين لإجراء المزيد من الدراسات والبحوث العلمية حول العمل الاجتماعي التطوعي، إلى جانب استخدام التكنولوجيا الحديثة لتنسيق العمل التطوعي بين الجهات الحكومية، مطالباً أفراد المجتمع رجالاً ونساء، شباباً وفتيات بأن يكونوا حريصين على الإسهام بأداء بعض الأعمال التي تنفع الناس وتقضي حاجتهم وإن لم تكن أعمالاً رسمية. وأشار إلى أنَّه لو أنَّ الشباب استغل وقت فراغه في العمل المطلق الذي يختاره ويحبه في خدمة الناس وخدمة المجتمع، فإنَّ ذلك عمل يحبه الله، حيث قال الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ"، وهذا يعني أنَّ المسلم يستغل صحته ووقت فراغه في عمل نافع ومفيد، لأنَّه بذلك يدفع زكاة صحته وزكاة وقته. مبادرة إيجابية بدوره أشاد حمود بن علي الربيعان –مستشار ومهتم بالمسؤولية المجتمعية- بهذه المبادرة الإيجابية في تفعيل دور الامانة نحو المجتمع وتحفيز الشباب والمتطوعين ذوي الطاقات الإيجابية في مجال المسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي، وقال: "لا شك أنَّ مبادرة الأمانة جزء من مسؤوليتها تجاه الوطن والمواطن، ومن المعروف أنَّ المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات هي التزام للعمل اجتماعياً وبيئياً واقتصادياً وبشكل مستمر وبتوازن مع مصالح المستفيدين". وتمنى استمرار مثل هذه المبادرات، التي تُعدُّ واجباً وطنياً من الجهات ذات العلاقة في القطاعين الحكومي والأهلي، إلى جانب تمنيه أيضاً حصول واحدة من مؤسساتنا على شهادة "أيزو26000"، التي تحقق معايير المسؤولية الاجتماعية عالمياً، مُضيفاً أنَّ الدول المتقدمة أصبحت تتنافس لخدمة المجتمع بجودة عالية، مُشيراً إلى أنَّ الأعمال التطوعية والمسؤولية الاجتماعية فرصة جميلة لأفراد المجتمع صغيرهم وكبيرهم رجالهم ونساءهم، للشعور بالرضا الداخلي نحو خدمة الآخرين. صقل المهارات وبيَّن الربيعان أنَّ ديننا الإسلامي الحنيف يحث على النفع ويؤكد على أنَّ خير الناس أنفعهم للناس، مؤكِّداً على أنَّ تفاعل الشباب في مراحلهم المبكرة في مبادرات المسؤولية الاجتماعية تصنع منهم مستقبلاً نافعاً لذواتهم ولمن حولهم، كما أنَّها تصقل الكثير من مهاراتهم وقدراتهم، مُضيفاً أنَّ الأعمال التطوعية فرصة للاحتكاك مع الخبراء والمهتمين وطريقة مثلى للممارسة بأسلوب علمي مقنن، من خلال البيئات الإيجابية التي تجمع المتطوعين لتحقيق أهداف مشتركة نحو خدمة المجتمع. وفيما يتعلق بالمقترحات التي يمكن أن تطور مثل هذه لأعمال، قال: "لابُدَّ من النظر في احتياجات المجتمع بأسلوب علمي يساهم في صنع مبادرات تطوعية مفيدة على المستوى الاجتماعي والصحي والاقتصادي والبيئي، واستمرار هذه المبادرات بأسلوب مقنن يساعد في ديمومتها، فتكوين فريق تطوعي دائم في الأمانة ومركزاً للمسؤولية الاجتماعية في الأمانة يحفز الجهات الأخرى لتقديم مبادرات مجتمعية مفيدة، فنبارك لكم هذه الخطوة، ونتمنى استمرار الأمانة عليها". عمل وطني من جهته أكَّد د. عبدالله الخراشي –أكاديمي ومهتم بالشأن الاجتماعي- على أنَّ خطوة أمانة الرياض مبتكرة، مُضيفاً أنَّها فكرة رائعة أن تستثمر احتفالات اليوم الوطني فيما ينفع الناس والمجتمع، موضحاً أنَّ الاحتفاء بزرع شجرة أو ريّ وردة أو إصلاح كرسي في حديقة هو عمل وطني خالص، وعمل جميل ورائع في الوقت ذاته، بل إنَّه مثال على الفرح المنضبط والنافع، كما أنَّه رسالة بليغة، لافتاً إلى أنَّ الاحتفاء باليوم الوطني هو احتفاء بتنمية الإنسان والمكان. وأشار إلى أنَّ الشباب السعودي رمز بناء وعطاء، ويتوق للخدمة الوطنية والاجتماعية، لكنَّه يحتاج فقط إلى الفرصة والثقة والتشجيع، مبيناً أنَّه من خلال عمله الاكاديمي التصق بالشباب وحاورهم ووجد فيهم روحا وثَّابة وأفكارا خلاقة وحماسا منقطع النظير، مُضيفاَ أنَّ أمانة الرياض وُفقت كثيراً بهذه الخطوة، ويجب أن تليها خطوات من خلال مأسسة هذا العمل وتنميته بشكل دوري وجذب أكبر شريحة ممكنة، داعياً وسائل الإعلام لتسليط الضوء على هذه الصورة الرائعة للمجتمع السعودي، خاصةً في ظل تنامي وسائل التواصل الاجتماعي. قيم مجتمعية وأوضح د. خالد عادل البنَّا -طبيب ومشرف في فريق إنجاز بلا حدود- أنَّ أمانة الرياض دعت مشكورة فريق إنجاز بلا حدود إلى المشاركة المجتمعية، وذلك للإفادة من طاقاتهم الشابة، من خلال الانخراط في الأعمال المجتمعية ضمن مجموعات شبابية تطوعية وتسخير طاقاته في خدمة المجتمع لإنجاز الكثير من المهام والأعمال، التي تفسح المجال أمامهم للعمل على رفعة المملكة ونهضتها، من خلال سواعد أبنائها. وشدَّد على أهمية العمل التطوعي ودوره الكبير والمهم في استثمار واستلهام طاقات الشباب وتنمية مهاراتهم وتوجيهها في مكانها الصحيح ورفع مستوى الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمواطنين والمجتمع، مُضيفاً أنَّ دوافع العمل التطوعي في المملكة أقوى منها في أيّ دولة أخرى؛ لكون المجتمع السعودي يرتكز على عدة أسس أبرزها الدين الإسلامي، إلى جانب القيم المجتمعية التي يتميز بها، التي تدعو إلى الترابط والتكاتف بين الأفراد، سعياً نحو مجتمع متراحم ومتكافل. ثقافة التطوع ولفت د.البنَّا إلى أنَّ مشاركة الشباب في الأعمال التطوعية بجميع أشكالها يفتح المجال لخدمة المملكة وأبنائها والتعرف على الخبرات المتنوعة التي من الممكن اكتسابها، مُضيفاً أنَّ ثقافة التطوع في مجتمعنا تحتاج إلى تحريك حتى تينع ثمارها وتزهر، وفيما يتعلق بالمقترحات التي يقدمها كأحد الناشطين في هذا المجال، قال: "العمل التطوعي يُعدُّ جانبا من جوانب تقدم الشعوب ورقيها، فكلَّما زاد تطور شعب ما، زاد انخراط أفراده في الأعمال التطوعية وزاد إيمانهم بأنَّ هذه الأعمال التي يؤدونها قد تساعد بشكل سريع في تطور مجتمعاتهم. وأضاف أنَّ هناك حاجة إلى التوعية والإرشاد، لشحذ طاقات الشباب للقيام بالأعمال التطوعية بما يؤدي إلى نشر هذه الثقافة واحترام الأعمال التطوعية وجعلها ميزة لمن يؤديها، مُشيراً إلى أنَّ المساهمة المجتمعية والتطوع في كثير من البلدان المتحضرة تُعدُّ جزءاً من نقاط القوة للفرد عندما يتقدم للحصول على وظيفة أو فرصة عمل.
مشاركة :