بائعو الهرج والمرج

  • 7/24/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

زاد انتشار منصات التواصل الاجتماعي وتعددت أنواعها وألوانها، وتنوعت «مخرجاتها» إن صح التعبير، لكن الملاحظ أن المحتوى غير المفيد يطغى على المحتوى المفيد الذي يفترض أن يكون التنافس عليه، فنتج عن ذلك تشويش للأفكار يؤثر على جيل كامل، وكثر بائعو الهرج والمرج وارتفع عدد متابعيهم بطريقة «شوفوني لا تنسوني يا حبايب عيوني»، لنُصدم بهم ثم تُميع الأمور من المتملقين والمتسلقين بحجة أن «بائعي الهرج» يضحكوننا ومن أوقات الهم يخرجوننا! ضعنا بين الحابل والنابل في مساحات ومتاهات متشعبة، ننسحب من الجانب السليم كمتابعة المفكرين والعلماء وأصحاب الرأي السديد والمنطق الحكيم، وننساق إلى الجانب المعوق الأجوف، الذي سحب البساط من تحت أقدام العظماء ليتبختر عليه المتلونون المتفلسفون ببعض المقولات المشهورة أو المقاطع المقصوصة، لرفع رصيدهم بشراء متابعات ودعم بالإعجاب لهرجهم في حلقات سخفهم. لا عزاء لنا، نحن قومٌ وضعنا التافهين الفارغين على رأس قائمة اهتماماتنا، لنجدهم على ظهرنا يتكاثرون ويتوالدون، فتجد الأب وابنه والأم وابنتها في محتوى لا يحمل سوى السخف والسذاجة من غناء وهز ولعب على عينك يا متلقي و»ألعب يله». عزيزي القارئ عزيزتي القارئة، لندقق النظر في الجانب الآخر الذي بات محصورا ورتيبا بأيدينا لا بيد عمرو، مع صفوة المجتمع من أعلام المعرفة العميقة والكلمات الرصينة، ألا ينبغي لنا ألا نجحف في حق أصحاب الهمم والاكتشافات والأبحاث، ألا يجب أن نوقرهم ونقدرهم لما بذلوه وسعوا إلى تقديمه لنا وللبشرية جمعاء؟ عزيزي وعزيزتي المتلقين المتقبلين الصامتين، ألا يجب أن نحرص على أبنائنا وأنفسنا من التافهين المتسلقين، لكي نكون قدوة ولو بشيء يسير، لنشارك أبناءنا في التعرف على من هم أهل لمتابعتهم وتغذية بواطن إدراكهم. مما لا شك فيه أن لدى المجتمع رغبة كبيرة أن يتم ضبط وتحديد هذا الأمر من قبل الجهات المسؤولة، ضمن أُطر قانونية تحد من هذه الفوضى المتفاقمة دون أي رادع لها. لنفطن لواقعنا لأن الحال الذي نصير إليه لا يس، رحم الله أبا العلاء المعري الذي قال: وجدت الناس في هرج ومرج .. غواة بين معتزل ومرجي.

مشاركة :