تحاكم هذه الأيام أم أويس، امرأة داعشية، أعلنت مبايعتها للبغدادي. ومن قبلها حوكمت أم الرباب، امرأة من القاعدة، وهناك غيرهما من النساء الناشطات في التعاون مع التنظيمين. كم هو محير توجه النساء إلى مساندة داعش أو القاعدة من قبل، رغم أن نظرة هذين التنظيمين إلى المرأة نظرة مزدرية ومتدنية إلى أبعد حد!! وإذا كان السائد بين الناس أن تنظيم داعش ومن قبله القاعدة، يغريان الشباب بالانضمام إليهما بالتلويح لهم بالجنة والتمتع بما فيها من الحور العين، فبأي شيء يمكن لهذين التنظيمين أن يغريا النساء وهما لا يحسنان معاملتهن في الدنيا، ولا يؤمنان بما يقوله بعض المفسرين، من أن لهن في الآخرة نصيبا في حور عين من الذكور كما أن للرجال حورا عينا من الإناث؟! ما الذي يدفع بالشابات إلى الانضمام إلى هذين التنظيمين؟ ترى بأي شيء تغري تلك التنظيمات النساء كي يلتحقن بها؟ من سمات النساء اللاتي يلتحقن بالتنظيمين أنهن لسن كغالبية الشباب الذين يلتحقون بهما ممن تغلب عليهم صفة الجهل أو البطالة والضياع، هؤلاء النساء متعلمات، بعضهن يحملن درجات علمية جامعية، وبعضهن يدرسن دراسات عليا، فكيف انطلت عليهن أكاذيب داعش ومن قبلها القاعدة؟ أم أن التعليم شيء، وصقل الفكر شيء آخر؟! فمن المؤكد أن من ترى خيرا في تنظيم القاعدة أو داعش، لا يتوقع أبدا أنها انتفعت بالتعليم في صقل العقل. الأمر الآخر الذي يحير في نساء التنظيمات الإرهابية، هو كيف يمكن التوفيق بين ما هو معروف من تأصل النظرة المتحفظة في الفكر الداعشي والقاعدي نحو المرأة، حيث لا ترى المشاركة في الشأن العام واجبا على المرأة، وأن أقصى واجباتها الانشغال بخدمة الزوج والأولاد، وبين ما هو قائم من نشاط فعلي للمرأة فرض عليها الخروج من دائرة البيت الضيقة إلى الانخراط في العمل في خدمة مصالح التنظيم؟!! المرأة داخل هذين التنظيمين تحمل مسؤولية فكر سياسي وتمارس مهام جوهرية في الدعم والمساندة لمنفذي الحركات الإرهابية، كما تبدو من خلال ذلك كله، امرأة متمكنة وليست بالمرأة الضعيفة، فهي تملك المبادرة الذاتية، مستقلة الإرادة، قادرة على الاختيار، حرة التصرف، وتلك كلها من الصفات التي غالبا لا يحب التنظيم أن يراها في النساء، فكيف يمكن التوفيق بين هذه المتناقضات؟!
مشاركة :