الرباط- وصفت أوساط مغربية مطلعة الحملة الإعلامية الفرنسية والجزائرية على المغرب بأنها حملة مضللة، تستند إلى مزاعم لا صلة لها بالواقع تتهم مؤسساته الأمنية بالتجسس على شخصيات سياسية وحقوقية وإعلامية، لتصفية الحساب مع المغرب في ملفات أخرى. وأشارت هذه الأوساط إلى أن دوائر معادية للمغرب وجدت الفرصة مواتية لاستهداف الاستخبارات المغربية التي تحقق نجاحات متعددة بعضها استفادت منه فرنسا نفسها من خلال إفشال عمليات إرهابية كان للمغرب دور بارز في كشفها. ولم تستبعد هذه الأوساط أن يكون الهدف هو ابتزاز المغرب للحفاظ على علاقات اقتصادية وأمنية تقليدية لم تعد كافية بالنسبة إليه في ظل توسع دوره الإقليمي والدولي، ورغبته في بناء علاقات متعددة على قاعدة المصالح المتبادلة. حميد جماهري: الأمر أكثر تعقيدا لفرنسا مع تجفيف منابع مخابراتها بالمغرب وأشارت وسائل إعلام مغربية إلى أن دوائر نفوذ فرنسية تتحرك لمنع المغرب من توقيع عقود عسكرية واقتصادية مهمة مع إيطاليا والصين، وهو ما اعتبرته تلك الدوائر أنه يمس من مصالح باريس وشركاتها الكبرى. وتؤكد الأوساط السابقة أن المغرب تعوّد على هذه الحملات الإعلامية التي توظف أيّ حادث عرضي للضغط عليه ومحاولة فرض شروط لا يقبل بها، وأنه صار يعرف من يقف وراءها من دوائر إعلامية ومنظمات في ظاهرها حقوقية وهي في الواقع تنفذ أجندات تابعة لدوائر معادية للرباط ومنزعجة من نجاحاتها الدبلوماسية وعلاقتها الاقتصادية المتنوعة خاصة في أفريقيا. وأعربت الحكومة المغربية عن استغرابها الشديد لقيام وسائل إعلام أجنبية بنشر مواد إخبارية زائفة، بشكل متواتر ومنسق، منذ الأحد الماضي، تدّعي قيام المغرب باختراق أجهزة هواتف عدد من الشخصيات العامة، الوطنية والأجنبية، ومسؤولين في منظمات دولية. وأدانت المملكة المغربية ما وصفته “بالحملة الإعلامية المتواصلة المضللة المكثفة والمريبة، التي تروّج لمزاعم باختراق أجهزة هواتف عدد من الشخصيات العامة الوطنية والأجنبية باستخدام برنامج معلوماتي”. وأكد حميد جماهري عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي ورئيس تحرير جريد الاتحاد أنه منذ السنة الماضية والتحرش الإعلامي الفرنسي متواصل، وتهمة استعمال برنامج للهواتف الخلوية طورته شركة «إن إس أو» الإسرائيلية تحت اسم بيغاسوس، في التجسس، تلاحق المغرب، موضحا أن ما يريده صحافيون فرنسيون، يساريون ويمينيون، هو الترويج بأن المغرب دولة بوليسية تطبق دكتاتوريتها حتى في فرنسا! وأشار حميد جماهري في تصريح لـ”العرب” أن الأمر لم يقف عند ما أسماه بالرهاب الإعلامي، بل انتقل إلى الحكومة الفرنسية نفسها، التي نددت بما وصفته بـ«وقائع صادمة للغاية» غداة كشف عدد من وسائل الإعلام عن تجسس أجهزة الاستخبارات المغربية على نحو ثلاثين صحافيا ومسؤولا في مؤسسات إعلامية فرنسية. ويرى جماهري أن الأمر بالنسبة إلى فرنسا أكثر تعقيدا مع تجفيف منابع مخابراتها داخل المغرب ونحوها في متابعة تطورات القرار السيادي في العديد من القطاعات منها الاقتصادية والشركات الدولية وما إلى ذلك. وقال إن الغريب أن فرنسا التي تنزعج من قدرات الاستخبارات المغربية وهي أول مستفيد منها في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة. وقرر المغرب رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية في باريس ضد منظمتي “فوربيدن ستوريز” والعفو الدولية (أمنستي) بتهمة التشهير، بحسب ما أعلن المحامي المعين من طرف المملكة لمتابعة القضية. محمد لكريني: الجزائر تحاول الرد على الإحراج المغربي بشأن انفصال القبائل ولم يكن مفاجئا بالنسبة إلى المغرب أن تدخل الجزائر على خط هذه الحملة كنوع من التنفيس عن أزماتها الداخلية، وخاصة فشلها في مجاراة مكاسب المغرب في موضوع الصحراء المغربية، وهي مكاسب توسعت بشكل لم تعد السلطات الجزائر تتحمل السكوت عليها. وتناولت الصحافة الجزائرية مزاعم اختراق المغرب هواتف عدد من الشخصيات العمومية الوطنية والدولية وصبغتها بلون اليقين رغم أن الأمر لم يخرج من دائرة الاستهداف السياسي والإعلامي للمغرب. ويعتقد محمد لكريني أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة المغربية أن ما تعرّضت له بلاده في اليومين الأخيرين من قبل الاعلام الجزائري والإسباني والفرنسي هو استهداف سافر للمغرب خصوصا بعد الأزمات المتتالية مع إسبانيا والجزائر، حيث استغل ذلك الإعلام ادعاءات بالتجسس للتشويش على نجاحات المغرب في تدبير علاقاته الندية مع تلك الدول. ونقلت الصحافة الجزائرية رؤية وزارة خارجية بلادها حيث وجهت اتهامات رسمية إلى المغرب بشأن هذه المزاعم، وأعربت عن “قلقها العميق بعد كشف مجموعة من المؤسسات الإعلامية ذات السمعة المهنية العالمية قيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربية، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسس المسمى بيغاسوس ضد مسؤولين ومواطنين جزائريين، إلى جانب صحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم”. واعتبرت الجزائر في بيان الخارجية أنها “مستهدفة بشكل مباشر بهذه الهجمات، وتحتفظ بالحق في تنفيذ استراتيجيتها للرد”. وقال مراقبون إن النظام الجزائري وأذرعه الاعلامية باتا حريصين على استغلال أيّ ورقة تهم المملكة لتوظيفها في خلق نوع من التنفيس الاجتماعي داخل الجزائر. ولفت لكريني في تصريح لـ”العرب” أنه بعدما وجّه الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة كلاما قويا للجزائر بشأن حق تقرير المصير الذي ينادي به شعب القبائل، حاولت الجزائر أن ترد بخصوص برنامج التجسس بيغاسوس دون أن تكون للمغرب علاقة بالأمر. الحكومة المغربية تعرب عن استغرابها لقيام وسائل إعلام أجنبية بنشر مواد إخبارية زائفة، بشكل متواتر ومنسق، تدّعي قيام المغرب باختراق أجهزة هواتف عدد من الشخصيات العامة وركز الإعلام الفرنسي بشكل مبالغ فيه على مزاعم تجسس مغربي على الجزائر، وهذا في نظر مراقبين يخدم النظام الجزائري بالدرجة الأولى لإظهاره بصورة المستهدف من طرف المغرب. وادعت صحيفة لوموند الفرنسية وعدة مواقع فرنسية بأن الآلاف من أرقام الهواتف الجزائرية – يعود بعضها إلى مسؤولين سياسيين وعسكريين كبار – حددت على أنها أهداف محتملة لبرنامج بيغاسوس الذي طورته شركة “إن إس أو” الإسرائيلية عام 2019، موجهة اتهامات إلى السلطات الأمنية المغربية في هذا الصدد. وهذه الحملة الإعلامية هي محاولة للنيل من الأجهزة الأمنية المغربية التي نجحت في تحقيق منجزات في مجال تتبع رؤوس الإرهاب شرقا وغربا، كما استطاعت كشف ملفات كان أصحابها يعتقدون أنهم في منأى عن المتابعة والمراقبة منها اختراق استخباراتي في إسبانيا عندما تم الكشف عن دخول زعيم البوليساريو بطريقة سرية وهوية مزورة.
مشاركة :