مقالة خاصة: معتقل عراقي: حقوق الإنسان موضوع تستخدمه واشنطن وفقا لمصالحها

  • 7/25/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد 24 يوليو 2021 (شينخوا) "لا توجد لدى الأمريكان علاقة بحقوق الإنسان، فهي بالنسبة لهم موضوع يضحكون به على الناس والدول، ويستخدمونه حسب ما تقتضي مصالحهم" بهذه الكلمات لخص المعتقل العراقي السابق المهندس بدو الحمد مفهوم حقوق الإنسان بالنسبة للإدارة الأمريكية، بعد أن أمضى سنتين وشهرين و20 يوما في المعتقلات دون أي ذنب. وكان بدو (59 سنة) يعمل رئيسا للجنة الاعمار بالمجلس البلدي بمدينة الضلوعية (90 كم) شمال بغداد، وهو مفعم بالحيوية والنشاط، ويسعى لخدمة أبناء بلدته، لكن مواقفه المبدئية واعتراضه على فساد الضباط الامريكيين قاده إلى رحلة في عدد من المعتقلات عانى فيها الكثير، مثله مثل الكثير. اعتقل بدو بعد انتهاء اجتماع رسمي للمجلس البلدي في 21 أغسطس العام 2008، وكانت التهمة حاضرة وجاهزة وهي دعم الارهاب، رغم عدم وجود أية علاقة له بالإرهاب أو الجماعات المسلحة ولم يكن منتميا لحزب البعث. ويعود السبب الحقيقي لاعتقال بدو إلى اعتراض الجنود الأمريكان في اجتماع سابق على محاولة المجلس البلدي انتخاب مدير ناحية جديد (أعلى مسؤول اداري في البلدة) بدون علمهم وموافقتهم المسبقة، ما دفع بدو إلى الاعتراض وبشدة على ذلك ما أدى إلى تهديده من أحد الجنود باطلاق النار على رأسه. وقال بدو لوكالة أنباء (شينخوا) "كنا نعقد اجتماعا للمجلس البلدي لاختيار مدير ناحية جديد للضلوعية، وقبل نهاية الاجتماع حضر الأمريكيون، وقالوا لنا على أي أساس تجتمعون وتقررون تغيير مدير الناحية بدون علمنا، نحن من جلبكم للسلطة، ونحن من حرركم، فاعترضت عليه وهددني بالقتل". وبعد هذه الحادثة بعدة أسابيع اعتقل بدو لتبدأ رحلته مع التحقيقات والمعتقلات الامريكية تنقل فيها بين ستة معتقلات كلها تفتقد لأبسط معايير حقوق الانسان التي تتشدق بها واشنطن، وأبسطها الطعام الكافي، والمبيت المناسب الذي يليق بكرامة الانسان، الذي كفلته جميع القوانين والأعراف والمواثيق الدولية. وبعد احتجازه لعدة أيام في مدينة بلد تم نقله إلى تكريت، مركز محافظة صلاح الدين وبعد نحو اسبوع نقل بطائرة مروحية وهو مكبل اليدين ويجلس القرفصاء بساحة الطائرة التي ازيلت منها المقاعد، إلى بغداد، حيث كان خط سير الطائرة إلى الموصل، ثم كركوك، وبعدها ديالى ومن ثم إلى مطار بغداد، مبينا أنه صعد للطائرة ليلا ولم يصل بغداد حتى الساعة السابعة صباحا، ما الحق به ألما بظهره عانى منه لفترة طويلة. خلال فترة اعتقاله الطويلة لم يعرض بدو على قاضي ولم يسمح له بطلب محامي للدفاع عنه، وهذه أبسط حقوق المعتقل،، وما زاد من معاناته وشكل صدمة نفسية له، هو ابلاغه بعد سنة من الاعتقال بانه بريء ولم يثبت لدى القوات الأمريكية صحة التهمة الموجهة اليه، لكن تلك القوات لم تطلق سراحه، بل واصلت اعتقاله لأكثر من سنة أخرى. وقال بدو مستذكرا هذه الحالة بعد أن دخن سيجارتين بالتعاقب "بدأت معاناتي الكبيرة بعد سنة من الاعتقال حيث تم نقلي من معتقل بوكا في البصرة جنوبي العراق لمعتقل مطار بغداد، وأخبروني بانه ثبت لديهم بالدليل القاطع عدم وجود اية علاقة لي بالتهمة الموجهة لي"، مبينا أن الأمريكيين لم يطلقوا سراحه بعد أن تأكدوا من براءته بل استمروا باعتقاله، ما أدى إلى انهيار وضعه النفسي. واحتلت القوات الأمريكية العراق في التاسع من أبريل العام 2003، وارتكبت أفظع الجرائم بحق آلاف العراقيين، الذين ما يزالون يعانون من نتائج هذا الاحتلال رغم مرور 18 عاما، ولعل فضائح سجن أبو غريب خير شاهد على مسرحية حقوق الانسان والديمقراطية الامريكية المزيفة. وتابع "لا توجد معايير حقوق انسان لدى الامريكيين، توجد معايير محتل ينفذ الأجندة الخاصة به، فعندما يحتاج يقتل فيقوم بالقتل، وعندما يحتاج يطلق سراح يفعل ذلك حتى لو كان الشخص الذين يطلقون سراحه مجرما أو ارهابيا"، مضيفا "مثلا هناك معتقل عراقي قتل العراقيين لكنهم (الأمريكان) يأخذونه ويعاملونه معاملة خاصة لكي يعقدوا معه صفقة معينة". ووصف بدو الحياة في المعتقل بانها جحيم، مبينا أن الطعام الذي يقدم هو مجرد طعام يبقي المعتقل حيا، مضيفا "الطعام لا يسمن ولا يغني عن جوع"، لافتا إلى أن زيارات أهالي المعتقلين قليلة جدا. وأوضح أن الأمريكيين يستخدمون الحجز الانفرادي لمدة شهر لا يرى فيها المعتقل أي شخص ويتعرض للبرودة الشديدة في الشتاء، وفي الصيف يتركونه بدون تكييف رغم ارتفاع درجات الحرارة في العراق، متسائلا اين حقوق الانسان؟ ويجيب " لا توجد حقوق انسان، يوجد شعار يستخدمونه في اي وقت يحتاجونه، لو توجد حقوق انسان اصلا لما احتلوا العراق، لان قرار احتلال العراق كان قرارا احاديا من قبل الولايات المتحدة، حيث لا يوجد أي قرار من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة". وما يزال بدو، الذي يعمل حاليا بمنظمة إنسانية، يتذكر الزيارات القليلة التي زارته بها اسرته رغم المدة الطويلة، مبينا أنه في احدى الزيارات لم يعرف ولده، بسبب الحالة النفسية الصعبة التي تعرض لها أثناء وجوده بالمعتقل، واصفا وجوده في المعتقل وهو بريء بانه تعذيب، مؤكدا أن الهدف من اعتقاله هو ابعاده عن المشهد لانه عارض الفساد وطريقة تعامل جنود جيش الاحتلال. وأشار إلى أن الأمريكيين يقسمون المعتقلين حسب الطائفة، حيث يضعون الشيعة بمخيمات، والمعتقلين السنة بمخيمات، لافتا إلى أن مخيمات السنة مقسمة إلى مخيم خاص بتنظيم القاعدة، ومخيم للإسلاميين من غير القاعدة، ومخيم للمعتدلين أو البعثيين، مضيفا "بالنسبة لي احتاروا بماذا يصنفوني، فانا لست متشددا ولا انتمي لأي جماعة مسلحة وايضا غير بعثي". وتابع وبحسرة والم شديدين "الأمريكان لديهم أشياء غريبة لا نعرفها، فكأنهم يعتبرونا كفئران تجارب، حيث يضعون المتشددين لوحدهم، ويضعون كل مجموعة لوحدها ويراقبون كيف يتصرفون، ثم يقوموا بأخذ بعض الاشخاص من كل مجموعة ويضعونهم سويا ليراقبوا ماذا سيحصل". ونفذت القوات الامريكية أول عملية عسكرية كبيرة في الضلوعية بعد انتهاء العمليات الحربية واكمال احتلال العراق، اطلقت عليها عملية شبه الجزيرة، مطلع يونيو العام 2003، اعتقلت المئات من الأهالي الابرياء، ما دفع أهالي المدينة فيما بعد إلى مساندة أفراد المقاومة الذين شنوا الكثير من الهجمات ضد قوات الاحتلال أسفرت عن مقتل واصابة العشرات من الجنود الأمريكيين. واستطرد "أكثر ما أزعجني أن الأمريكان كانوا يجعلون العراقيين يعذب بعضهم بعضا، حيث يأتون بشرطي معتقل، ويضعونه وسط المتشددين الذين يعتبرون الشرطي من المرتدين، حيث يقوم المتشددون بتعذيبه وتكسير يديه ورجليه وقلع عيونه، أو قتله، وهذا شيء خارج حدود الانسانية". وبعد اطلاق سراحه قرر بدو ترك عضويته بالمجلس البلدي لكي لا يلتقي بالجنود الأمريكيان، وعاد لوظيفته السابقة كمهندس بشركة صلاح الدين التابعة لوزارة الصناعة، حتى تقاعد منها قبل عدة سنوات، لكن كابوسا مزعجا بقي يلازمه لأكثر من سنة حيث يحلم أثناء نومه "أن القوات الأمريكية تداهم منزله وتعتقله وتقيد يديه وتضع الكيس الأسود على رأسه، أو ياتيه الكابوس بصورة أخرى عندما يخرج للسوق تقابله نقطة تفتيش أمريكية وتعتقله مرة أخرى". وخلص إلى القول "أيقنت بان حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية شعارات أمريكية كاذبة يستخدمونها ضد كل من يعارضهم".

مشاركة :