الرباط - قضت محكمة مغربية اليوم الاثنين بسجن صحفي لمدة ست سنوات بعد أن أدانته بتهمة الاعتداء الجنسي والتجسس وهي التهمة التي ظل ينفيها. وبقي عمر الراضي محبوسا (34 عاما) على ذمة القضية لقرابة العام، بعد أن تقدمت حفصة بوطاهر باتهامه بالاعتداء الجنسي عليها، لكنه قال إن علاقتهما كانت برضا الطرفين. كما وجهت له السلطات تهمة تلقي "أموال من جهات أجنبية بغاية المس بسلامة الدولة الداخلية ومباشرة اتصالات مع عملاء دولة أجنبية بغاية الإضرار بالوضع الدبلوماسي للمغرب". كما حكمت على زميل له يدعى عماد الستيتو بالسجن سنة "للمشاركة وعدم التبليغ". وقال علي عمار محامي الدفاع عن الراضي إنه سيستأنف الحكم، وإن "الحكم لم يستند إلى أدلة وحجج ملموسة". وكان القضاء المغربي قد قرر في يوليو/تموز 2020 إيداع الراضي رهن الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق في قضيتين تتعلق إحداهما بالـ"مس بسلامة الدولة" والتخابر مع "عملاء دولة أجنبية" من أجل الإضرار بوضع المغرب الدبلوماسي وتتعلق الثانية بارتكاب جريمة اغتصاب، وفق بيان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء (النيابة العامة). والراضي طرف رئيسي في القضية المفتعلة والادعاءات التي روجت لها منظمة العفو الدولية (امنستي) وزعمت فيها دون أن تقدم ولو دليلا واحدا على افتراءاتها، أن هاتفه تعرض للقرصنة بنظام تجسس متطور من إنتاج شركة إسرائيلية. واستجوبت الشرطة الراضي عدة مرات منذ أواخر يونيو/حزيران، لتقرر النيابة العامة بناء على ذلك التحقيق معه "حول الاشتباه في تلقيه أموالا من جهات أجنبية بغاية المس بسلامة الدولة الداخلية ومباشرة اتصالات مع عملاء دولة أجنبية بغاية الإضرار بالوضع الديبلوماسي للمغرب". ووجهت للصحفي المتدرب والذي تزعم منظمة العفو الدولية أنه ناشط حقوقي واستقصائي، تهمة أخرى هي "الاشتباه في ارتكابه لجنايتي هتك عرض بالعنف والاغتصاب"، بناء على شكاية لإحدى المواطنات، بحسب البيان. وكان التحقيق مع الراضي في القضية الأولى قد أعلن غداة صدور تقرير امنستي الذي زعمت فيه أن السلطات المغربية تجسست على هاتف الصحافي وهو ما نفته الرباط بشدّة، مطالبة المنظمة بنشر أدلتها. ولم تقدم المنظمة الدولية حتى الآن ولو دليلا واحدا على مزاعمها على الرغم من أن الحكومة المغربية تقدمت لها بطلب لتقديم ما يفيد صحة مزاعمها. وتمادت امنستي في المماطلة بعد أن عجزت عن إثبات صحة افتراءاتها على أمل الالتفاف على القضية فيما تمسك المغرب بمطلبه لتفكيك وفضح الحملة الموجهة ضده والتي أكد أنها حملة ممنهجة وموجهة بغرض الإساءة. وكان عمر الراضي قد قال سابقا إن التحقيق معه في قضية التخابر مع جهات أجنبية "له علاقة مباشرة بتقرير امنستي حول التجسّس على هاتفه المحمول"، منددا بما زعم أنها "حملة تشهير" ضده. وكانت المحكمة ذاتها قد أدانت الأسبوع الماضي سليمان الريسوني رئيس تحرير صحيفة 'أخبار اليوم' المتوقفة عن الصدور، بالسجن خمس سنوات بتهمة جنسية هو الآخر. وتشكك منظمات حقوقية في تلك التهمة بينما قدم الادعاء أدلة على صحة تلك الاتهامات. وسبق أن ردّ المغرب على انتقادات أميركية للأحكام القضائية باعتبار الموقف الأميركي منحازا ولا يستند للواقعية. وأوضحت المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان بالمغرب في بيان أن "المغرب يظل متشبثا جدا بتعزيز قيم الحريات الفردية والجماعية، لا سيما حريات التعبير والجمعيات، التي ما فتئت تتطور، في إطار مجتمع مزدهر ومتسامح وشامل ينبذ التعسف والظلم والعنف". ونددت الحكومة المغربية الاثنين بما وصفتها "الادعاءات الزائفة" حول استخدام أجهزتها الأمنية برنامج 'بيغاسوس' للتجسس على هواتف صحافيين وفق ما أظهره تحقيق نشرته عدة وسائل إعلام دولية، مشيرة إلى استعدادها لتقديم أدلة "واقعية علمية". وقالت الحكومة في بيان إنها "ترفض هذه الادعاءات الزائفة، وتندد بها جملة وتفصيلا"، مؤكدة أنه "لم يسبق لها أن اقتنت برمجيات معلوماتية لاختراق أجهزة الاتصال، ولا للسلطات العمومية أن قامت بأعمال من هذا القبيل". وكان تحقيق نُشر الأحد في عدة وسائل إعلام بينها صحف لوموند وذي غارديان و"واشنطن بوست" أظهر أنّ جهازاً أمنيّاً مغربيّاً استخدم برنامج "بيغاسوس" الذي طوّرته شركة "إن إس أو" الإسرائيليّة، للتجسّس على نحو 30 شخصا هم صحافيّون ومسؤولون في مؤسّسات إعلاميّة فرنسيّة. ويسمح البرنامج إذا اخترق الهاتف الذكي، بالوصول إلى الرسائل والصور وجهات الاتصال وحتى الاستماع إلى اتصالات مالكه. وتحدت الرباط وسائل الإعلام التي نشرت هذا التحقيق أن تقدم "أدلة واقعية علمية قابلة للفحص بواسطة خبرة وخبرة مضادة مهنية، محايدة ومستقلة تثبت صحة ما ادعته". وأشارت إلى أنها تحتفظ بحقها في "ترتيب ما ترتئيه من نتائج"، معتبرة أن ما نشر "يتوخى المس بصورة البلاد" و"بوضعها الاعتباري وبمصالحها العليا". وسبق للسلطات المغربية أن نفت بشدة العام الماضي ما أورده تقرير لمنظمة العفو الدولية من أنها استخدمت "بيغاسوس" لزرع برنامج خبيث في الهاتف الخلوي للصحافي عمر الراضي، الذي اعتقل إثر ذلك لملاحقته في قضيتي "تخابر" و"اعتداء جنسي". وجددت الرباط الاثنين وصف تقرير منظمة العفو "بالادعاءات الزائفة"، مؤكدة أن المغرب "دولة حق وقانون تضمن فيها سرية الاتصالات الشخصية بقوة الدستور".
مشاركة :