موسكو تحمل واشنطن المسؤولية عن موجة العنف في أفغانستان

  • 7/16/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

موسكو/كابول - حملت روسيا اليوم الجمعة واشنطن المسؤولية عن موجة العنف التي ضربت أفغانستان بسبب ما وصفته بـ"الرحيل المتسرع" للأميركيين من أفغانستان بعد نحو 20 عاما من الانخراط في أطول صراع في تاريخ الولايات المتحدة. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الرحيل "المتسرع" للأميركيين من أفغانستان مسؤول عن تدهور الأوضاع في البلاد حيث تشن حركة طالبان هجمات ناجحة. وأضاف في تصريحات نقلتها وكالات الأنباء الروسية "في الأيام الأخيرة، شهدنا تدهورا سريعا للوضع في أفغانستان. في ضوء الانسحاب السريع للوحدات الأميركية وحلف شمال الأطلسي، ازدادت حالة الغموض العسكري والسياسي في البلاد وحولها بشكل كبير". وتابع لافروف خلال زيارة لطشقند في أوزبكستان حيث يشارك في مؤتمر إقليمي مع دول آسيا الوسطى "في ظل الظروف الحالية هناك خطر حقيقي من امتداد عدم الاستقرار إلى الدول المجاورة". ومنذ بدء هجومها على القوات الأفغانية مطلع مايو/ايار مع انسحاب القوات الأجنبية احتلت طالبان مناطق ريفية شاسعة خصوصا في شمال البلاد وغربها بعيدا عن معاقلها التقليدية في الجنوب. وقد استولت على نقاط حدودية رئيسية مع إيران وتركمانستان وطاجيكستان وتطوق عواصم عدد من الولايات. وبسبب حرمانهم من الدعم الأميركي، لم يبد الجنود الأفغان مقاومة كبيرة. وتشعر روسيا القوة الإقليمية التي ظلت قريبة من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في آسيا الوسطى، بالقلق من زعزعة الاستقرار في المنطقة التي تحتفظ فيها بقواعد عسكرية. وقال لافروف الجمعة إن "الأزمة الأفغانية تفاقم التهديد الإرهابي ومشكلة تهريب المخدرات التي وصلت إلى مستويات غير مسبوقة". ومع خلو الساحة بشكل شبه كامل من القوات الأميركية، تشن حركة طالبان هجوما عنيفا في أفغانستان وتسيطر على مساحات شاسعة من البلاد، في حملة يبدو أن هدفها دفع الحكومة إما إلى الرضوخ لسلام وفق شروط المتمردين أو مواجهة هزيمة عسكرية تامة. ونسفت الحملة العسكرية التي تشنّها طالبان بحجمها وسرعتها إلى جانب انعدام قدرة القوات الحكومية على كبح تقدّم المتمردين، كل الآمال التي كانت معلّقة على إنتاج محادثات السلام المتقطّعة إطارا لتقاسم السلطة قبل موعد إنجاز الانسحاب العسكري الأميركي بنهاية أغسطس/اب. فطالبان هي التي تفرض بشكل عام توقيت المعارك مع القوات الحكومية وساحاتها، فيما تواجه السلطات صعوبات في كبح تقدّم المتمردين. وبعدما تعزّزت معنويّاتهم، تمكّن المتمردون من محاصرة عواصم ولايات ومهاجمة معابر حدودية رئيسية. لكن خبراء يستبعدون أن تكون طالبان التي يقتصر تجهيزها على الأسلحة الخفيفة قادرة على دخول كابول التي تخضع لإجراءات حماية شديدة، بينما يملك الجيش الأفغاني السلاح الجوي والأسلحة الثقيلة القادرة على صد المتمردين. لكن طالبان باعتمادها سياسة خنق العاصمة ماليا وقطع الموارد عنها، تبدو أكثر قدرة على الدفع باتّجاه انهيار الحكومة بعد ضرب معنويّات القوات الأمنية في الأرياف. وقال المحلل في مجموعة الأزمات الدولية ابراهيم باحث إنه يعتقد أن "طالبان لا تزال تفضّل المسار السياسي" على الرغم من أنه لا يحقق كل أهدافها، مضيفا "لكن إذا تعذّر ذلك، فهم يريدون إبقاء الخيار العسكري قائما". وبعدما تحدّثوا مطوّلا في السابق عن إمكان التوصل إلى اتفاق بالتفاوض مع طالبان، بات المسؤولون الأميركيون يعتبرون أن المتمردين يشقّون مسارهم الخاص غير آخذين في الاعتبار مطالب المجتمع الدولي. وقال الجنرال الأميركي كينيث ماكينزي الذي يشرف حاليا من مقرّه في الولايات المتحدة على ما تبقى من عمليات في أفغانستان "ننتظر أن تبادر طالبان إلى إثبات أن هدفهم ليس منصبا على تحقيق الانتصار العسكري". وخلال أسابيع قليلة كبّدت حركة طالبان قوات الأمن الأفغانية خسائر فادحة على الرغم من عشرات مليارات الدولارات التي أنفقت عليها والإشراف الدولي الذي دام نحو عقدين. وبعد سحب الجزء الأكبر من المؤازرة العسكرية الجوية الأميركية، سيطر مقاتلو طالبان في الشهرين الأخيرين على أكثر من 150 محافظة. كما استولوا على نقاط أمنية وأسلحة وعربات وأعتدة عسكرية. وسقطت عدة ولايات وقواعد عسكرية من دون أي معارك بعدما أوفدت طالبان وجهاء قبائل للتوسّط من أجل استسلام قوات أفغانية ضعيفة التجهيز يبدو أنها فقدت عزيمة القتال. وقال القائد السابق للقوات الجوية الأفغانية اللواء عتيق الله أمرخيل إن "ضعف القوات الأمنية في مواجهة طالبان كان مفاجئا، وكانت قلّة قليلة تتوقّع انهيارها ولو جزئيا، بهذه السرعة". وسبقت هجوم طالبان حملة اغتيالات استهدفت نشطاء مدنيين وصحافيين وسياسيين وطيّارين عسكريين في محاولة لضرب الثقة في قدرات كابول على حماية أكثر المستفيدين من التنمية الدولية على مدى نحو عقدين. وعلى الرغم من عدم تبني غالبية الاغتيالات، يتّهم محلّلون حركة طالبان بتنفيذها. وأفاد تقرير لشبكة محللي أفغانستان نشر في يوليو/تموز الحالي بأن "طالبان تتوقّع معارضة مدنية وسياسية في مدن مثل كابول". وتابع التقرير "لذلك هناك مغزى عسكري من الاستهداف الاستباقي لمفكرين مستقلين بهدف السيطرة لاحقا على العاصمة". وينفي المتمردون التورّط في اغتيال أي مدني، علما بأن تنظيم الدولة الإسلامية تبنى بعضا من هذه العمليات. ويرتدي ضرب زخم المتمردين أهمية بالغة بالنسبة للحكومة الأفغانية لا سيّما أن أشهرا تفصلهم عن انتهاء موسم القتال بحلول الشتاء حيث يعيق الطقس البارد العمليات القتالية الكبرى. ولم تعلن طالبان صراحة ما إذا كانت تعتزم مهاجمة المدن التي تحاصرها، علما بأن قادة الحركة تعهّدوا صراحة بعدم شن معارك في المناطق الحضرية على الرغم من شن مقاتليهم هجمات عنيفة في ضواحي عواصم المحافظات، إلا أن رقعة المواقع التي تسيطر عليها طالبان في أفغانستان اتّسعت بشكل غير مسبوق. ويتّسع نطاق تمدد طالبان بين ليلة وضحاها، فهي تكون على وشك السيطرة على عاصمة محافظة في شمال غرب البلاد وتصبح في اليوم التالي عند مداخل قندهار في الجنوب، مع إحكام سيطرتهم على منافذ حدودية إستراتيجية وموانئ جافة (نقاط داخلية لتخزين البضائع). ويبدو أن الإستراتيجية التي يعتمدونها ترمي إلى تحقيق أهداف عدة، منها إنهاك سلاح الجو والوحدات الخاصة في القوات الحكومية وحرمان كابول من إيرادات هي بأمسّ الحاجة إليها. كذلك أبعدت طالبان الحكومة المركزية من معاقل مناهضة تقليديا للحركة كانت كابول تعوّل على دعمها للسلطات. وقال المحلل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بيل روغيو إن "أكثر ما يفاجئ في هجوم طالبان هو تركيزه على الشمال والغرب. طالبان توسع رقعة المعارك إلى أعتاب صناع القرار في أفغانستان". وأضاف روغيو "إن حُرم أمراء الحرب وغيرهم من القادة النافذين من القواعد المؤيدة لهم في شمال البلاد وغربها، تسقط الحكومة الأفغانية". واشتبكت القوات الأفغانية مع مقاتلين من طالبان الجمعة بعدما شنت عملية لاستعادة السيطرة على معبر سبين بولداك الحدودي الرئيسي مع باكستان، فيما يسعى المتمردون للتقدم في الشمال والاستيلاء على معقل زعيم الحرب المناهض للحركة عبدالرشيد دوستم. ويتلقى العشرات من مقاتلي طالبان الجرحى العلاج في مستشفى باكستاني قرب الحدود بعد قتال ضار طوال الليل. وقال الملا محمد حسن الذي عرّف عن نفسه بأنه من مقاتلي طالبان قرب شامان في باكستان والواقعة على مسافة خمسة كيلومترات من الحدود "قتل شخص وجرح العشرات من مقاتلينا". وتدور معارك بين القوات الأفغانية ومقاتلي طالبان على مشارف مدينة شبرغان عاصمة ولاية جوزجان في شمال أفغانستان ومعقل زعيم الحرب المعارض للحركة عبدالرشيد دوستم، كما أعلن نائب حاكم الولاية. وقال قادر ماليا، إن "طالبان استولت أولا على مدخل شبرغان على الطريق من (ولاية) ساري بول المجاورة، لكنها لم تدخل البلدة والقوات الحكومية تتصدى الآن لطالبان"، موضحا أن الجانبين "يقومان بعمليات كر وفر لكن لم يتمكن أي طرف من السيطرة بشكل كامل على أبواب المدينة". وتقع ولاية جوزجان المتاخمة لتركمانستان بجوار مزار الشريف الولاية التي تحمل عاصمتها الاسم نفسه وتعد كبرى مدن شمال أفغانستان. لكن المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد أكد، أن طالبان "استولت على بوابة شبرغان ووصلت إلى المدينة"، موضحا أن "ميليشيات دوستم هربت من المنطقة".

مشاركة :