اختار الكثير من اللبنانيين أن يضعوا ذكريات ثابتة من خلال الوشوم على أجسادهم توثق لانفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس الماضي وليحملوا بيروت معهم أينما ذهبوا. بيروت – كان رمزي بعقليني المدرب الشخصي اللبناني يقف خارج صالة التمارين الرياضية التي يديرها والمقابلة لمرفأ بيروت عندما انفجرت كميات هائلة مُخزنة من نترات الأمونيا في الرابع من أغسطس العام الماضي مما قذف به على الأرض. وتسبب أثر الانفجار وسقوط قطع ضخمة من الخرسانة في إصابات عديدة لرمزي الذي يبلغ من العمر الآن 30 عاما وغطى ندوب الإصابات بوشوم وقال إنه مُنح فرصة أخرى للمقاومة والبدء من جديد. ويشير إلى أماكن الندوب التي خلفتها الإصابات في مختلف أنحاء جسده. وعما تسبب فيه الانفجار من خسارة في حياته قال متحدثا بالإنجليزية “في دقيقة واحدة، تدمرت عشر سنوات من حياتي. تحطمت تماما. وكل أحلامي تبددت”. ولم يستغرق الأمر منه سوى شهرين بعد الانفجار لاتخاذ قرار بمغادرة لبنان والسعي وراء عمل وحياة جديدة في الإمارات. وقال “الانفجار وقع في أغسطس، أنا بـ17 أكتوبر كنت سأهاجر. بعت سيارتي وجمعت أغراضي كنت قد أخذت القرار، قررت أن أترك كل شيء، أهلي، بيتي، إخوتي وسيارة أخرى عندي، كلابي، كل شيء أسسته هنا منذ عشر سنين.. سأتركه وأذهب للعيش على صوفا (أريكة) واتبهدل”. ويصف الوشوم التي رسمها على جسده ويقول عن أحدثها وهو كلمة (ريبورن) بالإنجليزية الذي يعني خلقت من جديد، ووراءه أرزة لبنان لأنه معروف أن أرزة لبنان قوية “أنا أرى نفسي في هذا الوشم”، مشيرا إلى وشم شجرة الأرز الشهيرة في بلاده والتي يعتز بها ويعتبرها رمزا للقوة. واختار الكثير من اللبنانيين مثله أن يضعوا ذكريات ثابتة عبر الوشوم لما حدث في بيروت في الرابع من أغسطس على أجسادهم. وتقول فنانة الوشوم جوا أنطون إنها رسمت أكثر من 30 وشما لكلمة بيروت بتصاميم مختلفة إضافة إلى أسماء ورسوم تخص ضحايا الانفجار على جسد ذويهم وأحبائهم الذين فقدوهم في ذلك الانفجار المروع. جوا أنطون وعن ذلك تحدثت جوا قائلة “بعد الانفجار كان فيه كثيرون وشموا كلمة بيروت”. أما عن رأيها في شيوع تلك الطريقة في حفر ذكرى فجيعة الانفجار فقالت “لمعظم الناس كانت مثل علاج نفس حتى يتخطوا هذه المرحلة. كثيرون تركوا لبنان بسبب الانفجار وكانوا يريدون ترك بيروت معهم، على أجسادهم (كذكرى)”. وتسبب انفجار مرفأ بيروت في مقتل أكثر من مئتي شخص وأصاب الآلاف ودمر مساحات شاسعة من العاصمة اللبنانية. وكان جو نون من بين الضحايا الذين قُتلوا مع رجال إطفاء آخرين وهم يكافحون ألسنة اللهب التي استعرت في الميناء. وعلى ذراع روي سماحة أحد أقاربه استقر وشم لوجه جو الباسم وكتب تحته بالإنجليزية “أسطورة في الجنة”. وقال سماحة إنّ الكثيرين من معارفة رسموا وشوما في ذكرى جو. وقال “نحن عملنا، كذا حدا عمل تاتو. أنا، أخي، أخيه، أخته، أصحابنا. جو كان عنده أصحاب كثر، كان محبوبا جدا، كل الناس أحسوا بما أحسسناه، فكلهم تقريبا عملوا تاتو لذكراه بس كل واحد بطريقته”. وبالنسبة إلى مدير المبيعات محمد غريبة، المحب للوشوم، كان الحصول على أحدها من أجل بيروت هو الأمر الوحيد الذي خطر بباله بعد الانفجار مع مساعدة أصدقائه الذين دمرت منازلهم. وقال “أنا حصلت على الوشم بعد يومين من الانفجار. وعن الصدمة التي شعر بيها إثر الانفجار يقول “فجأة خسرت بيروت، تغيرت كل معالمها، تغير كل شيء، كل شيء كنت أعرفه عن بيروت تغير، هذا الجرح الذي كان عندي، ما كان جرحا في جسدي، هو جرح عاطفي”. وتغطي جسد غريبة العديد من الوشوم لكنه قرر أيضا أن يضيف وشما ضخما لانفجار بيروت يصور الدخان متصاعدا من بناية في بيروت على شكل سحابة فطر تسبب فيها الانفجار وكل ذلك في فنجان قهوة مكسور ومعه كلمات عربية تقول “بيروت. اختبار الله” وهي كلمات للشاعر الفلسطيني الشهير محمود درويش.
مشاركة :