تلقت المحكمة المدنية في دبي مؤخراً 7 طلبات افتتاح إجراءات إعسار مدين، وتصفية أموال، تراوحت قيمة الدين فيها بين مليون و300 مليون درهم، وفق ما ذكر القاضي أيوب أهلي رئيس المحكمة لـ«البيان». وتستند هذه الطلبات إلى المادة 28 من قانون الإعسار، التي تنص على أن للمدين الطبيعي وليس التاجر، التقدم بطلب للمحكمة بافتتاح إجراءات الإعسار وتصفية أمواله، في حال توقف عن دفع أي من ديونه في مواعيد استحقاقها، لمدة تزيد على (65) يوم عمل، أو في حال بلغ مجموع دينه 250 ألف درهم فأكثر، مرفقة به جميع الوثائق المطلوبة، وترشيح أمين إعسار (خبير حسابي)، لتقرر المحكمة سداد رسوم وأتعاب ومصاريف الطلب، ثم بعد ذلك تصدر القرار بافتتاح إجراءات الإعسار، بعد استيفاء جميع الإجراءات والاشتراطات الواردة في القانون. وأوضح القاضي أهلي أن المحكمة سترد على الطلب بالموافقة أو الرفض في غضون 15 يوماً من تاريخ استلامها تقرير أمين الإعسار، مشيراً إلى أنه في حال صدور الموافقة على افتتاح إجراءات الإعسار والتصفية، فإن «الأمين» سيتولى تصفية جميع أموال المدين وفقاً لأحكام القانون، وسيزود المحكمة بتقارير دورية حول وضع المدين وأصحاب الدين. وقال رئيس المحكمة: إن قانون الإعسار سيسهم في تقليل عدد الدعاوى المدنية المقامة ضد الأشخاص الطبيعيين (الأفراد من غير التجار) بنسبة تصل إلى 40 %، وسيحقق السرعة والسهولة في استعادة الحقوق من المدينين، متوقعاً ظهور حاجة في المستقبل لإنشاء دائرة مختصة للنظر في ملفات الإعسار وافتتاح إجراءاتها. بداية وملاحقة في المقابل، أكد رئيس المحكمة المدنية أن التقدم بمثل هذه الطلبات للمحكمة لا يعني البتة بأنه بداية النهاية، بل «نهاية البداية»، لأنه سيكون «جحيم في جنة» كما وصفه، ولا يعفي أصحابها من الملاحقة المدينة والجزائية حال اقتضت الضرورة، وسيضعهم تحت قيود محددة مثل المنع من السفر. وأضاف: «للمحكمة اتخاذ التدابير اللازمة ضد المدين إذا ارتكب أو شرع في ارتكاب أي من الأفعال التالية مثل الهرب إلى خارج الدولة لتجنب أو تأجيل دفع أي من ديونه، التصرف في أمواله بهدف منع أمين الإعسار من حيازتها أو تأخير حيازته لها، إخفاء أو إتلاف أي من الأموال أو الوثائق أو المستندات التي يمكن للدائنين الاستفادة منها، نقل أي ممتلكات تكون في حيازته تزيد قيمتها على 5 آلاف درهم دون موافقة الأمين وعدم المثول أمام المحكمة بعد إعلانه للحضور أو الامتناع عن تنفيذ قراراتها دون التقدم بعذر». وأشار القاضي أيوب أهلي إلى أن القانون يمنع المدين من إدارة أعماله أو التصرف فيها بعد التقدم بطلب افتتاح إجراءات الإعسار وتصفية الأموال، «ولا يجوز له التصرف بأكثر 5 آلاف درهم دون موافقة الأمين، وبالتالي فهو غير قادر على امتلاك أكثر من هذا المبلغ، وكل ما يملكه من عقارات ومنقولات يبقى في عهدة الأمين، وهو غير قادر على التصرف فيها، ما يعني أنه محجور عليه من قبل الأمين، عطفاً على أنه لا يستطيع تقديم أي ضمانات شخصية أو كفالات على أي من أمواله إلا بموافقة مسبقة من المحكمة». قيود طويلة وأوضح أن جميع القيود المذكورة على المدين تبقى قائمة مدة طويلة غير محددة، وفي حال توفي المدين، فإن المطالبات تنتقل إلى الورثة، إذ يقوم ورثته مقامه في إجراءات الإعسار وتصفية الأموال في حدود التركة، وإذا تمكن المدين من سداد ديونه في حياته، أو أثبت أن الدائنين قد أبرأوه من جميع الديون التي بقيت في ذمته بعد قرار المحكمة بإشهار الإعسار والتصفية، فإنه يحصل على رد اعتبار وإبراء حتى بعد مماته بناء على طلب الورثة. حماية من الملاحقة وخلال الحوار مع القاضي أيوب أهلي، تحدث كل من فيصل العجمي ومحمد حسين القاضيين في المحكمة المدنية والمختصين في النظر في مثل هذه الطلبات للموافقة عليها أو رفضها، وأكدا على أن من حسنات قانون الإعسار أنه يحمي المدين من غير التجار، من الملاحقة القانونية وينفي عنه صفة الجنائية عن الالتزامات المالية، ويعطيه فرصة للعمل والإنتاجية وإعالة الأسرة، في وقت أشارا فيه إلى أن هذا القانون حقق نقلة نوعية في إجراءات إثبات ديون ومنقولات المدين وجعلها في يد طرف ثالث وهو أمين الإعسار. وقال القاضي العجمي: وجود قواعد مختصة تحكم حالة إعسار الشخص الطبيعي، تعزز الشفافية في معاملات سداد الديون المدنية، وتحقق ضمانة عامة للمعاملات المالية، وبالتالي ترسخ الاستقرار المالي في الدولة، عوضاً على تسريع وتسهيل حصول الأفراد على قروض، حيث يصبح هناك قواعد واضحة سهلة التطبيق لتحصيل الديون المتعثرة وإعادة تأهيل الوضع المالي للمدين مما يزيد من ثقة البنوك الدائنة في عمليات إقراض الأفراد وتشجيعهم على الإقبال على الاقتراض مدروس المخاطر. وأضاف: «سجل الإعسار مهم، وهو بمثابة براءة ذمة للمدين الذي لن يتمكن من إعادة الثقة به إلا بعد تسديد ديونه للدائنين، وبعد الحصول على حكم برد الاعتبار، وهذا الحكم يتم نشره وتداوله بحيث يمكن لأي شخص التحري عن الوضع المالي لأي شريك مستقبلي أو مقترض في الوقت الذي يريده، وبالتالي ستتحول المحكمة إلى مرجع للتحقق من الوضع المالي لأي شخص عادي ومعرفة إذا ما كان لديه أية طلبات إعسار وتصفية أموال متداولة في المحكمة». أحكام قطعية من جانبه، قال القاضي حسين: طلبات الإعسار وتصفية الأموال هي بمثابة أحكام قطعية، وهي أسهل للدائن، ومصروفاتها أقل من الدعاوى العادية لجهة رسوم التسجيل، وتحقق سرعة البت والتدقيق في الإجراءات، مثلما تمثل إدارة فاعلة لأموال ومنقولات المدينين، وتحقق الطمأنينة في نفوس الدائنين كونها تمنحهم ضمانات على استرجاع حقوقهم. وأضاف: يسهم قانون الإعسار في تعزيز الثقة بالنظام القضائي، وجذب المزيد من الاستثمارات وتوفير مناخ آمن للحصول على القروض الشخصية بسهولة ويسر بما يرضي كلاً من الدائن والمدين على حد سواء، حيث إنه يوفر التوازن اللازم لضمان حقوق الطرفين ويشجع على زيادة التدفقات النقدية بما يدعم جهود التنمية الشاملة والمستدامة في الدولة. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :