معركة الحصة السوقية تتفاقم بين السعودية وروسيا في أوروبا الشرقية

  • 10/16/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

من عمالقة النفط العالميين مثل شل وتوتال، إلى صغار اللاعبين البولنديين بقطاع الطاقة، تقلص شركات التكرير في أوروبا اعتمادها القائم منذ أمد طويل على الخام الروسي لمصلحة الخامات السعودية وسط معركة على الحصة السوقية بين أكبر بلدين مصدرين في العالم. وتحاول روسيا منذ سنوات أن تحل محل السعودية في الأسواق الآسيوية التي كانت المملكة يوماً المورد المهيمن فيها بلا منازع. لكن الرياض ترد الآن بتخفيضات أسعار جريئة في أوروبا الفناء الخلفي لموسكو. ولا علاقة للأمر بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب الأزمة الأوكرانية التي تسري على معدات قطاع الطاقة وليس على إمدادات النفط والغاز ذاتها. بل هي معركة تجارية على الزبائن مع قيام كلا البلدين المصدرين بزيادة الإنتاج رغم أسعار النفط العالمية الضعيفة. ومن المرجح أن يضفي هذا مزيداً من التعقيد على الحوار بين موسكو ومنظمة أوبك بشأن معالجة تخمة المعروض النفطي العالمية حيث تبدو تخفيضات الإنتاج المشتركة بعيدة المنال بالفعل. وأبلغت مصادر تجارية رويترز أن شركات النفط الرئيسية مثل إكسون وشل وتوتال وإيني اشترت مزيداً من النفط السعودي لمصافيها بغرب أوروبا والمتوسط في الأشهر القليلة الماضية وعلى حساب النفط الروسي. وقال مصدر تجاري بإحدى الشركات الكبرى طلب عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام أشتري كميات أقل من الخام الروسي للمصافي التابعة لي في أوروبا ببساطة لأن الإمدادات السعودية تبدو أكثر إغراء. إنه أمر بديهي بالنسبة إلي فالخام السعودي أرخص. وركزت الرياض تقليديا على الأسواق الأمريكية والآسيوية لتصبح موسكو المورد الرئيسي إلى أوروبا وبخاصة دول شرق القارة التي كانت ذات يوم جزءاً من الكتلة السوفييتية. لكن المسؤول التنفيذي الأكثر نفوذا بقطاع النفط الروسي إيغور سيتشين رئيس روسنفت قال إن السعودية بدأت تزويد بولندا البلد الشيوعي سابقاً بأسعار إغراق. ثم وصف وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك الدخول السعودي في أسواق شرق أوروبا بأنه المنافسة الأشد. وقالت المصادر التجارية إن شحنة واحدة على الأقل وصلت ميناء جدانسك البولندي في سبتمبر/ أيلول وإن شحنتين أخريين قد تصلان في أكتوبر/تشرين الأول لتتولى معالجتهما شركتا التكرير بيه. كيه. إن أورلن ولوتوس. وقال مصدران تجاريان إن السعودية تدرس تخزين الخام في جدانسك لتستطيع تزويد العملاء في شرق أوروبا بسرعة أكبر كما فعلت لسنوات مع عملاء غرب أوروبا من موانئ في هولندا أو بلجيكا. وقال متعامل إن إمدادات جدانسك قد ترسل إلى ألمانيا لمنافسة الخام الروسي القادم عبر خط الأنابيب دروجبا الذي شيده الاتحاد السوفييتي السابق. وتطمح ليتوانيا إحدى دول البلطيق والجمهورية السوفييتية سابقا إلى تنويع مصادر إمدادات الطاقة. وكان وزير الطاقة الليتواني روكاس ماسيوليس أبلغ رويترز أن بلاده تجري محادثات مع شركة الغاز الطبيعي المسال الأمريكية تشينيير إنرجي بشأن واردات محتملة مع محاولتها الحد من اعتمادها على جازبروم الروسية. حجز الحصة السوقية وتخوض موسكو والرياض بالفعل معركة أخرى على الحصة السوقية في آسيا قبل مدة طويلة من الحرب السورية التي اندلعت بعد 2011 وقبل أن يفرض الغرب العقوبات على روسيا العام الماضي. وعلى مدى العشر سنوات الأخيرة حولت روسيا اتجاه ما يصل إلى ثلث صادراتها النفطية إلى آسيا عن طريق بناء خطوط أنابيب عملاقة تصل إلى بر الصين وساحلها على المحيط الهادي. وقال سيث كلاينمان مدير أبحاث الطاقة في سيتي غروب: يوجد افتراض بأن روسيا تلتفت إلى الشرق لأنها تلقى تضييقاً من الغرب. في الحقيقة تعمل روسيا على حجز حصة سوقية في آسيا منذ مدة طويلة. وقال كلاينمان إن المنافسة احتدمت في الأسواق الآسيوية في الأشهر الأخيرة على النحو الذي دفع السعودية إلى تقليل الإمدادات هناك في مواجهة التسليمات المتنامية من منافسين مثل روسيا والكويت وأنجولا. وفي غضون ذلك تحفز أسعار النفط المنخفضة الطلب في أوروبا بعد سنوات من الأداء الضعيف. وقال مصدر نفطي عراقي كبير لرويترز للمرة الأولى في سنوات عديدة تبدو السوق الأوروبية أكثر إثارة للاهتمام من السوق الآسيوية. لذا يتطلع منتجو الشرق الأوسط إلى اغتنام تلك الفرصة. ومن المرجح أن تحتدم المنافسة في الأشهر القليلة القادمة حيث من المنتظر أن تعود إيران - التي كانت تزود أوروبا بما بين خمسة وعشرة في المئة من الخام قبل 2012 - بأحجام كبيرة عند رفع العقوبات الغربية المفروضة على طهران. وقال مصدر تجاري بشركة نفط كبرى يريد السعوديون تأمين الحصة السوقية قبل عودة إيران. ارتفاع تخمة المعروض النفطي نصف مليار برميل في 2015 تظهر بيانات لقطاع النفط جمعتها رويترز ومؤسسات مهمة تصدر توقعات لسوق الطاقة أن كبار مصدري النفط في العالم ضخوا أكثر من نصف مليار برميل فوق المطلوب في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي. وتفيد تقديرات لرويترز أن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ضخت في المتوسط 31.20 مليون برميل من النفط يومياً بين يناير/ كانون الثاني وسبتمبر/ أيلول أي ما يزيد أكثر من مليوني برميل يومياً فوق حجم الطلب على إمدادات المنظمة. ويزيد إجمالي ذلك على 550 مليون برميل من الخام جميعها بحاجة إلى التخزين في مكان ما. كانت الدول الرئيسية في أوبك بقيادة السعودية قررت قبل عام تقريباً التركيز على بناء الحصة السوقية بدلاً من الدفاع عن أسعار النفط ونجم عن ذلك تخمة ضخمة في المعروض دفعت السوق إلى أدنى مستوياتها في ست سنوات. وبلغ سعر خام برنت القياسي حوالي 49 دولاراً للبرميل أمس. كان الخامس سجل في أغسطس/ آب أدنى مستوياته منذ مارس/ آذار 2009 نزولاً من ذروته فوق 115 دولاراً للبرميل التي سجلها في يونيو/ حزيران 2014. وتنامت مخزونات النفط في أنحاء العالم هذا العام لتبلغ مخزونات الوقود التجارية في الاقتصادات الصناعية المتقدمة مستوى قياسياً مرتفعاً عند 2.94 مليار برميل في أغسطس/ آب بحسب وكالة طاقة الدولية. وتظهر بيانات من وكالة الطاقة وأوبك والحكومة الأمريكية أن تخمة المعروض العالمي من النفط الخام الذي تنتجه أوبك بلغت 2.64 مليون برميل يومياً في الربع الثاني من العام. وتراجع الفائض إلى حوالي 1.69 مليون برميل يومياً في الربع الثالث لكن لا يبدو أنه سيتلاشى وتشير تقديرات مؤسسات التوقعات الكبيرة بسوق النفط إلى زيادة المخزونات في 2016.

مشاركة :