باريس - يخوض المغرب معركة قضائية في فرنسا ضد عدد من وسائل الإعلام انخرطت في حملة واسعة ضد المملكة استهدفت الإضرار بسمعتها وبمصالحها العليا وهي حملة موجهة تقول الرباط إن وراءها جهات لم يرق لها ما حققته من انجازات على المستويين المحلي والدولي. وبدأ المغرب بالفعل في اتخاذ الإجراءات القانونية التي سبق أن وعد بأنه سيطلقها قريبا لتفكيك حملة الافتراءات التي استهدفته قبل أشهر وتعزز في الأيام القليلة الماضية من خلال نشر وسائل إعلام فرنسية مزاعم تتهم الرباط باستخدام نظام "بيغاسوس" الإسرائيلي للتجسس على الهواتف، وهي ادعاءات طالبت الحكومة المغربية الجهات التي تروج لها بتقديم ولو دليل واحد على صدقيتها. ورفعت الجهات المغربية عدة دعاوى أمام القضاء الفرنسي بتهمة التشهير، لكن من غير الواضح ما إذا كان القضاء الفرنسي سيقبلها، حيث عادة ما تتعلل باريس بحرية الصحافة والتعبير. وسبق أن رفعت الرباط في 22 يوليو/تموز دعوى قضائية أمام محكمة الجنايات في باريس ضد منظمتي العفو الدولية و'فوربيدن ستوريز' بتهمة التشهير، بعدما قالتا إنهما حصلتا على قائمة أرقام الهواتف التي استهدفها مستخدمو برنامج بيغاسوس الذي طورته مجموعة "إن إس أو" الإسرائيلية. وأعلن محامي المملكة أوليفييه باراتيلي رفع "أربع دعاوى قضائية خاصة بتهمة التشهير"، وفق إجراء يسمح بإحالة مرتكب جرم على وجه السرعة على القضاء. وأوضح المحامي أن اثنين من الدعاوى رفعتا ضدّ صحيفة 'لوموند'، وهي من ضمن المجموعة المؤلفة من 17 وسيلة إعلام دولية نشرت مزاعم التجسس، ومديرها جيروم فينوليو ودعوى ثالثة بحق موقع 'ميديابارت' الإخباري والاستقصائي ورئيسه إدوي بلينيل، والرابعة بحق إذاعة 'راديو فرانس'. ومن المقرر عقد جلسة إجرائية أولى في 15 أكتوبر/تشرين الأول أمام الغرفة المتخصصة بقانون الصحافة، لكن في حال جرت دعوى، فهي لن تحصل قبل حوالي سنتين. ومن المتوقع أن تصطدم هذه الشكاوى بحكم صدر مؤخرا عن محكمة التمييز بعد رد عدة شكاوى قدمها المغرب، إذ اعتبرت المحكمة في 2019 أنه لا يمكن لدولة مباشرة ملاحقات بتهمة التشهير العلني لكونها ليست "جهة خاصة" بحسب تعريف القانون حول حرية الصحافة. لكن باراتيلي ينوي محاربة هذه السابقة القضائية غير المؤاتية، مؤكدا أنه "يمكن تماما قبول شكاوى" الدولة المغربية إذ أنها تتصرف "نيابة عن إداراتها وأجهزتها". في المقابل، أفادت صحيفة لوموند بأنها "تنتظر للتثبت من حقيقة هذه الملاحقات وفحواها"، فيما أعلنت محطة راديو فرانس أنها "تؤكد تضامنها التام مع وسائل الإعلام الدولية الـ17 التي كشفت القضية وتُذكر بأن لا شيء يمكن أن يثني الضرورة الديمقراطية للأخبار". وإذ اعتبرت المجموعة الإذاعية العامة أن الاستقصاء هو "ممارسة صحافية لا بدّ منها لحسن سير الديمقراطية"، شددت على "الأخلاقيات المهنية المتينة" لخليتها الاستقصائية واستقلاليتها. من جهته، قدم وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت الأربعاء شكوى في باريس ضد موقع ميديابارت ومديره بتهمة "التشهير والافتراء"، وفق ما أعلن محاميه رودولف بوسولو في بيان. وجاء في البيان أن الوزير المغربي يعتزم نقض "المزاعم المغرضة والافتراءات التي تنقلها منذ أيام وسائل الإعلام هذه التي توجه اتهامات خطيرة إلى مؤسسات يمثلها بدون تقديم أي أدلة ملموسة"، منددا بـ"حملة إعلامية". وتأتي شكوى لفتيت ردا على شكاوى ضد مجهول قدمها موقع ميديابارت في 19 يوليو/تموز بعدما تم التجسس على اثنين من صحافييه عبر برنامج 'بيغاسوس'.
مشاركة :