لا ينسى الكثير منا حواديت الآباء والأجداد التي دائماً ما كانت تحمل لنا أخبار العالم الغريب الذي لا نعرفه، ونتصوره دائما على أنه عالم المجهول الذي نعيش بداخله في طفولتنا. هذه الحواديت كانت بالنسبة لنا العالم الخيالي الذي نعيش بداخله الدقائق القليلة خلال رحلتها. كُل منا تخيلها كما أراد وكما رسمها له الآباء والأجداد، لكن لكل عصر حواديت مُختلفة تحمل معها صفات الوقت الذي نعيش فيه، فالحواديت اليوم اختلفت كثيراً عن حواديت الأمس إلا أنها تتشابه فيما تحاول غرسه فى أعماقنا. هذه الحواديت وإن كان البعض يعتقد أنها مجرد دقائق لتسلية وإمتاع الطفل إلا أنها لا تقل أهمية عن دقائق الأنشطة التعليمية التي تُعدها لطفلك لتعلم شيء ما، فالحدوتة تستطيع أن تمنح طفلك صفة جيدة ويمكنها أن تمحو أخرى غير حميدة. فهي كعصا سحرية تستطيع من خلالها زرع الكثير من الصفات ولكن عليك إجادة استخدامها بشكل إيجابي حتى تُبهرك بالنتائج التي ترضاها، فالحدوتة في طبيعتها وتكوينها تنقل أشياء لوعي الطفل وتُرسي صفات تود إكسابها للطفل وهي الأشهر والأكثر تداولاً وتناولاً بين الجمهور، إلا أنه يوجد الكثير من الحواديت التي تحمل في طياتها مناحي أخرى وتهدف لرحلات مُختلفة مثل الحواديت العلمية والتي تهدف لنقل الطفل في رحله بحثية واستكشافية عن المجرات والكواكب والأرض والنبتة والبذرة وغيرها من أشياء وهي بمثابة رحلة استكشافية تساعد الطفل للتعلم بطريقة ممتعة هذا النوع من الحواديت هو يسعى لخلق طفل باحث مُحب للاطلاع والاستكشاف والتجربة، والأمر لا يقل أهميه عنه في الحواديت الخيالية تلك التي ترسم للطفل خيالاً واسعاً وتتعمد جذب الطفل للتخيل والإبداع في الخيال فالأطفال بطبيعتهم لديهم قابلية للتخيل والإيحاء ورسم لنا مشاهد خيالية فنجدهم يتحدثون عن حربهم مع الأسود الشرسة وأنهم استطاعوا الطيران بأيديهم وأنهم خاضوا حروباً واسعة مع الأشرار، تلك الخيالات التي يعيشها الأطفال تحتاج منّا للتدخل لاستغلال طاقتهم التخيلية بشكل إيجابي، وهناك من جانب آخر الحواديت التي تتبنى القيم المجتمعية والدينية والتي تُرسي عند الطفل المفاهيم المجتمعية والعادات والتقاليد، وما هو مقبول للمجتمع وتتفق عليه الجماعة وما هو غير مقبول، وهي تتبنى منحى الوقاية خير من العلاج، فهي تساعد على عملية إدارة السلوك قبل تعديله، وهي من الحواديت التي دائما ما يلجأ إليها الأبوان فى حال احتياجهما لتعليم طفلهم قيما مثل التسامح والتعاون والإيثار وغيرها من القيم، كل هذه الحواديت قد تم تطويرها بشكل يلائم العصر ويلائم احتياجاته الأمر الذي وصل إلى جعل الحدوتة المصورة فى كتيب بسيط إلي مشاهد فيديو تروي الحدوتة بشكل أكثر إمتاعاً للطفل، ولكن لكل تحول هناك مزايا وأيضا عيوب فالتطور في شكل الحدوتة بجعلها غير روائية أفقدها فكرة التصفح فهي في حد ذاتها فكرة تحاول الحدوتة غرسها في الطفل وهي حب القراءة والمُطالعة، لذا فالتطور الذي يُحمد حقاً هو تطور سياق الحدوتة بما تناسب الوقت الذي تشهده فبرغم أن كل رحلة نخوضها تهدف لأمر ما إلا أن كل هذه الرحلات أساسها بناء طفل قارئ. وأخيراً فالحواديت لديها القدرة لمساعدة أطفالنا في تخطي الصعاب وجعلهم أكثر تحدياً للمشكلات، وجعلهم أكثر تكيفاً مع المجتمع، وأيضا جعلهم أطفالا باحثين، فهي تستطيع أن تُغير في طفلك الكثير، فقط عليك اختيارها بعناية ودقة، واجعل الدقائق الأخيرة في يومه رحلة ممتعة مع حدوتة قبل النوم. باحثة دكتوراة دراسات نفسية طفولة
مشاركة :