يوسف الخال لـ «الشرق الأوسط»: لا أساوم ولا أسمح لأحد بإهانتي

  • 7/30/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يرفض يوسف الخال الوصف المتسرع فور ذكر اسمه: الغاضب! «لست كذلك. على العكس تماماً، أنا حساس، أشهق تأثراً على مشهد درامي وأبكي في السينما، لكنني لا أساوم». تلتقيه «الشرق الأوسط» في حديث صريح. التعرف إليه عن قرب، يظهره حقيقياً أكثر، شديد التمسك بمواقف غير خاضعة للتنازل. يصبح منفعلاً أمام ما يسميها «الشللية» في الفن وازدواجية المعايير: «ألف لايك (إعجاب) على صورة لا يعني أنها الصورة الأجمل». نناقش جدلية القيمة الحقيقية، والطبع الذي يغلب التطبع. أبعده «الكوفيد» نحو سنة ونصف سنة، فالتزم الجدران خوفاً على والدته ووالدة زوجته، ورغم ذلك، لم يفلت من أهواله، فالحمد لله على سلامته. بالنسبة إلى النجم اللبناني، تفقد الأشياء طعمها في هذه الأوقات المرة ولا يستلذ المرء بنكهة أيامه فيما كل ما حوله يحبطه: «البلد يقتل الطموح والإيجابية. أصبحنا سوداويين». سنعود إلى حديث الأوطان ومآسيها، لكن دعنا الآن في شؤون الفن. من لا يريد يوسف الخال؟ من يفضل استبعاده؟ يكرر السؤال على نفسه: «من لا يريدني؟ لا أعرف. لا أظن أحداً. تنعدم الكيمياء بيني وبين البعض، ولن أدخل في الأسماء. ثمة من يريد الاتصال به بعد كل حلقة لشكره وتمجيده. المجد لله فقط. المنتج أيضاً موظف، وجميعنا بشر. الحياة قناعات، ولا شيء يستحق التنازل عن الكرامة من أجله». حاد يوسف الخال، مع التوضيح: «في بعض المواقف». يجزم: «لم أدخل في مشاكل وأتسبب في متاعب. لكن لا ينتظرن مني أحد التنازل عن حقي. كيف يعقل ألا يكون النص بين يدي ثم أسأل: لماذا لم تأت إلى التصوير؟ وحده الحق يجعلني أحتد». المسألة عنده على هذا الشكل، وقد يكون الأمر مكلفاً: «ينقطع التواصل بعد انتهاء العمل. لدي معارف، لكن لا أصدقاء لي. لست من الصنف الذي يرفع الهاتف ويذكر الآخرين به. كأنني بذلك أقول لهم: شغلوني. تذكروني في الأدوار المقبلة. أقوم بواجباتي في المناسبات والأعياد، لكن لا أسمح لأحد بإهانتي. لست مضطراً للمرور على مكتب المنتج يومياً لشرب فنجان من القهوة. أو أن أقول: (شو عندك إلى أستاذ؟). التواصل المجاني يخالف قناعاتي، ولا أعطي الأمور ما يفوق قيمتها». «لا، بالطبع!»، يجيب على سؤال إن كان يوافق على عمل ما دون المستوى للظهور والكسب المادي. لم يحصل يوماً على علامة الـ5/5 في أي عمل. وفي آن، لم يرض يوماً بعلامة 1/5. «كفنان، أنطلق من 3/5 لأكون راضياً. ينبغي لثلاثة عناصر أن تلعب لمصلحتي فأوافق على العرض». لوعته هذه الخلاصة: «الثقة لا ترمم. إن انكسرت، انتهى كل شيء». خدع وتورط، وفق قوله، بعدما منح ثقته وافترض أن الأمور تسير على السكة الصحيحة. اليوم يتعلم: «لا صداقات. العمل هو العمل». بدأ «من الصفر»، ووصل «درجة درجة إلى أعلى مراتب الصف الأول». يرفض ادعاءً يقول أنه لم ينل حقه كفنان في وطنه، ويؤكد: «بالعكس تماماً. نلت ما أستحق مع حبة مسك. أصبحت رقم واحد هنا في لبنان والأغلى أجراً هنا في لبنان، واشتريت منزلاً من تعبي الفني هنا أيضاً. أتى (الكوفيد) وغير أولويات كثيرة. الغياب لا يعني انتهاء الأثر. يشبه الأمر من حفر حفرة بإصبعه، ثم أخرج الإصبع منها. هل يعني ذلك أن مكان الإصبع لم يعد موجوداً؟ لا. هل يعني ذلك أن آخرين بإمكانهم ملء المكان؟ لا. المكان الذي هو لي سيبقى لي». ثلاثون حلقة عن والده الشاعر الراحل يوسف الخال، وثقتها والدته الرسامة مهى بيرقدار في مسلسل ينتظر أن يبصر النور. يكشف: «عمل ضخم، من أيام القطار في طرابلس حتى اغتيال (رئيس الجمهورية اللبناني السابق) بشير الجميل. تاريخ طويل وعلاقات مع أسماء كبيرة. ما فعلته أمي إنجاز. مسلسلات السيرة لم تعد موضة دارجة، لكن عملاً كهذا يوثق فنياً ومسرحياً وجمالياً حياة رجل أغنى صفحات لبنان المشرق». ابنه الذي يشبهه في الشكل، سيكون رائعاً لو قدم الدور بوفاء. يبتسم. لا يجد تعبيراً أدق من «الخذلان» لتوصيف المقتلة اللبنانية. «لقد خدعنا. أحد لم يتوقع أن يذبح شعب بأكمله». منذ ثلاثين سنة، والجملة نفسها: «الوضع ما منيح». يتألم يوسف الخال لسماعها كل يوم: «بنجونا وهم يحذرون من الآتي الأعظم. صرنا عرضة لكل أنواع الصدمة. عصرونا لدرجة أننا نشفنا. فلنعترف: نعم، الوضع سيئ. لبنان ليس صحن التبولة والحمص في كتاب غينيس. ولم يعد الأرز وتنورين وأغنيات فيروز. نحتاج إلى رائد لا قائد. إلى برنامج وخطة ورؤية وعقل وفكر». ماذا لو قدر ليوسف الخال أن يحكم؟ «كنت لأزيل حكم الطوائف واستبدله بحكم القانون. لن أنظر في السياسة والأنظمة. لبنان مريض بالطائفية، علاجه يتطلب إلغاءها والعبور إلى الدولة المدنية. المواطنة هي الحل». نبارك له حصوله وزوجته نيكول سابا على الإقامة الذهبية في الإمارات، فيرد بالشكر ويؤكد: «لم تطلب مني الحكومة الإماراتية شيئاً. إنهم يكرمون المواهب، ولا يريدون سوى الجمال في المبدع». ماذا لو هاجرت وعائلتك؟ أتعتبر خيانة أم قشة خلاص؟ الهجرة الطويلة ليست في باله. «قد أسافر لشهرين إلى دبي أو مصر، وأنتقل ضمن مشاريع إلى مرحلة سكن مؤقتة. إنه هروب مشروع من الاختناق، سينتهي حتماً بالعودة. الهجرة لها حساباتها، كأن أبيع منزلي وأصفي أملاكي. هذا ليس وارداً». يحضر لمسلسل من خمسين حلقة مع المنتج زياد شويري، والتصوير قريباً جداً على أن يعرض في الخريف. يرجو ألا يدفعنا الفضول إلى إكثار الأسئلة حول نوعه ومن بطلته: «لا يحق لي الإفصاح بعد». لا بأس، نحترم. بالتوفيق، وفي الانتظار.

مشاركة :