باريس - كشفت صحيفة 'لوفيغارو' الفرنسية اليوم الجمعة أن شركة عسكرية مقربة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تتولى إرسال دفعات من المرتزقة السوريين إلى أفغانستان، بينما تستعد تركيا لتولي حماية مطار كابول الدولي وفق تفاهم بين أردوغان والرئيس الأميركي جو بايدن في أول اجتماع بينهما على هامش القمة الأخيرة لزعماء حلف الناتو في بروكسل. ويسعى الرئيس التركي على ما يبدو لاستنساخ تجربة التدخل في كل من ليبيا والحرب الأذرية الأرمنية الأخيرة في إقليم قره باغ بجنوب القوقاز، بحيث يجنب القوات التركية المنتشرة في مناطق تدخلها الخارجي تكبد خسائر في الأرواح فغالبا يتم الدفع بالمرتزقة في الصفوف الأمامية لجبهات القتال. ولا يحتسب عدد القتلى من المرتزقة ولا يثير مقتلهم في جبهات القتال ضجة في الداخل التركي. وسبق أن تعرض أردوغان لانتقادات حادة على خلفية مقتل جنود أتراك في سوريا والعراق واتهامات بالزج بالقوات التركية في مستنقع حرب خدمة لطموحه الشخصي ولأجندته الخاصة وليس لمصلحة تركيا. وقالت سيلين مينوي كاتبة التقرير في 'لوفيغارو' إنه "بعد شمال سوريا و ناغورنو قره باخ وليبيا، تستمر تركيا في التوسع من خلال إرسال مرتزقة سوريين إلى أفغانستان هذه المرة عن طريق شركة عسكرية خاصة قريبة من أردوغان". وأشارت إلى أن مرتزقة أردوغان وهي مجموعات قتالية يجري تجنيدها غالبا من ميليشيات سورية موالية لتركيا في شمال سوريا تشرف عليها الاستخبارات التركية تمويلا وتدريبا، باتت تشكل قلقا بمجرد حلولها بأفغانستان. وتقول كاتبة التقرير إن المخابرات التركية اجتمعت في الرابع والعشرين من يونيو الماضي مع ميليشيات منضوية تحت الجيش السوري الحر وهو التشكيل العسكري الهجين الذي يضم فصائل متطرفة وأخرى معتدلة من بينها صقور الشام ، فيلق المجد ، فرقة حمزة أو السلطان مراد. وأوضحت أن الاجتماع كان يبحث إرسال دفعة من ألفي مقاتل إلى أفغانستان وأن تلك الميليشيات طالبت براتب 3000 دولار لكل فرد. وكان مرتزقة أردوغان يتقاضون راتبا بـ2000 دولار للفرد، لكن الأزمة المالية التي تعاني منها تركيا دفعت أنقرة لتخفيضه إلى 500 دولار فقط وأعادت دفعات منهم إلى شمال سوريا لتخفيف الأعباء ونقلت دفعات أخرى منهم إلى أذربيجان حيث انضموا لجبهات القتال في النزاع السابق في قره باغ ضد القوات الأرمنية. وتخلص كاتبة التقرير إلى أن تركيا يمكن لها بهذه الطريقة خدمة مصالحها في أفغانستان بأقل تكلفة. لكنها أوضحت في المقابل أن منظمات حقوقية ترى في تلك المنظمة (الشركة العسكرية المقربة من أردوغان) مافيا تتولى مهام نقل السلاح وأن مقاتليها حتى إن لم يكونوا من الجهاديين فإنهم تربوا على بيئة العنف القائمة على أسس دينية وهو ما يشكل خطرا. ووجد الرئيس التركي نفسه عالقا في ورطة بعد أن قبل عرضا أميركيا بتولي القوات التركية حماية مطار كابول الدولي مع استكمال الانسحاب الأميركي والأجنبي من أفغانستان. وكان القبول بالعرض الأميركي الذي مهدت له أنقرة ذاتها قرارا محفوفا بالمخاطر لكنه جاء في سياق محاولة الرئيس التركي استرضاء نظيره الأميركي بعد أشهر من التوتر على المستوى الشخصي وبعد خلافات حادة حول أكثر من ملف. ومن ضمن الملفات الخلافية ما يتعلق بالتدخلات التركية الخارجية إلى شراء أنقرة منظومة الصواريخ الروسية اس 400 الدفاعية ثم الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المسلحون الأكراد عمودها الفقري والمصنفين من قبل أنقرة تنظيما إرهابيا. ويضاف إلى تلك الخلافات رفض الجانب الأميركي تسليم نظيره التركي الداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة وتتهمه تركيا بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة في صيف 2016. كما توجه واشنطن باستمرار انتقادات حادة لتركيا على خلفية انتهاكها لحقوق الإنسان وقمع المعارضة ومصادرة الحريات الفردية والجماعية وحرية التعبير. ورفضت حركة طالبان بشدة نشر تركيا قوات في لحماية مطار كابول مشددة على أن امن ومصالح أفغانستان يحميها الأفغان. ودعت قبل فترة في بيان شديد اللهجة أنقرة للتراجع عن قرارها مؤكدة رفضها لوجود اي قوة أجنبية في الساحة الأفغانية حتى وان كانت تلك القوة من دولة مسلمة. ولوحت باعتبار القوات التركية هدفا مشروعا لهجماتها باعتبارها قوة احتلال.
مشاركة :