تحقيق إخباري: أزمة مياه حادة تهدد المواسم الزراعية بشرق وجنوب لبنان

  • 7/31/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

شرق وجنوب لبنان 30 يوليو 2021 (شينخوا) يقف المزارع السبعيني حامد التنوري مربكا حائرا وسط مشروعه الزراعي المترامي الأطراف في سهل غزة بشرق لبنان، لا يدري ما يفعل لإنقاذ مزروعاته الصيفية بعدما توقفت مضخات المياه العشر المركزة فوق آباره الجوفية نتيجة التقنين القاسي للتيار الكهربائي وعدم توفر الديزل لتشغيل مولده الكهربائي الخاص. ويواجه اللبنانيون ظروفا شديدة الصعوبة على صعيد توفر الغذاء والدواء والوقود في ظل تراجع احتياطي مصرف لبنان المركزي من العملات الأجنبية والشح في الدولار الأمريكي مما يمنع البلاد من استيراد الاحتياجات الأساسية. وأدى ذلك إلى نفاد الوقود وأزمة في انتاج الكهرباء التي لا تتجاوز ساعات التغذية بها ساعتين في اليوم بعد توقف معظم معامل انتاج الطاقة نتيجة نفاد مخزون وقودها مما اثر على كل قطاعات البلاد في ظل شح وارتفاع أسعار مادة الديزل لتشغيل المولدات الكهربائية الخاصة في الشبكة البديلة وتلك الخاصة بالأفران والمستشفيات والمرافق والمصانع والمؤسسات العامة. التنوري الذي يدير أيضا عدة مشاريع زراعية بشرق البلاد منذ ربع قرن، أوضح لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن التقنين في التيار وانقطاع الديزل أدى إلى نقص حاد في مياه ري المزروعات الصيفية والأشحار المثمرة كما في مياه الشرب. وأشار إلى أن أزمة المياه تفوق بحدتها مختلف الأزمات التي تعصف بلبنان وتهدد مواسم المشاريع الزراعية التي ينتظرها المزارعون لتأمين معيشتهم ودفع الديون المتوجبة عليهم لتجار الأسمدة والمبيدات الحشرية. كما تضرب الأزمة أصحاب المشاريع الزراعية البيتية التي توسعت وانتشرت بشكل كبير في الارياف اللبنانية تحت عنوان تأمين الاكتفاء الذاتي في ظل الفقر المدقع وغلاء الأسعار غير المسبوق للخضار الذي تجاوز خلال حوالي العام حدود الـ 600 في المائة. وأشار العديد من رؤساء البلديات في جنوب لبنان لـ((شينخوا)) إلى أن نسبة 90 في المئة من مضخات مؤسسات المياه والمشاريع المائية والآبار الجوفية توقفت عن العمل نتيجة التقنين الكهربائي القاسي وانقطاع الديزل. وقال رئيس بلدية الماري بشرق جنوب لبنان يوسف فياض لـ((شينخوا)) إن حوالي 122 بئرا ارتوازيا في سهول بلدات المجيدية والماري ومرجعيون والخيام قد توقفت بسبب عدم توفر الوقود والانقطاع شبه المتواصل للتيار الكهربائي. وأضاف أنه من شأن هذا الوضع غير المسبوق، الحاق خسائر فادحة بحوالي الف و 100 مزارع ينتظرون جني انتاجهم من الخضار والفاكهة في سهول 6 بلدات والذين لن يجدوا وسيلة لانقاذ مزروعاتهم التي باتت تذبل أمام عيونهم. وتحتل الزراعة في لبنان المرتبة الثالثة بين القطاعات الاقتصادية في البلاد بقرابة 7 في المئة من الناتج الوطني كما تؤمن دخلا لحوالي 15 في المئة من السكان. من جهته، أشار رئيس بلدية العباسية بجنوب لبنان علي عز الدين إلى أن مشكلة المياه لا تنحصر في القطاع الزراعي بل تتعداه إلى مياه الشرب حيث بدأت عشرات المدن والقرى في جنوب لبنان تعاني انقطاع مياه الشرب عن المنازل وأن الكثير من العائلات لجأت إلى الاستعانة بالصهاريج لتدبر أمورهم. وأضاف أن المشكلة تنحصر بتوقف محطات ضخ المياه بعد انقطاع المازوت وان الحل الانجع والجذري لتأمين التيار الكهربائي هو بالتوجه إلى الطاقة الشمسية لتشغيل مضخات المياه بحيث تم انجاز العديد من هذه المشاريع في عدة قرى جنوبية بتمويل من جهات دولية مانحة ومتمولين محليين. وأشار إلى أن بلدية العباسية تمكنت من تشغيل مضخات المياه التي تغذي البلدة والقرى المحيطة عبر الطاقة الشمسية، بحيث تم تركيب خلايا شمسية فوق قطعة أرض، مساحتها 2200 متر مربع، انتجت 250 أمبيراً من الكهرباء، كانت كافية لتشغيل محطات استخراج وضخ المياه لفترة ما بين 8 إلى 9 ساعات يوميا. ولفت إلى أن هذا المشروع وفر على البلدية قرابة 4 آلاف دولار أمريكي كانت تدفعها البلدية ثمنا للديزل اللازم لتشغيل المضخات. من جهته، قال نائب رئيس تعاونية مزارعي الشتول والزراعات العضوية في غزة بشرق لبنان فريد سعد لـ((شينخوا)) إنه أمام أزمة المياه الحادة لم يجد المواطن سوى شراء المياه التي تنقل بالصهاريج رغم ارتفاع تكلفتها البالغة 350 ألف ليرة لبنانية لكل 10 براميل (ما يوازي نحو 19 دولارا بحسب السوق السوداء)، وهو مبلغ يعجز المواطن العادي عن تأمينه بشكل دائم. وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) حذرت في وقت سابق من الشهر الجاري من أن أكثر من 4 ملايين شخص، ومن بينهم مليون لاجئ سوري، معرضون لخطر فوري لفقدان إمكانية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب في لبنان لأن شبكات إمدادات المياه على وشك الانهيار. ويعاني اللبنانيون منذ أكثر من عام من انهيار العملة المحلية في ظل أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة أدت لارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50 في المائة وتفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع شح في الوقود وفقدان الأدوية وحليب الأطفال.

مشاركة :