تتحرك أسعار الذهب بتأثير من العوامل الاقتصادية مثل مخاطر الائتمان وأسعار الفائدة والتغير في سعر صرف الدولار، ويستخدم الذهب كملاذ آمن حيث يرتفع الطلب عليه في أوقات الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية، أيضاً يحتفظ المتداولون في الأسواق المالية بنسبة معينة منه لغرض تنويع المحفظة والتحوط من التقلبات في أسعار الأسهم والعملات، الأصول الاحتياطية للبنوك المركزية لا تخلو من الذهب ولكن نسبتها إلى بقية الأصول انخفضت كثيراً عما كانت عليه بسبب نمو الاقتصادات وضعف نمو مخزونات الذهب حيث تشير أفضل التقديرات المتاحة لـمجلس الذهب العالمي إلى أنه استُخرج نحو 197,576 طناً من الذهب حتى نهاية 2019، فيما قُدر إجمالي الاحتياطات تحت الأرض 54,000 طن، الاقتصاد العالمي مر بصدمة قوية بسبب الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا، ومع بدء التعافي والعودة التدريجية للحياة الطبيعية يعتقد بعض المحللين أن هذا التعافي السريع هش وأن حزم التحفيز الاقتصادي التي بلغت قيمتها نحو 26 تريليون دولار ساهمت في تحقيق تعافٍ اقتصادي أسرع من المتوقع، والتداعيات الخطيرة للأزمة هي وصول معدلات الدين العام إلى مستويات عالية جداً، وهذا قد يكون مصدر قلق يستدعي البنوك المركزية إلى زيادة حيازتها من احتياطيات الذهب ومن المتوقع أن يزداد عدد البنوك المركزية التي تشتري الذهب بشكل كبير وفقاً لاستطلاع أجراه البنك المركزي لاحتياطيات الذهب (CBGR)، ويعتقد أن 20 في المئة من البنوك المركزية تعتزم زيادة احتياطاتها من الذهب خلال الفترة المقبلة، وهذه التحولات الاقتصادية قد تعيد تقييم دور الذهب وسط عدم اليقين المالي والاقتصادي المستمر الذي يعيشه العالم اليوم، وبالتالي سوف يتجه العالم خلال الفترة المقبلة إلى البحث عن اكتشافات جديدة للذهب وزيادة الإنتاج لمواكبة الطلب العالي المتوقع وقد بدأ العالم قبل أزمة كورونا أخذ خطوات في هذا الاتجاه ففي عام 2018، بلغ إنتاج مناجم الذهب العالمية 3332 طناً، ارتفع هذا الرقم بنسبة 2 في المئة عن عام 2017، وهو أكبر نمو سنوي وفقاً لمسح (GFMS) لعام 2019 وقد جاءت زيادة العملية الإنتاجية الأعلى في كل من الأرجنتين والولايات المتحدة وروسيا ومالي، المملكة العربية السعودية منذ إطلاق «رؤية المملكة 2030»، شهد قطاع التعدين السعودي اهتماماً غير مسبوق لجعل التعدين والصناعات التعدينية الركيزة الثالثة للصناعة السعودية، ومورد مهم من موارد الاقتصاد الوطني وعلى ضوء ذلك تم إقرار نظام الاستثمار التعديني الجديد الذي ينظم استثمار الشركات الوطنية والأجنبية في مجال التعدين، وفي آخر الدراسات الصادرة عن هيئة المساحة الجيولوجية السعودية تم اكتشاف 800 موقع للذهب في المملكة، وعلى الرغم من ذلك فإن الذهب لا يزال في باطن الأرض، بينما تنتج المملكة من خلال خمسة مناجم تملكها شركة معادن نحو أربعة أطنان من الذهب، بالرغم من وجود موارد تقدر بـ20 مليون طن من الذهب. الإنتاج العالمي من الذهب جاء ثلثه من ثلاث دول في عام 2020 هي الصين بحصة 10.6 % حوالي 368.3 طناً، وروسيا بحصة 9.5 % بحوالي 331.1 طناً، وأستراليا بحصة بلغت 9.4 % حوالي 327.8 طناً تلتها الولايات المتحدة بإنتاج 190.2 طناً ليضعها في المركز الرابع عالمياً، ثم خامساً كندا 170.6 طناً، والسادس غانا 138.7 طناً، سابعاً البرازيل 107 أطنان وفي المركز الثامن والتاسع عالمياً تأتي المكسيك وأوزبكستان بإنتاج 101.6 طن لكل منهما، ثم عاشراً إندونيسيا 100 طن، وقدر مجلس الذهب العالمي حجم إنتاج المعدن النفيس في إفريقيا بنسبة 26.8 % من إنتاج الذهب عالمياً خلال 2020، حيث أنتجت دول القارة 931 طناً من إجمالي نحو 3.48 آلاف طن الإنتاج العالمي. أسعار الذهب ارتفعت من مستويات أقل من 1100 دولار للأونصة في عام 2016 حتى وصلت إلى مستوى تاريخي في عام 2020 لتتخطى حاجز 2000 دولار، وذلك بعدما تعزز الإقبال على المعدن النفيس بفعل مناخ من أسعار الفائدة شديدة التدني، وحزم تحفيز لحماية الاقتصاد المتضرر من فيروس كورونا، ولكنها تراجعت بعد مؤشرات تعافي الاقتصاد العالمي وارتفاع نسب التضخم والحديث عن التوجه إلى رفع أسعار الفائدة، ومع ذلك يظل الطلب المتوقع على الذهب خلال السنوات القادمة محفزاً لزيادة الأسعار إلى مستويات عالية حيث قدرت مصارف "غولدمان ساكس"، "كوميرز بنك"، و"سي آي بي سي" أن يصل سعر أونصة الذهب إلى مستويات 2300 دولار، بينما يرى "بنك أوف أميركا" أن الذهب قد يصل إلى مستويات 3000 دولار للأونصة.
مشاركة :